الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
قدم مشروع قانون جديد إلى الكونغرس الأمريكي يسعى فعلياً إلى معاقبة جنوب إفريقيا بعد أن طلبت حكماً من محكمة العدل الدولية الشهر الماضي بأن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في حربها الوحشية ضد الفلسطينيين في غزة.
وقدم المشروع من الحزبين كليهما، الجمهوري والديمقراطي، وهو قانون مراجعة العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا، من قبل عضوين في الكونغرس، الجمهوري جون جيمس من ميشيغان، والديمقراطي جاريد موسكوفيتش من فلوريدا.
ويطلب مشروع القرار من إدارة بايدن أن تحدد في غضون 30 يوماً من إقرار القانون، “ما إذا كانت جنوب إفريقيا قد انخرطت في أنشطة تقوض الأمن القومي للولايات المتحدة أو مصالح السياسة الخارجية”. ومن غير الواضح ما إذا كان مشروع القانون سيحظى بتأييد واسع النطاق.
إن أي تغيير في علاقات الولايات المتحدة مع جنوب أفريقيا نتيجة لإقرار مشروع قانون جيمس موسكوفيتش قد يلحق الضرر بجنوب أفريقيا اقتصادياً، حيث إنها تحصل حالياً على فوائد تجارية من خلال قانون النمو والفرص في أفريقيا.
وقال باتريك بوند، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جوهانسبرغ، في مقابلة مع شبكة SABC الإخبارية، إن مشروع القانون يوجه أكثر من عشرين اتهاماً ضد جنوب إفريقيا، بعضها يصل إلى حد “التافه تماماً والمشكوك فيه بشكل محرج”.
إن لغة مشروع القانون مليئة بالخطاب المعتاد و يتهم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم باتخاذ “موقف متشدد من “إسرائيل” واتهامه باستمرار بممارسة الفصل العنصري”.
لقد عانى السود في جنوب أفريقيا عقوداً من القسوة المريرة في ظل نظام الفصل العنصري الذي كان يمارسه البيض ضدهم.
وتعرض عدد لايحصى من الأشخاص للاعتقال والتعذيب والقتل بشكل غير قانوني.
وقد حدث انتقال سلمي للسلطة في عام 1994 عندما تولى زعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، نيلسون مانديلا الرئاسة، بعد أن أمضى 27 عاماً في السجن، وصنفته الحكومة الأمريكية خلال تلك الفترة على أنه “إرهابي”.
إن مشروع القانون الأمريكي الجديد يتجنب أي إشارة إلى المذبحة التي ارتكبتها “إسرائيل” بحق ما يزيد عن 30 ألف فلسطيني، أو التاريخ الذي سبق ما حدث في 7 تشرين الأول.
وبعض الاتهامات التافهة في مشروع القانون تشكك في كفاءة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في الحكم، وتتهمه بالفشل في توفير الخدمات العامة الكافية مثل إمدادات الطاقة المنتظمة، وعمليات السكك الحديدية والتعدين والإدارة الفعالة للأوبئة الصحية، والتي ليس لأي منها أي تأثير على الحرب في غزة.
ويستشهد مشروع القانون أيضاً باجتماعات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي مع القادة السياسيين في الصين وإيران، وهي مشاريع دبلوماسية لا تقتصر على جنوب إفريقيا.
وفي الواقع، التقى الرئيس جو بايدن شخصياً بالزعيم الصيني شي جين بينغ في تشرين الثاني الماضي في قمة كاليفورنيا.
لكن مشروع القانون يهاجم أيضاً جنوب أفريقيا علناً لأنها رفعت ما يسميه “دعوى ذات دوافع سياسية في محكمة العدل الدولية تتهم فيها “إسرائيل” خطأً بارتكاب إبادة جماعية” حسب زعمه.
ورغم أن محكمة العدل الدولية لم تحكم بشكل قاطع بأن” إسرائيل” ترتكب جريمة إبادة جماعية، إلا أنها دعت” إسرائيل” إلى منع أعمال الإبادة الجماعية في غزة ومعاقبة أولئك الذين ارتكبوا بالفعل مثل هذه الأفعال أو حرضوا عليها، كما أمرت “إسرائيل” باتخاذ خطوات فورية لتحسين الوضع الإنساني للمدنيين في غزة.
وبدلاً من ذلك، أعلنت “إسرائيل” أنها ستهاجم مدينة رفح في جنوب غزة، وهي الملاذ الأخير لنحو مليون فلسطيني، مكتظين في منطقة وعدت “إسرائيل” ذات يوم بأنها ستكون ملاذاً آمناً.
وقال بنيامين نتنياهو في خطاب متحدياً حكم المحكمة في كانون الثاني الماضي: “لن يوقفنا أحد، لا لاهاي، ولا محور الشر ولا أي شخص آخر”.
وفي الأسبوع الماضي، انتقد الرئيس بايدن أخيراً الأعمال الوحشية الإسرائيلية الأخيرة ضد الفلسطينيين في غزة، قائلاً: “إن أسلوب الرد في قطاع غزة، كان مبالغاً فيه”، لكن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً لتغيير دعمها المستمر ومازالت ترفض وصف تصرفات “إسرائيل” بأنها إبادة جماعية أو الدعوة إلى وقف إطلاق النار ، كما أنها لم تتوقف عن تزويدها بالأسلحة والذخائر التي تقتل الفلسطينيين.
المصدر – غلوبال ريسيرش