الثورة- ديب علي حسن:
ربما يحق لنا أن نطرح السؤال التالي: أين هي الحقيقة والصواب في كل ما نقرؤه ونتابعه أو في تاريخ البشرية المدون ..؟ ثمة مقولة ترى أن التاريخ يكتبه الأقوياء أو المنتصرون سواء أكانوا على صواب أم لم يكونوا.. أكانوا منتصرين لأنهم يدافعون عن الحقيقة أم لأنهم يريدون طمسها.. فهم من يكتب التاريخ الذي يظهر للعلن ويسردونه، ولكن تظل روايات أو سرديات أخرى مختبئة وراء الوقائع علينا أن نبحث عنها ونقارن ونعيد القراءة..
في تاريخ الصراع المعاصر بين الأمم أو الحضارات ثمة حروب اسمها حرب السرديات كل يعمل جهده لأن تكون سردياته هي الأقوى والأكثر انتشاراً ويزج بكل ما لديه من وسائل دعم ونشر لها.
كانت وسائل الإعلام التقليدية سابقاً هي الأساس في ذلك.. ومع الإنترنت أو الفضاء الأزرق غدت مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات هي المدونات التي تقدم السرديات، هذا ما يناقشه كتاب (شبه حرب: تسليح وسائل التواصل الاجتماعي)، حيث يرى مؤلفا الكتاب وهما (بي دبليو سينجر وهو محلل استراتيجي في “نيو أميركا” وأستاذ ممارس بجامعة ولاية أريزونا، ومدير شركة “يوسفول فيكشن إل إل سي”، وقد منحته مؤسسة “سميثسونيان” لقب أحد أفضل 100 مبتكر رائد في البلاد، واعتبرته “ديفينس نيوز” أحد أفضل 100 شخص مؤثر في قضايا الدفاع، ورأت “فورين بوليسي” أنه أحد أفضل 100 مفكر عالمي.
وإيمرسون تي بروكينغ هو أيضاً كاتب مقيم في واشنطن العاصمة وخبير في العلاقة بين وسائل التواصل الاجتماعي والصراعات، كما عمل مستشاراً في حرب المعلومات لمجلس الأمن القومي وهيئة الأركان المشتركة ومجتمع المخابرات الأميركية، وعمل سابقاً مساعداً لسياسة الدفاع وفي مجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
يرى المؤلفان أن أي حرب باتت حالياً مصحوبة بما يسمى بحروب السرديات حيث يطرح كل طرف أو فاعل في الحرب على الأرض سرديته التي يضع الأحداث في سياقها وبينما كان ترويج الإشاعات وغيرها من وسائل الحرب النفسية أحد الأسلحة الرئيسية المستخدمة في حروب السرديات فقد أخذت شكلاً جديداً مع انتشار منصات التواصل على الإنترنت وصاحب ذلك استقلال نسبي لحروب السرديات عن الحروب على الأرض، حيث تشابك الفاعلون وأصبح من السهل الولوج إلى عوالم الخصوم على الإنترنت دون الاشتباك معهم على الأرض.
في كتابهما “شبه حرب: تسليح وسائل التواصل الاجتماعي” يعرض الباحثان في شؤون الأمن السيبراني للعديد من الصراعات السياسية التي صحبتها حروب دعائية على الإنترنت، وفي بحثهما يكشفان الكثير مما يدور خلف شاشات يقبع أمامها قراصنة أو عسكريون محتالون.).
من هنا علينا دائماً أن نكون قادرين على المنافسة في هذه الحرب التي تفتك دون سلاح مادي.. وما يجري على أرض فلسطين دليل على خطورة حرب السرديات لانها ستكون وثيقة للتاريخ ويعمل الكيان الصهيوني على تضليل الرأي العام العالمي من خلال سرديات يوزعها هو ويضخها بشكل مستمر.. بل يذهب إلى استئجار وسائل إعلام عالمية من أجل نشرها.