همسة زغيب
الخبز العربي موروث شعبي يعبق بالأصالة والحنين، تناقله الآباء عن الأجداد، وهو رمز العلاقة بين الماضي والحاضر، برائحته ولونه وشكله، يُصنع من القمح الصافي “غير المقشور”، ويُخبز في التنور على الحطب وورق شجر البلوط الجاف، أو على الغاز، وبالتالي يكون هذا الخبز منتجاً صحياً وطبيعياً بالكامل، تحظى محافظة السويداء بمكانة متميزة بصناعته، ومن مسمياته “الخبز الملوح” لكونه يُعتبر موروثاً شعبياً للمحافظة، ومرتبطاً بالذاكرة، وقد انتشرت صناعة الخبز العربي بشكل كبير اليوم، وأصبح في كلّ حي محل أو اثنين يصنعه ويبيعه، ضمن مشروعات صغيرة تؤمن مصدراً للرزق. كما أقام أهالي السويداء العديد من الورشات الصغيرة، لصناعته مع المرشم والزلابية واللزاقيات وأطعمة الكشك والمغربية. يتم تحضيره بعجن كمية من دقيق القمح مساءً وتركها للصباح لتختمر، وبعدها تشعل النار في “التنور”، وتقطع العجينة لكرات متساوية، ثم يلوح من يد إلى أخرى ليتمدد الرغيف بطريقة فنية بواسطة “الكاره” ويأخذ شكلاً دائرياً، يمد على صاج ساخن، وتفوح منه رائحة تجذب الناس إليه، أما “الكارة” فهي قطعة دائرية مصنوعة من الإسفنج أو الصوف مغلفة بالقماش بسماكة 10سم تقريباً، معدة ليتم وضع العجين المرقوق بمساحة واسعة عليها قبل وضعه على التنور أو الصاج، وهناك من لا يضع رغيف العجين على “الكاره.
ممن امتهن صناعة الخبز العربي “التنور” أم منصور السحوم “من ريف السويداء”، والتي أكدت أن علاقتها مع الرغيف العربي علاقة حب التراث، لأنه رمز من رموز الكرم والجود والأصالة “لا يُعلى عليه”، وعملت في هذا المجال منذ صغرها وتعلمت المهنة عندما كانت طفلة من أمها وجدتها، فاتقنتها لتعكس حبها للحياة وارتباطها بالتقاليد القديمة، تقول: “عندما كانت تجتمع نساء القرية ويتعاون على الخبز وكن يتبادلن الأحاديث والقصص وأجمل الذكريات”.
التالي