الثورة – ناصر منذر:
في ظل مواصلة الاحتلال الإسرائيلي، استخدام الجوع كوسيلة حرب، يضاعف من خلالها الضغط على الفلسطينيين في قطاع غزة، لدفعهم للتهجير القسري، قال رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأرض الفلسطينية المحتلة جوناثان ويتال إن ما نراه في غزة هو “مذبحة، واستخدام للجوع كسلاح، وتهجير قسري، وحكم إعدام على أشخاص يحاولون فقط البقاء على قيد الحياة”، مضيفا أن كل ذلك مجتمعا “يبدو أنه محو للحياة الفلسطينية” من القطاع.
ونقل موقع أخبار الأمم المتحدة عن ويتال قوله للصحفيين أثناء زيارته لدير البلح وسط القطاع، أن الناس في غزة يُقتلون وهم يحاولون الوصول إلى الغذاء بينما ينصب اهتمام العالم في مكان آخر. مؤكدا أنه تلقى معلومات تفيد بمقتل أكثر من 400 شخص منذ رفع المنع الكامل للمساعدات بشكل جزئي قبل أكثر من شهر بقليل – غالبيتهم ضحايا إطلاق النار أو القصف أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع التوزيع الأميركية – الإسرائيلية التي قال إنها “أقيمت عمدا في مناطق عسكرية”، مشددا أن هناك “نمط مخيف لفتح القوات الإسرائيلية النار على الحشود المتجمعة للحصول على الغذاء”.
وأضاف: إن بعض الأشخاص قُتلوا أو جُرحوا على يد عصابات مسلحة، بعضها تعمل في مناطق قريبة من القوات الإسرائيلية، وغالبا ما تستهدف القوات الإسرائيلية أولئك الذين يحاولون حماية قوافل المساعدات. مشيرا إلى أن منسق الإغاثة الطارئة توم فليتشر، كان قد دعا مجلس الأمن الشهر الماضي إلى التحرك بحزم “لمنع الإبادة الجماعية في غزة”، مضيفا: “يمكنني القول بلا شك إنه لا يتم بذل جهود كافية. لا تزال حياة الفلسطينيين وما يدعمها يتم تفكيكها بشكل منهجي أمام أعين العالم”.
وقال رئيس مكتب أوتشا إن “الأطفال في غزة يصطفون في طوابير للحصول على المياه وغالبا ما لا تصل شاحنات، والمستودعات الإنسانية فارغة بينما تقيد إسرائيل الكميات التي تدخل القطاع، فيما تفر العائلات بلا شيء – “وليس لدينا ما نقدمه لهم”، وقد تم “ضغط جميع سكان غزة” في حوالي 17 في المائة من مساحة الأرض. والمستشفيات مثقلة بالضغوط، ويقنن الوقود لمنع الإغلاق الكامل للمزيد من الخدمات المنقذة للحياة، فيما يتزايد الجوع وسوء التغذية مع استمرار السلطات الإسرائيلية في منع العاملين الإنسانيين من التوزيع من خلال الأنظمة المجربة والفعالة”.
وأضاف: “مع استمرار العمليات العسكرية من الجو والبر، لا يزال هناك تجاهل مشين للقانون الإنساني. تتعرض حياة الناس وكرامتهم للهجوم كل يوم. كل ما وصفته يمكن منعه تماما. هذه ظروف خلقت للقتل”. وأكد أن إسرائيل تتحمل مسؤوليات واضحة، بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، وما يحدث في غزة “ليس ما يبدو عليه الوفاء بتلك المسؤوليات”.
وشدد على وجوب أن تكون هناك مساءلة عن الجرائم المرتكبة و”ضغط سياسي واقتصادي ملموس من الدول لإنهاء هذا”. وأكد على الحاجة إلى وقف إطلاق نار دائم، مضيفا: “هذا هو الحد الأدنى. إن التقاعس يمكن من ارتكاب فظائع تقاس بأرواح البشر”.
يشار إلى أنه منذ 27 أيار الماضي، بدأت سلطات الاحتلال تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات محدودة بعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية ، وذلك عبر ما تُعرف بـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي مدعومة إسرائيليا وأميركيا ومرفوضة من الأمم المتحدة.
وقد وصل عدد الضحايا الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز توزيع غذاء ومساعدات بـ”الآلية الأميركية – الإسرائيلية” إلى 467 قتيلا و3602 مصابا، فيما لا يزال 39 شخصا مفقودين، حسب وزارة الصحة بغزة والمكتب الإعلامي الحكومي.
وكان المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، قد قال قبل يومين، إن ما يُسمى بـ “آلية المساعدات” التي أُنشئت مؤخرا هي “عمل بغيض يُذل ويُهين الناس اليائسين. وهي عبارة عن فخ للموت تؤدي لفقدان أرواح بأكثر مما تُنقذ”، مضيفا أنها تمثل “ذروة عشرين شهرا من الرعب، والتقاعس، والإفلات من العقاب”.
وأوضح لازاريني، وفق ما نقل عنه موقع أخبار الأمم المتحدة، أن مليوني شخص يتعرضون للتجويع في غزة حيث “يتم تسليح الطعام، وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، دون أي عواقب”. مشيرا إلى أن أكثر من 55 ألف شخص قُتلوا – معظمهم من النساء والأطفال – في حين أن أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة “هم مجرد ظلال لما كانوا عليه سابقا؛ فقد تغيرت حياتهم إلى الأبد جراء الصدمات التي لا توصف ونتيجة لخسارات فادحة”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب قوات الاحتلال بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة، خلفت حتى الآن أكثر من 187 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
