الملحق الثقافي-غسان شمه:
يذهب صناع الفيلم الإيراني «الحرب العالمية الثالثة» إلى خيارات مؤلمة ونهاية صادمة تقوم على المزاوجة بين واقعية قاسية ورمزية تعبيرية في بناء شخصية بطل الفيلم في سيرورة تصاعدية من التوتر والانفعال النفسي إلى مآل تراجيدي ينتهي الحدث والبطل..
شكيب إنسان مسحوق ومصاب في روحه بفقده لزوجته وابنه بسبب الزلزال، وزاد الأمر سوءاً اتهامه بالهروب لإنقاذ نفسه فقط في الوقت الذي كان فيه في العمل.. ويصادف أن يعمل شكيب ورشة ضمن موقع تصوير سينمائي، حيث يدور الفيلم عن حياة المجرم النازي هتلر، ويصادف أن يصاب الممثل، الذي يؤدي دوره، بنوبة يموت على إثرها فيقع اختيار المخرج على شكيب للقيام بهذا الدور وهو لا يجيد التمثيل ولا يعرف هتلر، لكن تحت تصميم المخرج يقوم بذلك بعد إجراء التغييرات اللازمة بشكله لتصبح صورته قريبة جداً من صورة هتلر، لينتقل من السكن في غرفة حقيرة إلى منزل كبير وجميل..
تأتي إليه لادن التي كان يعيش معها وهي صماء، طالبة مساعدته بسبب هروبها من مشغلها، فيقوم بذلك ويخبئها في منزله رغم توقيعه على عقد يقضي بعدم استقباله لأحد.. ولكن مشغلها يصل إليه ويطالبه بها فيتعهد بدفع المبلغ الذي يريدونه مقابل تركها.. وعندما يذهب لدفع جزء من المبلغ يجعلها تختبئ، كما الأيام السابقة، أسفل المنزل الخشبي، وعند عودته يجد المنزل يحترق لأن صناع العمل فجروه بعد الانتهاء منه..
عند هذه النقطة يبدأ «التحول الوحشي» داخل هذا الإنسان المسحوق، الذي يجسد دور هتلر، ويرفض جميع المبررات بعد أن يفقد الأمل في كل شيء، ويصبح كتلة من الغضب الناقم على كل ما يحيط به نتيجة الفقد والخسارات، في تصوير يلعب على التوتر النفسي المتصاعد بإتقان فني وفكري يحول شكيب لنموذج شبيه بهتلر، وينتهي بانتقام بشع وشديد القسوة حين يضع سماً زعافاً في طعام طاقم العمل كله وينتهي الفيلم على صرخة «ساعدونا»..
فيلم يستحق التقدير والمشاهدة أكثر من مرة لغناه الفكري والفني، وهو بتوقيع المخرج موهان سيدي، وأدى شخصية شكيب محسن تنابنده بجمالية عالية.. وقد تم تقديمه يوم الأربعاء الماضي ضمن عروض «بيت السينما» التي تقام بإشراف فراس محمد ورامي نضال.
العدد 1169 – 28-11-2023