جو بايدن يقفز كالكنغر السياسي فوق كل الأحداث في غزة وقبل أن تنطفىء النار الملتهبة هناك ينسج كل من الرئيس الأميركي ونتنياهو خططهم من الخيال لمصالحهم المستقبلية ويتناقشان فوق جثث الأطفال والنساء وكل الدمار والحرائق على مستقبل خرائط السيطرة على القطاع ما بعد الحرب ويرفعان صوتهم واثقين من النتائج في غرف العمليات المشتركة واستخباراتها قبل الوصول حتى لأحد أنفاق غزة!! بينما تلتقط الصحف والتحليلات تمتماتهم السياسية وتحللها في المخابر الإعلامية لإراقة الدم الفلسطيني على أنها قد تكون خلافاً بين أميركا وإسرائيل في الحرب على غزة.
بايدن يشرب نخب إجرامه مع نتنياهو ويتحدث إعلامياً عن أن إعادة احتلال القطاع من قبل إسرائيل ليس حلاً مناسباً بينما يهمس في أذن نتنياهو أنه صهيوني أكثر منه حتى لو لم يكن يهودياً.. فهل اختلاف وجهتي النظر الأميركية والإسرائيلية حول مستقبل قطاع غزة يعني تغيراً في الموقف الأميركي وهل التغيير في المواقف بات متاحاً بعد تورط أميركا بقتل ٢٥ ألف فلسطيني بأداتها الإجرامية الصهيونية والسؤال الأهم إذا كانت واشنطن هي من تدعم إسرائيل عسكرياً وتشرف على عمليات الإبادة الجماعية لأهلنا في غزة ومتفقة مع النهج الإجرامي للكيان الصهيوني في الحرب هل سيختلف بايدن ونتنياهو على النتائج!!
ربما من الأكثر دقة أن نستخدم عبارة العدوان الأمريكي على قطاع غزة، بدلاً من أن نتعامل مع الأمر على أنه عدوان إسرائيلي فقط وهي جملة تعبر عما يجري حقيقة على أرض الواقع في قطاع غزة عسكرياً وسياسياً فمنذ الأيام الأولى للعدوان على غزة أرسلت الولايات المتحدة حاملتي الطائرات أيزنهاور وفورد، وسفناً نووية لتقديم أنواع الدعم والحماية للكيان الصهيوني وقالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن جيش الإسرائيلي ألقى ٢٢ ألف قنبلة على قطاع غزة، زودته بها الولايات المتحدة كما أرسل بايدن قنابل تزن الواحدة ٩٠٠ كيلوغرام مخصصة لاختراق التحصينات، وأرسل أكثر من ٥٠ ألف قذيفة مدفعية لإسرائيل بالإضافة لصواريخ «GBU» الأمريكية لهدم المباني والتحصينات الخرسانية، بحثاً عن أنفاق فصائل المقاومة.
كما شاركت طائرات إف ١٦ الأمريكية في الحرب على أطفال غزة، وهي تحمل هذه القذائف التي طورتها شركة لوكهيد الأمريكية، وهي التي تسببت في صنع حفر عميقة في الأرض والشوارع والمناطق السكنية.
هناك أيضاً قنابل GBU 28 وتسمى مدمرة الملاجئ، وهي نوع خاص من القنابل الخارقة للأرض، وقد تم تجريبها قبل ذلك في ٥ حروب، خصوصاً في أفغانستان والعراق وكوسوفو. وعلى ذمة “واشنطن بوست” فإن إسرائيل أسقطت في أسبوع واحد ٦ آلاف قنبلة على غزة، في حين أسقطت أمريكا على أفغانستان ٧٤٢٣ قنبلة خلال عام كامل، علماً بأن قطاع غزة صغير جداً من حيث المساحة.
لم يكن الدعم الاميركي عسكرياً بل كان سياسياً ودبلوماسياً في العدوان على عزة إلى درجة غير مسبوقة هرول فيها بايدن إلى الأراضي المحتلة في فلسطين ليقول إنه إن لم تكن إسرائيل موجودة لأوجدناها !! وبعده جاء وزير الدفاع لويد أوستن ليقول إن مخازن الجيش الأمريكي مفتوحة أمام إسرائيل لتأخذ منها ما تشاء، وجاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ست مرات منذ بدء العدوان، وكان الأكثر وضوحاً حينما قال: «جئت إلى هنا باعتباري صهيونياً قبل أن أكون وزيراً للخارجية الأمريكية»، واستخدمت واشنطن سلاح الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور قرار لوقف إطلاق النار في غزة فهل كانت أميركا ستفعل أكثر من ذلك إذا خاضت الحرب بنفسها!
ثم يخرج من يقول إن الإدارة الأميركية قد تغير موقفها من دعم إسرائيل في حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينين
نتنياهو سقط سياسياً وسقطت معه السمعة الاستخباراتية والأمنية والعسكرية للكيان الصهيوني ولكن بايدن بدعمه الأعمى لإسرائيل أسقط أميركا كلها أخلاقياً لتتحول الدولة العظمى إلى دولة إرهابية تقتل الرضيع في مهده أو حتى في بطن أمه.. هكذا تسقط الدول العظمى في فخ العمى السياسي الذي لم يبدأ بغزة ولكنه حتماً سينتهي عندها. ولا خلاف بين نتنياهو وبايدن لكنها تكتيكات الأخير للخروج من ورطة تدمير قطاع غزة ومحاولة غسل يديه من دماء الفلسطينين لذلك وأكثر يقفز بايدن كالكنغر فوق الواقع في غزة لأنه مهدد بالسقوط وفي جيبه نتنياهو!