الشعب الفلسطيني ومقاومته لقنوا العدو الصهيوني درساً لم يعهده منذ نشأة كيانه، وأثبت هذا الشعب المناضل أن الكيان الصهيوني كيان هش ومهزوز، ومستوطنوه باتوا مذعورين وأصبح جنوده المحتلون أسرى.
وأما هزيمة جيش الاحتلال أمام إرادة هذا الشعب فقد جعلت حكام الكيان يصابون بالهستيريا وأغضبت جنرالاته المتطرفين فلم يجدوا سوى قتل الأطفال الأبرياء، فارتكبوا عشرات المجازر خلال الأسابيع الماضية.
دمروا المنازل والمشافي والمؤسسات وقتلوا الآلاف من الأطفال والنساء، وبات أطفال غزة أيقونة على صدر صفحات الجرائد العالمية، وباتت القنوات تنقل صورهم ورسائلهم، وكم كان تأثيرها كبيراً على الرأي العام في مختلف بلدان العالم، فهذه الطفلة (هيا) باتت في الصدارة وهي تكتب: “نحنا بفلسطين بنكبرش”، و”إنْ نجتْ يدي فهذا اسمي”، و”مرحباً، أنا هيا، وسأكتبُ وصيتي الآن.
وهذه (تالا) التي عادت إلى أهلها حيّة ترزق بعد أن قضت أربعة أيام بلياليها تحت الأنقاض دون ضوء وطعام وشراب تقول للعالم: “في رئتي هواء يكفيني أياماً أخرى، كنت على يقين أنني سأخرج إلى النور والحياة.. إني صورة مصغّرة عن فلسطين التي ستخرج من تحت الرماد والدمار لتعلن انتصارات الحياة”.
ومثل هيا وتالا مئات وآلاف الأطفال، فقد كانت كلماتهم أكثر من معبرة رغم أن جملها بسيطة وكلماتها مختزلة، وباتت موجعة للكيان وجنرالاته الإرهابيين، لأنها عميقة وذات دلالات كبيرة، فقد اختصرت أحلامَ الطفولة في فلسطين وواقع احتلالها، وعرت ضمير الغرب المؤيد للجرائم، والذي يشد من أزر الكيان الغاصب ورغبة حكامه القتلة في استئصال الأمل وانتزاع الروح من أجساد الأطفال الأبرياء وإرهابهم وترويعهم.
أما أهلهم الصامدون فاختاروا أن يبقوا في أرضهم رغم الحصار والقصف والركام، ورغم أنهم باتوا بلا مأوى ولا طعام، ولا يأبهون بحصار عدوهم الذي قطع الماء والكهرباء والإنترنت ليفصل غزّة عن العالم، لكن غزة وأهلها باتت رغم كل هذا الإرهاب الإسرائيلي والفجور الغربي والصمت الدولي الضوء والمنارة التي ستكون الأساس المتين لجيل فلسطين لمتابعة المقاومة طريقها نحو استعادة كل شبر من الأراضي المحتلة وكل حق مغتصب.
جمال الشيخ بكري