الثورة- رفاه الدروبي:
سافرت سيدة إلى بلاد اغتراب حاملةً معها أعمالاً من التراث السوري على شكل قطع صغيرة من أعواد وكراسي القش وطاولات زهر، وهناك عندما زيّنت بها منزلها أبدى زوارها إعجابهم بها وبدؤوا الاستفسار عنها، هذه القطع كانت من إبداع الحرفي مأمون الحلاق الذي ورث مهنة الخراطة بالطريقة القديمة من آبائه وأجداه واستمرَّ بها أكثر من خمسة عقود ينفذ أعماله عليها لأنَّه وجد فيها شغفه وحبٌّه فأبدع بها، وهو يقوم بتشكيل قطع مصغرة من أجران الكبة والمهابيج والقباقيب بأشكالها والمكاحل وغيرها.
وأشار إلى أنَّه الوحيد وآخر حرفي في سورية يصنع تحفاً بآلة عمرها مئات السنين وينفذ التصاميم عليها.
شارحاً أقسام آلته البسيطة المؤلفة من الخشب والمزوَّدة بمثبِّت حديدي حيث توضع قطعة خشب بين ثناياها ليقوم بتشكيلها بأزاميله الصغيرة ويديرها بوساطة قوس رُكِّب في نهايته حبل، والآلة كانت مخصَّصة قديماً لخراطة الأرابيسك والموبيليا.
وأشار إلى أنَّ مهنته لم يعد لها وجود نهائياً بعد دخول آلات الخراطة الحديثة لكنَّه أصرَّ على متابعة العمل عليها ليعرض منتجاته في المعارض التراثية ويُريها للأجيال القادمة، لافتاً إلى أنَّه يعتمد على هواية الرسم في كل قطعه المصنوعة بصبر وأناة وجهد يزينها برسوماته بدقة وحرفية ويلوّنها بألوان ممزوجة بطريقة خاصة لتبرزها ريشته فتبدو وكأنَّها محروقة، مُبيِّناً ضرورة الحفاظ على التراث من الاندثار وتوجيه الأنظار له.