الثورة – سيرين المصطفى
يُعد إطلاق المؤتمر الاستثماري الأول “كارلتون” في مدينة إدلب خطوة محورية نحو تنشيط الحركة الاقتصادية والسياحية في المدينة، خاصة بعد سنوات من الركود والأضرار التي لحقت ببنيتها التحتية خلال الحرب.
ويحمل هذا المؤتمر أهمية خاصة كونه الأول من نوعه في إدلب، ما يجعله مؤشراً على تحوّل نوعي في التفكير التنموي، ويعكس رغبة حقيقية في خلق بيئة استثمارية جاذبة قادرة على استقطاب رؤوس الأموال من الداخل والخارج.
وقد عانت إدلب طويلاً من التهميش المتعمد في ظل حكم آل الأسد، حيث تم تجاهلها لعقود من الزمن، وحرمت من المشاريع التنموية والاستثمارية التي حُظيت بها مدن أخرى، رغم ما تمتلكه من مقومات بشرية وجغرافية واقتصادية واعدة.
لكن اليوم، ومع التحركات الأخيرة، تلوح بوادر جدية لإشراك إدلب في مشاريع تنموية حقيقية تُعيد إليها دورها ومكانتها، وتُسهم في تنمية مواردها بما يخدم المدينة والبلاد ككل. ويمثل المؤتمر منصة لإعادة تقديم إدلب كوجهة قابلة للحياة الاقتصادية، وكمكان يمتلك من المقومات ما يؤهله لأن يكون بيئة مناسبة للاستثمار السياحي والخدمي.
واختيار مشروع فندق الكارلتون كنقطة انطلاق لهذا الحراك لم يكن عبثاً، بل جاء مدروساً لما يمثله من رمز حضاري وسياحي، ولأن إعادة تأهيله تحمل في طياتها بعداً رمزياً يعكس القدرة على تحويل الدمار إلى فرص، والعقارات المتوقفة إلى مشاريع منتجة وفاعلة.
وما يميز هذا المؤتمر أنه لم يكتف بعرض فكرة عامة عن الاستثمار، بل قدّم خطة واضحة ومتكاملة تتضمن شرحاً مفصلاً لآلية تخصيص الحصص الاستثمارية، إلى جانب استعراض أعمال الترميم والتأهيل التي يجري تنفيذها على أرض الواقع. هذه الشفافية والمباشرة في الطرح تعزز ثقة المستثمرين وتفتح الباب أمام مزيد من المشاركات.
كذلك، لا يمكن تجاهل البعد الاستراتيجي الذي يحمله المؤتمر، فهو لا يستهدف فقط فندق الكارلتون، بل يُراد له أن يكون نموذجاً قابلاً للتطبيق على مشاريع أخرى في المدينة، ما يعني أن نجاحه سيشكل نقطة انطلاق لتكرار التجربة على نطاق أوسع، وبالتالي خلق دورة استثمارية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي.
يتزامن هذا الحدث مع تحركات رسمية على أعلى المستويات، كان من أبرزها زيارة وزير السياحة إلى إدلب ولقاؤه مع محافظها ومسؤوليها لمناقشة سبل تفعيل السياحة وتشجيع الاستثمار في المحافظة. كل ذلك يعكس وجود إرادة سياسية وإدارية حقيقية لدفع عجلة التنمية، وتحقيق نوع من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي عبر مشاريع ملموسة تبدأ من البنية الفندقية وتصل إلى قطاعات أوسع.
إن إطلاق مؤتمر “كارلتون” ليس مجرد فعالية عابرة، بل هو بداية لتغيير أوسع في النظرة إلى إدلب، وفتح صفحة جديدة عنوانها: الاستثمار في المستقبل، وتحويل التحديات إلى فرص حقيقية للبناء والتنمية.