الثورة – دمشق – ميساء العلي:
قال وزير المالية الدكتور كنان ياغي إن القوائم المالية لدى المؤسسات والشركات ذات الطابع الاقتصادي لا تعكس المركز المالي الحقيقي لها، وهناك إشكاليات كبيرة بالشركات العامة للقطاع المالي من ناحية المعاملة الضريبية فالشركات التي أصولها تاريخية تدفع أقساط اهتلاك أكبر وقدرتها الاقتراضية من المصارف العامة ضعيفة على اعتبار أن قيم التكلفة التاريخية قديمة وبالتالي فإعادة تقييم الأصول تساعد هذه الشركات على تحسين مركزها المالي وقدرتها الاقتراضية وتخفيف العبء الضريبي عنها.
كلام وزير المالية جاء خلال ورشة العمل التي أقامها الجهاز المركزي للرقابة المالية بعنوان “إعادة تقييم الأصول المادية في المؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي”.
وأضاف وزير المالية في حديثه لصحيفة “الثورة” أن موضوع شركات القطاع العام وإعادة تقييم أصولها بعد 13 سنة من الحرب ومعدلات التضخم الكبيرة والتأثر المادي جعل من الأهمية إعادة النظر بقيمة هذه الأصول لتكون القوائم المالية (الميزانيات) تعكس القيمة الحقيقية لهذه الأصول وهو شأن عام يعكس أهمية المشاركة بهذه الورشة للمعنيين بالقطاع المالي من الجهاز المركزي للرقابة المالية إلى وزارة المالية ونقابة المحاسبين القانونيين والأكاديميين حتى نصل إلى دليل عمل موحد لإعادة هذا التقييم وفق معايير دولية محددة.
وتساءل ياغي هل يجب علينا إعادة تقييم أصول شركات القطاع العام أو المؤسسات الاقتصادية؟ وما هي الضوابط والمحددات لذلك، فكما نعلم هناك شركات فقدت أصولها وأصول قد تم تدميرها، وبالتالي فإن إعادة تقييم الأصول لا يعني بالضرورة ارتفاع قيمتها فنحن نبحث عن قيم عادلة.
وتابع وزير المالية “هذه الورشة تحاول أن تجيب عن تلك التساؤلات بحيث نصل إلى دليل عمل لمؤسسات القطاع العام الاقتصادي حتى تعيد تقييم أصولها، مع العلم أننا اتفقنا على ضرورة إعادة تقييم الأصول لكنها تحتاج إلى ضوابط دقيقة جداً في المرحلة القادمة.
وحول انعكاسات ذلك ضريبياً قال ياغي “الهدف هو تخفيف العبء الضريبي فعندما تكون القيم تاريخية تكون قيمة الأصول قليلة وبالتالي أقساط الاهتلاك قليلة كونها من الأصول المقبولة ضريبياً لتخفيض الدخل الخاضع للضريبة فعندما نعيد تقييم هذه الأصول تصبح أقساط الاهتلاك أكبر وبالتالي هناك تخفيض حقيقي من الأرباح، وبذلك نحن نحصل ضريبة على الربح الحقيقي آخذين بعين الاعتبار قسط الاهتلاك الكبير المرتبط بالقيم الحقيقية للأصول بعد تقييمها.لكن يقول ياغي: هل هو الوقت المناسب لإعادة التقييم مع حالة التضخم الأمر الذي سيجعل إعادة التقييم مكلفاً جداَ وتمنى أن ينتهي الظرف التضخمي مع استقرار الوضع الاقتصادي وأن تعود معدلات التضخم إلى وضعها الطبيعي لأننا إذا قمنا بإعادة التقييم ضمن الظروف الحالية وذهبنا إلى معدلات تضخم أكبر سنحتاج إلى إعادة تقييم مرة ثانية وهي قضية مكلفة جداً.وتساءل عن الضوابط والمحددات والمعايير التي سيتم العمل وفقها فعلى سبيل المثال كيف سيتم تقييم المباني، هل من خلال مقيم خبراء في التقييم العقاري أو من خلال القانون 15” الضريبة على البيوع العقارية “متمنياً أن تجيب الورشة على ذلك من خلال المخرجات التي ستنتهي إليها.ونوه إلى موضوع التشاركية فنحن ندخل بتشاركية مع القطاع الخاص لذلك يجب أن نعرف حصتنا من رأس مال الشركة حتى نعرف حصتنا من الأرباح أو الإيرادات العامة للشركة وهذا المدخل مهم إلا أن هناك مخاطر فجميع الشركات لا تزال على القيم التاريخية لذلك نحن أمام مخاطر كبيرة للتحول إلى القيم العادلة للأصول ضمن القوائم المالية المسجلة.
برق: القوائم المالية الحالية لا تعبر عن الواقع
من جانبه رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق قال إن أحد أهم أهداف الجهاز واختصاصاته مراجعة القوائم المالية وإبداء الرأي الحقيقي لهذه القوائم فنحن في الآونة الأخيرة ونتيجة الحرب أصبحت القوائم المالية من خلال التدقيق والمراجعة لا تعبر عن الواقع الفعلي والحقيقي للبيانات والأصول والممتلكات والمؤسسات والشركات ذات الطابع الاقتصادي.
