الثورة – حمص – سلوى إسماعيل الديب:
“في مقام الحزن لا جدوى من الكلمات، وحدها الحسرات والدموع تكتب أساها بحبر الغياب، كلمات خرجت من القلب”.. هكذا تناولت رئيس فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب الراحل الأديب الشاعر محمد حسن العلي، الذي فقدته الساحة الثقافية مؤخراً، فرثاه أصدقاؤه ومعارفه على صفحاتهم في مواقع التواصل.
التقينا مع ذويه وأصدقائه لنتعرف على رصيده الثقافي، وما تركه من أثر ثقافي، فتحدثت أخت الراحل الزميلة الإعلامية الأديبة ربا العلي عن الراحل: هو رجل وبطل وسند، إنسان من الدرجة الأولى، شعرت بغيابه في كل شيء، وبأن الأعلام نكست في ساحات روحي لهذه الحياة.
اليوم طالني اليتم بسوطه بعد أن رفع عني حيفه مذ كنت في الرابعة عشرة من عمري، حين توفي أبي رحمه الله، وكفلَّ الراحل تربيتنا، فكان خير الأب والأخ والصديق كريماً ودوداً سمحاً، وعلى خلق كريم يشع وجهه نوراً.
أضافت ربا: كان معلمي في الصف الأول أثناء دراسته للحقوق، قبل أن يلتحق بكلية الشرطة، تربينا على أكفه البيضاء خير تربية إخوة وأولاداً، كان مثالاً للابن البار والزوج الصالح كان مقصداً للفقراء، حيث لا يرد أي منهم خائباً عن مناهل خيره التي لا تعد، كان شاعراً دمثاً تشهد له المنابر وأصدقاء الكلمة، كان ضابطاً مقداماً لواءً من الصف الأول، خسرناه في الساحات العسكرية والاجتماعية والثقافية، كان فقيداً للوطن بأكمله، اليوم فقدنا من ظللنا بعطفه، لن يسد مكانه أحد، فهو درة التاج وأيقونة النقاء الأبدي رحم الله أخي اللواء والشاعر محمد حسن العلي.
الشاعر إبراهيم الهاشم، قال: عندما التقيت الفقيد الكبير الشاعر محمد حسن العلي للمرة الأولى شعرت أنني ألتقي مع هالة من الضياء، وأن هناك قرابة تربط بينه وبين مطلع الشمس، وفي لقاءاتنا اللاحقة تأكدت أنه يمشي على قدمين.
كان شفافاً كالدمعة، نقياً كماء الينابيع في سفوح الجبال، وعالي الرأس كصواري المراكب، فقدانه ورحيله خسارة مؤلمة للأدب والشعر والنقاء، ولكل من عرفه عن قرب، إلى جنة الخلد أيها الفقيد النقي الذي ازدان به وجه الإنسانية.
وتحدث الأديب عيسى إسماعيل عن الراحل : استأثرت بالراحل في الأسبوع الأخير من العام الماضي، فأهداني بعض دواوينه، والحق إنه يمتلك ديباجة شعرية أصيلة، فقصيدة العمود تثبت على وزنها خالدة خلود الزمن ولها مبدعوها، ومنهم الراحل محمد حسن العلي، فعلى الرغم من مسؤولياته، قبل تقاعده كضابط في قوى الأمن الداخلي، كان مولعاً بالقراءة والكتابة، شاعر له بصمته في القصيدة العربية الأصيلة أو القصيدة العامودية كما تسمونها، مواضيعه متنوعة ولكنّ الموضوع الوطني والقومي هو الأكثر حضوراً والأكثر قوة في شعره، وعندما كان يحضر المؤتمرات العربية، بصفته ضابطاً، أو شاعراً، كان الرجل بقصائده وبكلامه يجذب المستمعين، وكأن على رؤوسهم الطير، وحجته ودافعه وبرهانه ساطع، ويتماهى في شعره عشق سورية وعشق العروبة، فاز الراحل بجوائز عربية من جامعة الدول العربية، وطُلب منه أثناء زيارته إيران أن يعيد إلقاء قصائده، لما تحمله من صدق المواقف وعزيمة وصمود يعكس بطولة وصمود جيشنا وشعبنا بوجه الصهاينة وعملائهم.
واختتم إسماعيل: لا ننسى دوره الفاعل في مجلس اتحاد الكتاب العرب الذي كان عضواً فيه، العزاء لزميلنا الدكتور محمد الحوراني ولأعضاء الاتحاد وللمثقفين والأدباء عامة، وتحية لقريته أم السرج التي أبصر النور فيها.
نبذة عن حياة الراحل..
كان مدير إدارة التوجيه المعنوي في وزارة الداخلية، ولد في محافظة حمص عام 1959، حصل على إجازة في الحقوق عام 1984، عضو في رابطة المحاربين القدماء، عضو مشارك في اتحاد الصحفيين، وعضو في لجنتي التزكية والشعر في اتحاد الكتاب العرب “جمعية الشعر”، حائز على جائزة الرواد والمبدعين من الجامعة العربية 2008.
له سبعة دواوين شعرية: شمس الحق، شيخ الجهاد، حكاية لا تقبل النسيان، ضفائر الربيع، عندما غنى القمر، قل للرصاصة، تيجان الحب.
اشترك في تأليف أربعة كتب صدرت عن جامعة دمشق واتحاد الكتاب العرب وهي: القدس، والملحمة السليمانية، الشهيد قاسم سليماني، وثورة الإمام الحسين وأثرها على الثورات اللاحقة، وله خمسة دواوين مخطوطة، وديوانان عن المقاومة وديوان زجل لم ينشروا.