في امتحان الاجتماعيات.. طلاب لـ”الثورة”: أسئلة متفاوتة لجميع المستويات

الثورة – لينا شلهوب:
تقدّم طلاب مرحلة التعليم الأساسي اليوم بالمادة الثانية من موادهم التي يخوضون فيها امتحانهم وهي مادة الاجتماعيات (التاريخ والجغرافية)، وبدت هذه السنة مختلفة على اعتبار أنه تم إلغاء مادة الوطنية التي كانت تشكّل هاجساً لدى الطلاب، حيث أنهى الكثير منهم امتحانهم بكل تفاؤل ومعنويات عالية، مؤكدين ان الأسئلة كانت شاملة وسهلة، ومنوّعة، واتسمت بالسلاسة والفهم دون وجود أي منغصات.
وخلال جولة لـ “الثورة” على عدد من المدارس في كفرسوسة والبرامكة، أكد معظم الطلاب أن الأسئلة احتوت على نماذج سهلة ومرنة، لكن لفت البعض إلى الضغوط النفسية التي تسبق الامتحان، والتي لا تقل ثقلاً عن صعوبة المواد نفسها.
يقول الطالب عبد الرحمن من دمشق: “منذ أسابيع لا أستطيع النوم جيداً، أشعر أن مستقبلي كله يتوقّف على هذه الأيام، الجو في البيت مشحون، وكلنا نحاول أن ننجح رغم وجود الكثير من المنغصات، فالبيئة الامتحانية ذاتها، لا تخلو من منغصات تؤثر على الأداء، منها نقص التدفئة أو التبريد، والانقطاعات الكهربائية، وضعف جاهزية المراكز الامتحانية، هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تشتت التركيز وتفاقم التوتر النفسي، خصوصاً في ظل مركزية الامتحان وارتباط نتيجته بمستقبل الطالب التعليمي.
وتضيف ميساء: أدرس كثيراً، لكن أشعر أحياناً أن التوتر ينسيني كل شيء يوم الامتحان، تمنيت لو أن المدرسة خصصت وقتاً لدعمنا نفسياً أكثر، لأن الضغط أحياناً يكون خانقاً.

فيما لفتت حنين القنطار ولين القنطار من مركز حسن شعيرية في كفرسوسة إلى أن أسئلة الجغرافيا كانت واضحة وسهلة، خاصة الخريطة، إذ كان المطلوب تحديد موقع كلّ من دمشق وإدلب ونهر الفرات، لكن التاريخ فيه بعض الأسئلة غير المباشرة، وتعتمد على الحفظ الحرفي، وهذا صعب بعض الشيء.
بدورها الطالبة غنى الحمصي من مركز عباس العقاد في كفرسوسة، أشارت إلى أن الأسئلة كانت متوازنة نوعاً ما، شاملة ومنوّعة، لكنها سهلة واستهلكت الوقت كله، مضيفة أنه على الرغم من أنها من ضمن المنهاج، لكنها بحاجة إلى دراسة معمقة وفهم جيد، ومن درس بجد يستطيع الحل، لكن هناك أسئلة تطلبت تفكيراً وتحليلاً أكثر من المعتاد.

اختبار الفهم وليس الحفظ

عدد من المرشدين التربويين أشاروا لـ”الثورة” إلى غياب برامج الدعم النفسي الممنهج في معظم المدارس الإعدادية، في حين يؤكد متخصصون في التربية أن المرحلة الإعدادية حرجة وحاسمة وتستدعي اهتماماً خاصاً بالجانب النفسي للطلاب، فيما تعددت الآراء بشأن مستوى الأسئلة بين الطلاب، منهم من اعتبرها بسيطة لكنها شاملة، والبعض الآخر اعتبرها تحتاج لتركيز كبير ودقة.
المدرّس وسيم ح. (مدرّس تاريخ وجغرافيا في إحدى مدارس دمشق) علّق قائلاً: الأسئلة هذه السنة تُظهر توجهاً نحو اختبار الفهم وليس الحفظ فقط، وهذا جيد من حيث المبدأ، لكن المشكلة أن الطلاب لم يتم تدريبهم بشكل كافٍ على هذا النمط خلال العام.
وبين أن امتحان مادة الاجتماعيات للصف التاسع في سوريا يعدّ من المحطات الأساسية بحياة الطالب الدراسية، نظراً لما تمثّله شهادة التعليم الأساسي من أهمية في تحديد مسار الطالب التعليمي مستقبلاً، وعلى الرغم من أن مادة الاجتماعيات تُعتبر من المواد النظرية، إلا أنها لا تخلو من التحديات والصعوبات التي تجعل أداء الامتحان مهمة شاقة لدى شريحة واسعة من الطلاب.
أولى التحديات التي يواجهها الطلاب حسب ما ذكرت المدرسة ثناء، هو الكم الكبير من المعلومات المطلوب حفظها، فمادة الاجتماعيات باتت تغطي محورين: الجغرافيا، والتاريخ، وكل منهما يتضمن تفاصيل دقيقة، تواريخ، ومفاهيم سياسية وجغرافية، شخصيات، مصطلحات متنوعة، مواقع جغرافية، من دون أن يقترن ذلك أحياناً بمقاربة تحليلية أو ربط واقعي بين المعلومات، هذا الأمر يكرّس نموذج “الحفظ لأجل الامتحان”، لا “الفهم لأجل المعرفة”، وهو ما يتناقض مع الأهداف التربوية الحديثة، إضافة إلى أن الأمر يتطلب قدرة عالية على الحفظ والاستيعاب، وهذا التراكم المعرفي يرهق الطالب، خاصة إذا لم يكن هناك توازن في طريقة تقديم المعلومات في المنهاج.
إضافة إلى ذلك، يشكو العديد من الطلاب من طبيعة الأسئلة الامتحانية، التي تكون أحياناً بعيدة عن اسلوب التفكير التحليلي، وتركّز في معظم الأحيان على قياس قدرة الطالب على التذكّر، وليس على التحليل المنطقي، مما يقلل من قدرة الطالب على التفكير النقدي أو الربط بين الأحداث والمعطيات الجغرافية والسياسية.
فقلّما تُطرح أسئلة تتطلب ربط الأحداث التاريخية بسياقاتها المعاصرة، أو تحليل ظواهر جغرافية بطريقة علمية، وبالتالي تفتقر الورقة الامتحانية إلى التنوع المعرفي والمهاري الذي يعزز التفكير المنهجي لدى الطالب.