وتابع في تصريح “للثورة” أن الهدف الرئيسي لهذه الورشة الوصول إلى قوائم مالية عادلة فالأصول الحالية لا تعبر عن الواقع ولا يمكن الاعتماد على بياناتها لإجراء مقارنات أو تحليلات وفق أوامر المحاسبة الموحد التي تتم بموجبها الذي صدر عام 2007 وحدد بشكل واضح وصريح القوائم المالية المطلوبة من قبل المؤسسات والشركات العاملة ذات الطابع الاقتصادي، مشيراً إلى أن النظام المحاسبي الذي كان مطبقاً ومعمولاً به سابقاً 287 والذي تم تعديله بموجب المرسوم 490 جاء بهدف إعداد القوائم المالية على أساس المعايير الدولية وانطلاقاً من معايير المحاسبة الدولية.
وأضاف لقد انتقلنا إلى القوائم المعمول بها في كل دول العالم باعتبار أن مهنة المحاسبة مهنة عالمية، فالمرسوم 490 بني على أساس معايير المحاسبة الدولية وقد تضمنت المادة الثامنة منه “أن تعبر القوائم المالية حقيقة المركز المالي للشركة أو المنشأة أو المؤسسة” مشيراً إلى أنه خلال سنوات الحرب لم يكن هناك إمكانية لتطبيق هذه المعايير أو لم تكن الظروف مناسبة لطرح مثل هذه الأمور وتبني المعايير خاصة في ظل الظروف الحالية من الحرب الاقتصادية كل ذلك أدى إلى اختلاف كبير من حيث الأسعار والقيم والأصول الثابتة ونعلم أن كل الأصول الثابتة حالياً والمعتمدة لا تعبر إطلاقاً عن حقيقة هذه الأصول بتاريخ شرائها كونها تعتمد المنهج التاريخي.
عبد الرؤوف: انعكاس معين على الضرائب
معاون وزير المالية رياض عبد الرؤوف قال ل”الثورة ” إن إعادة التقييم تعني فيما تعنيه إظهار القيم الحقيقية لهذه الأصول المادية وهذا يساهم بإظهار مركزها المالي الرئيسي بشكل عادل يعبر عن كتلة رأس المال التي تمتلكها على شكل أصول مادية لكن هذا لا يمنع أن عملية إعادة التقييم يجب أن تتم بشكل مضبوط تخضع لتدقيق عالي المستوى حتى نحصل على القيم الحقيقية وأيضاً لتحديد انعكاسات عملية إعادة التقييم على المركز المالي للشركات والمؤسسات العامة وعلى نتائج أعمالها لنحقق بيئة عمل مستقرة.
وأضاف أن عملية إعادة التقييم لها انعكاس معين على الضرائب لكن ليس دائماً إيجابياً فإعادة تقييم الأصول المادية المرافق لارتفاع قيمها أي ارتفاع أقساط الاهتلاك يعني ارتفاع المصاريف وبالتالي انخفاض الربح الخاضع للضريبة وهذا يعني انخفاضاً بالضرائب على المدى القصير والمتوسط لذلك نحن بحاجة لعملية متكاملة إيجابية وفق ضوابط معينة تدرس بشكل مفعل قبل الدخول بإعادة التقييم.
قاسم: ضوابط موحدة
رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية الدكتور عبد الرزاق قاسم قال ل”الثورة “خلال السنوات الماضية للحرب عانى الاقتصاد السوري من حالة تضخمية شديدة بحيث أصبحت قيم الأصول المسجلة بالقوائم المالية للشركات والمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي لا تعبر إلا عن ذاتها لأنها مسجلة وفق مبدأ التكلفة التاريخية وبالتالي هي القيم التي تم دفعها عند اقتناء هذه الأصول هذا ما خلق إشكالية حقيقية تعاني منها هذه المؤسسات نتيجة الاعتماد على هذا المبدأ ومن أجل إدارة عقلانية لهذه المؤسسات كان لابد من إعادة النظر بقيم هذه الأصول وبالتالي لابد من إعادة تقييمها للحصول على القيم الحقيقية الموجودة للأصول بتصرف هذه المنشآت والمؤسسات العامة لكي نتمكن من الحكم على أدائها وتتمكن هذه الإدارات من اتخاذ القرارات سواء الاستثمارية أو التشغيلية المناسبة بكفاءة وفعالية.
وأضاف قاسم حتى نقول إعادة تقييم لابد أن يكون هناك ضوابط موحدة بحيث لا تقوم كل إدارة بقياس ما تراه مناسباً بمعنى وجود قواعد موحدة لعملية القياس تعتمد على مجموعة من المعايير نطلق عليها معايير المحاسبة الدولية التي تحدد كيف يتم قياس وإعادة تقويم هذه الأصول وفق المبادئ الدولية.