دمشقُ إذا غبتِ عن ناظري .. فرسمُك في حـسنه الـزاهر

عمار النعمة
السوريون عبر التاريخ يسجلون بصماتهم على جدران الزمن نضالاً وثقافة وفناً وابداعاً، ولاشك أن المرأة السورية أثبتت جدارتها في هذا الاتجاه فكانت جزءاً فاعلاً في حياة الناس والمجتمع.
ماري بنت عبده بن يوسف عجمي الأديبة والمناضلة تمر ذكرى وفاتها هذه الأيام لنستذكر معها محطّات مهمة في تاريخ سورية، فهي الشاعرة التي ولدت في دمشق، في حارة في المدينة القديمة خلف كنيسة القديس يوحنا الدمشقي الأرثوذوكسيّة، لتبدأ مسيرة طويلة من عملها الأدبي والصحافي والنسوي الذي انتهى بوفاتها سنة 1965.
تعتبر عجمي من أشهر الشخصيّات النسائيّة السوريّة في العصر الحديث، فكُتبت عنها مئات المقالات وبعض الكتب، ومُثلت شخصيتها في مسلسلات تلفزيونيّة، لدورها المهم والأساسي في الحياة الثقافيّة والاجتماعيّة السوريّة في بدايات القرن الماضي .
تلقّت علومها الأولى في المدرستين الروسية والإيرلندية، وتمكنت من اللغتين العربية والإنكليزية، وهذا فتح لها أبواب التعليم والترجمة، وأتاحت لها متابعاتها ومواهبها أن تثبت جدارةً في الأدب شعره ونثره، وفي العمل الصحفي والمحاضرة في المنتديات، وفي النشاط الاجتماعي الموصول بالعمل الأدبي والثقافي.
درست ماري فن التمريض في بيروت، ولم تكمله، فالتفتت إلى التعليم في المدرسة الروسية 1906م، وأتاح لها استقرارها أن تراسل عدداً من الصحف والمجلات بما تكتبه، مثل «المقتبس» في دمشق و«المهذب» في زحلة و«الإخاء» في حماة و«الحسناء» و«لسان الحال» في بيروت وغيرها، وكان لها نشاط في مصر في حقل التعليم في بور سعيد والاسكندرية، وفي العراق، لمُدَدٍ غير طويلة، إضافة إلى عملها السابق في لبنان وسورية، ولكن العمل الذي استهواها وطبَعها بطابعه وأتاح لها تفجير طاقاتها الحقيقية كان الصحافة التي فتحت لها نوافذ الأعمال الأدبية المختلفة، وعرفها الناس من خلالها، ووصلت يدَها من خلال ذلك بأدباء من أعلام عصرها.
في نهاية سنوات عصر السلطنة العثمانيّة وبالتحديد سنة 1910، أسّست ماري العجمي مجلة العروس في مدينة الاسكندريّة المصريّة و(تقول مصادر أخرى إنّها أُسّست بداية في مدينة حمص السوريّة) ومن ثمّ نقلت مركز نشاطها إلى مدينتها الأم، دمشق، والتي بدأت باثنين وثلاثين صفحة لتزداد بعدها إلى أربعين صفحة قبل أن تتوقف عن الصدور في العام 1914 بسبب اشتعال الحرب العالميّة الأولى.
عادت المجلة إلى الظهور بعد وضع الحرب أوزارها سنة 1918، محتويّة على ستين صفحة، وكتب فيها أشهر أعلام الأدب والصحافة في سورية والعالم العربي آنذاك، من أمثال: جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وإيليا أبو ماضي، ومعروف الرصافي، وعباس محمود العقّاد.
أسّست ماري عجمي بالتعاون مع نازك العابد، المناضلة السوريّة التي قادت الحركة النسائيّة السوريّة وطالبت بحصول المرأة على جميع حقوقها السياسيّة والاجتماعيّة النادي النسائي الشامي أو الدمشقي، وضم نساء من عائلات دمشقيّة وبرجوزايّة عريقة، وهدف بشكل رئيسي إلى تحرير المرأة من القيود المجتمعيّة المحافظة، وإلى حصول المرأة السوريّة على جميع حقوقها.
شاركت ماري عجمي في نظم الشعر، ونشرت شيئاً من شعرها، وكثر اهتمامها بالقضايا الاجتماعية المختلفة، وبحب الطبيعة، وخصوصاً طبيعة دمشق وغوطتها، فقالت:
دمشقُ إذا غبتِ عن ناظري
فرسمُك في حـسنه الـزاهر
مقيمٌ على الدهر في خاطري
إذا فتّح الوردُ في روضتك
وغنّى الهزارُ على دوحـتك
يهـبُّ نسيمُ الصبا هـاتفاً
أما والذي طاب من تربـتك
سمعتُ شتاتَ الأغاني فما
اهتززتُ اهتزازي لأنشودتك
ناضلت عجمي ضد سلطات الاستعمار المختلفة، كما ناضلت من أجل حقوق أفراد معظم طبقات المجتمع، ولا سيما الأطفال والنساء.
بعد إيقاف مجلة «العروس» التفتت ماري إلى أعمالها الأخرى من التأليف والترجمة والكتابة في الصحف والمجلات ومراسلة بعض الإذاعات، والانخراط في أنشطة عدد من الجمعيات الثقافية والاجتماعية، ممارسةً وخطيبةً؛ ولاسيما في الجمعيات النسائية.
توفيت ماري عجمي في دمشق عن 77 عاماً، بعد مرحلة مرض طويل في مدة عاشتها منعزلة عن الناس .

آخر الأخبار
مصفاة بانياس تدعم مهارات طلبة الهندسة الميكانيكية بجامعة إدلب الأونروا: الوضع في غزة يفوق التصور الاحتلال يستهدف خيام النازحين في خان يونس ويهدم عشرات المنازل في طولكرم اللاذقية: تحسين الخدمات في المناطق المتضررة بالتعاون مع "اليونيسيف" حذف الأصفار من العملة المحلية بين الضرورة التضخمية والتكلفة الكبيرة نقص كوادر وأجهزة في مستشفى الشيخ بدرالوطني الصحافة في سوريا الجديدة مليئة بالتحديات والفرص بقلم وزير الإعلام الدكتور حمزة مصطفى "الأشغال العامة": دورات تدريبية مجانية في قطاعي التشييد والبناء درعا.. إنجاز المرحلة الأولى من تأهيل محطة ضخ كحيل تفعيل العيادات السنية في مراكز درعا تأهيل مدرسة في بصرى الشام حول عقد استثمار الشركة الفرنسية لميناء اللاذقية.. خبير مصرفي: مؤشر جيد قربي لـ"الثورة": استثمار ميناء اللاذقية الجديد يعكس ثقة دولية وزيادة بالشفافية متجاوزاً التوقعات.. 700 ألف طن إنتاج سوريا من الحمضيات في 2025 الرئيس الشرع يلتقي بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل درعا: مطالبات شعبية بمحاسبة المسيئين للنبي والمحافظة على السلم الأهلي "مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان