تحديات أمام مجلس الشعب القادم.. خبير قانوني لـ”الثورة”: دور فاعل في مساءلة الحكومة كي لا يتحول لشرعية شكلية
الثورة – ثورة زينية:
نحو سبعة أشهر مضت منذ الإعلان عن سقوط نظام الأسد البائد.. الفراغ التشريعي لمدة طويلة خلّف تراكماً في الأعمال التشريعية الضرورية لبناء الدولة نتيجة وقف العمل بالدستور وحل مجلس الشعب، ولتجنب استمرار هذا الفراغ المعيق للتعافي في ظل الحاجة الماسّة إلى إيجاد إطار قانوني للحكم، وتحديث القوانين كان لابد من السير باتجاه تشكيل مجلس شعب جديد يتولى السلطة التشريعية، بعد حل المجلس السابق في 29 من كانون الثاني الماضي، والظروف باتت مواتية للشروع في تشكيل المجلس، والحاجة ملحّة له على الرغم من أن هناك مناطق كثيرة في البلاد لا تزال تعاني من عدم الاستقرار ولم يستتب فيها الأمن بشكل كامل.
في الثالث عشر من آذار الماضي كان السيد الرئيس أحمد الشرع أصدر الإعلان الدستوري الذي يشكل الإطار القانوني لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، نص على حل مجلس الشعب السابق التابع لنظام الأسد، وإلغاء دستور 2012 وبعد مرور شهرين كاملين وفي الثالث من حزيران الجاري أصدر الرئيس الشرع المرسوم الرئاسي رقم 66 الذي قضى بتشكيل “اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب” التي ستتولى الإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لاختيار أعضاء مجلس الشعب.
حاجة ماسة
سرمد الحلبي مستشار قانوني أفاد لـ”الثورة ” أن الحاجة ماسة لتشكيل مجلس شعب حقيقي يضم كفاءات اقتصادية وسياسية وقانونية وتشريعية ووطنية بأعلى درجات النزاهة والحيادية والشفافية كي تستطيع إحداث ثورة تشريعية وإصلاحية في القوانين السورية، إضافة لدور فاعل في العمل على مساءلة الحكومة ومراقبتها، لإنجاح المرحلة الانتقالية، مؤكداً أهمية الانتقال إلى دولة طبيعية خلال أربع أو خمس سنوات مع نهاية المرحلة الانتقالية.
وكان رئيس اللجنة العليا للانتخابات الدكتور محمد طه الأحمد صرح في مؤتمر صحافي مؤخراً إلى أن مهمة اللجنة في هذه المرحلة أن تهيئ الظروف لتشكيل أول مجلس شعب يمثل السوريين حق التمثيل، مجلس يملك صلاحيات تشريعية، ويؤسس لأرضية قانونية جديدة تبنى عليها الدولة السورية المنشودة، ولهذا تعول اللجنة في هذه المرحلة على إعداد مسودة نظام انتخابي مؤقت يضمن التمثيل من دون إقصاء، ويوازن بين الكفاءة وتمثيل المجتمع، مضيفاً: إن اختيار أعضاء مجلس الشعب سيقوم على عنصرين، فئة الكفاءات التي ستشكل 70 بالمئة من أعضاء المجلس، وفئة الوجهاء والأعيان التي ستكون 30 في المئة، مشيراً الى توزيع المقاعد على المحافظات، ثم سيجري توزيع هذه المقاعد على المناطق ضمن المحافظات نفسها، وفقاً للتوزيع السكاني، وهذه النسبة قابلة للتغيير وفق كل محافظة.
ولفت إلى أن اللجنة تجري زيارات ميدانية للمحافظات وبعد الانتهاء منها ستصدر النسخة النهائية من نظام الانتخابات المؤقت والجدول الزمني لإجرائها، ومن ثم يجري تشكيل لجانٍ فرعية في المحافظات، ويمكن لهذه اللجان أن تضم ممثلين عن المناطق المختلفة التابعة لكل محافظة، ومهمة هذه اللجان الفرعية ستكون اختيار الهيئات الناخبة، بمعدل يتراوح بين 30- 50 عضواً لكل مقعد من مقاعد مجلس الشعب واللجنة ستلتقي 3 شرائح رئيسة: السلطات المحلية، وممثلو المجتمع المحلي، والمواطنون المنتمون للمحافظات.
ووفقاً للمادة 24 من الإعلان الدستوري، يتكون مجلس الشعب من 150 عضواً، يُختار ثلثاهم (100 عضو) عبر هيئات فرعية تشرف عليها اللجنة العليا، بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي (50 عضواً) ويتولى المجلس السلطة التشريعية كاملة، إلى جانب مسؤوليات تنفيذية محدودة، بينما تظل السلطة التنفيذية الكبرى بيد رئيس الجمهورية.
الخبير القانوني نزار الحسن أكد لـ”الثورة” أن الظروف الراهنة تجعل إجراء انتخابات تشريعية أمراً يحتاج لوقت ، وأن الوضع الطبيعي في مثل هذه الظروف يقتضي تعيين مجلس تشريعي بدلاً من انتخابه، لكن الخطر الأكبر يكمن في غياب هيئة تشريعية بالكامل، مضيفاً: من المفترض أن يكون هذا المجلس غير تقليدي، يتولى التشريع وصياغة مشروع دستور جديد، كما أن سوريا كانت تعاني من انهيار في بنية المؤسسات وتغلغل الفساد في كل مفاصل الحياة، الأمر الذي يستدعي إجراءات غير تقليدية خلال المرحلة الانتقالية، وتطبيق فصل السلطات يتطلب إعادة بناء المؤسسات مع دستور دائم.
المهمة الأصعب
ونوه الحسن بأن الحلول التي يجب أن تتخذ حالياً من المفترض أن تأخذ بالاعتبار الواقع الصعب في البلاد والإسراع في العمل على بناء مؤسسات شرعية وشفافة تمهد لدستور دائم واستقرار طويل الأمد، مشدداً على أن هذا المجلس التشريعي الذي سيبصر النور قريباً مطالب بالكثير، ولعل الأصعب في مهامه القادمة صياغة الدستور الدائم، الذي سيحدد شكل النظام السياسي لعقود طويلة، وسيكون عليه تشريع القوانين اللازمة للانتقال السياسي، بما في ذلك الأحزاب والانتخابات.