مازن جلال خيربك
تتراكم سيولة المصارف بعشرات آلاف المليارات من الليرات دون أدنى استثمار حقيقي أو حتى شكلي لها، في الوقت الذي تحتاج فيه السوق السورية والمواطن والاقتصاد لجزء من هذه السيولة لإعادة تفعيل الاقتصاد الكلّي وبالتالي المعيشي مجدداً.
الآلاف تلك تتكدس في الخزائن الاعتبارية للمصارف، والفوائد عليها تتراكم بالمليارات كذلك وإن لم يكن فبمئات الملايين من الليرات، دون وجود رافد مقابل لها بنفس القوة والمقدار لتعويض ما تدفعه المصارف عليها، والأنكى من كل ذلك أن مصرفاً متهالكاً ميئوساً من وضعه في طريقة إدارته الحالية يخرج علينا ويقول بأنه رابح!
هل من عاقل يصدّق أن مصرفا لا يُقرض أحداً ولا يستثمر ماله في شيء ولا يتمكن من تمويل شيء يربح، بل ويفرح بما يزعم أنه ربحه!
القرض المسمى قرضاً سكنياً هو قرض مخجل لا يمكن له شراء غرفة في منطقة عشوائيات خارج دمشق وليس في دمشق المدينة، والتصاريح متلاطمة كما البحر الهائج حول العزم على رفع قيمة القرض الى 150 مليون ليرة سورية، أي يمكن عندها شراء غرفة في السكن العشوائي.. طبعاً هي عملية شراء لا يمكن ان تتم لأن القرض لا يُمنح إلا لعقار يحمل صفة الأخضر في ملكيته أي طابو اخضر، في حين ان السكن العشوائي لا يدخل ضمن الطابو وبالتالي فهذا القرض من بدايته إلى نهايته.. ضحك على اللحى.. وتحديداً لحية المصرف نفسه لأن الجميع يعرف أنه لا يكفي لشراء جدار..
غريب هو امر القطاع المصرفي لدينا، والأغرب ان كل سؤال يُجابه بجواب بيزنطي متشابك لدرجة ان قائله من صفوف المصرف لا يمكن له إعادته وترتيبه مرة اخرى، فالصرافات الآلية خارج الخدمة لأسباب لا تزال موضع نقاش منذ سنوات خمس في العقاري وحتى اليوم، والتعيينات مخجلة وتعكس قدرة مقترحها، اما الكفاءات فباتت مكروهة فيه وغير مقبولة لديه على الإطلاق، في وقت يعاني فيه المصرف من ترهّل شديد وهجرة غير مسبوقة للكفاءات وفي نفس الوقت تبدو التصريحات الخارجة منه مختالة شديدة النفج والخُيَلاء.. والسؤال: إلى ماذا استند كل هذا!
وضع بعض المصارف كالعقاري يعكس واقع جزء مهم من القطاع المصرفي، وهو واقع لا بد له من إعادة نظر لكون هذا القطاع حجر زاوية – كما يُفترض به ان يكون- في النهوض الاقتصادي.. ولعل تجربة الصرافات الآلية والقروض العقارية خير دليل على ضرورة “تنجيد” الكراسي المصرفية كلها.