الحاجة إلى تطوير المنهاج

ومن الإشكاليات التي لا يمكن إغفالها أيضاً كما بينت رئيس إحدى المراكز في البرامكة، هي الظروف النفسية والبيئية المحيطة بالامتحان، فالوضع العام في بعض المناطق السورية، من حيث الانقطاعات الكهربائية أو نقص وسائل الراحة داخل مراكز الامتحان، ينعكس سلباً على تركيز الطالب وأدائه، هذا إلى جانب الضغط النفسي الكبير الذي يسببه الامتحان، والذي قد يضعف من ثقة الطالب بنفسه ويؤثر على نتائجه، إضافة إلى ذلك، تبرز الحاجة إلى تطوير المنهاج ليواكب التغيرات المعرفية والتربوية في القرن الحادي والعشرين، فدمج الوسائط التفاعلية، وإعادة النظر في ترتيب المعلومات وطريقة عرضها، وتحديث بعض المفردات التي لم تعد ملائمة للعصر الحالي، كل ذلك من شأنه أن يعيد الاعتبار لمادة الاجتماعيات بوصفها مادة حية ومعاصرة.
في ضوء ما سبق، تبدو الحاجة ملحة لإعادة تقييم واقع امتحان مادة الاجتماعيات في الصف التاسع، سواء من حيث المضمون، أم الأسلوب، أم الظروف المحيطة، بهدف الوصول إلى عملية تعليمية أكثر عدالة وإنصافاً، ترتكز على الفهم لا الحفظ، وعلى الإبداع لا التلقين.
وأخيراً، هناك ملاحظات من بعض المعلمين وأولياء الأمور حول ضرورة تحديث المنهاج وتطوير طريقة وضع الأسئلة بحيث تتناسب مع مستوى فهم الطالب، وتعتمد على التفكير والتحليل بدلاً من الحفظ الآلي، بما يسهم في تطوير العملية التعليمية ككل.
ويبقى امتحان مادة الاجتماعيات تحدياً حقيقياً أمام طلاب الصف التاسع، ويستلزم معالجة الإشكاليات المرتبطة به بشكل منهجي، لضمان بيئة تعليمية عادلة ومحفزة للنجاح والتفوق.

آخر الأخبار
إخماد حريق بمستودع غاز في حي العريض بطرطوس  الشرع يتلقى اتصالاً من نظيره اللبناني للتعزية بضحايا الهجوم الإرهابي بدمشق الداخلية: الخلية الإرهابية التي نفذت تفجير الكنيسة تتبع لـ"داعش" والقبض على  أفرادها "الإسكان" وتوجه جديد.. التخطيط سابق للتنفيذ صناعيو السيراميك يواجهون مشكلة إغراق السوق بالمستوردات والمهربات افتتاح ثلاثة مراكز غداً..  عودة المؤسسة السورية للبريد إلى إدلب بعد انقطاع عشر سنوات    إطلاق مؤتمر "كارلتون" في إدلب.. انطلاقة استثمارية جديدة في المدينة محافظ إدلب يزور قرى ريف معرة النعمان الشرقي لتفقد أوضاعها بحضور شعبي واسع.. تشييع جثامين ضحايا التفجير الإرهابي بدمشق وزير الأوقاف يزور مصابي تفجير كنيسة مار إلياس في " إكسبو" وبعد الغياب.. شركات الشمال .. الحضور القوي والعلامة الفارقة طلاب السويداء ينهون امتحان الاجتماعيات في أجواء هادئة تلقيح 60 طفلاً في الريف الشرقي بحمص جنود إسرائيليون يعتدون على منظومات الطاقة في بلدة جملة دعم المشاريع الاستثمارية بدرعا مع مجموعة بعلبكي للإعمار والاستثمار إزالة تعديات على خطوط مياه الشرب في إنخل تحديات أمام مجلس الشعب القادم.. خبير قانوني لـ"الثورة": دور فاعل في مساءلة الحكومة كي لا يتحول لشرعي... انطلاق عمليات تصحيح الأوراق الامتحانية للتعليم الأساسي بحلب دمج المجالس المحلية في مناطق الشمال ضمن محافظة حلب التوغل العسكري الإسرائيلي يتصاعد في جنوب سوريا