حماقات ما بعد الهاوية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
تمخض جبل التهويل التركي فولد معسكرات تدريب للإرهابيين بترخيص أميركي هي قائمة بالأساس، دون أن يعني ذلك -بأي حال من الأحوال- التخلي عن لائحة الحماقات الموصوفة،

تقابلها على الضفة الأخرى شراكة خليجية وأردنية مسبقة ومتفق عليها، ليتساوى الجميع في كفة واحدة .‏

على مدى أربع سنين إلا قليلاً، توالى على منابر السياسة والإعلام الكثير من مشاهد حرق المراكب التي عجزت في أغلب الأحيان عن «تكييس» وجه الحقيقة العارية، أو في الحدّ الأدنى التخفيف من بشاعة التفاصيل والعناوين التي تقدمها تلك الحقيقة حين تتعرّى، وإن أضافت الكثير من رتوش التجميل على النفاق والكذب والدجل السياسي الذي يشهد عصره الذهبي دون منافس.‏

وعلى مدى تلك السنوات كانت المعادلات السائدة تستبدل مجاهيلها على ضفتي الحدث، وباتت الشياطين والملائكة على مسار واحد، بل أحياناً يتبادلون الأدوار في كلا الاتجاهين، والفارق أن تلك الحماقات باتت أكثر وضوحاً ولم تنتهِ حتى داخل الهاوية التي تجول فيها المنطقة وتجرّ العالم إليها.‏

فحين «تتجرأ» السعودية وقطر والإمارات والبحرين والأردن على التحالف مع أميركا لضرب إرهاب هم أنشؤوه وموّلوه ورعوه، وتتدلل تركيا، كانت تبرز أسئلة صعبة ومعقدة لا تكتفي بتعرية الحقيقة، ولا بإضافة مشاهد الغرابة، بل تستدرج بالضرورة ما هو أبعد من تفاصيل الهاوية التي تغوص فيها المنطقة، وأبعاد الإصرار الأميركي على تحويلها ورقة توت، تداري فيها انكشاف عورات الخيبة القائمة في كل الاتجاهات.‏

لا أحد بمقدوره أن يتجاهل حقائق وتفاصيل ما تريده أميركا من أدواتها، ولا من تركيا بالتحديد، ولا ما ترغب في إضافته إلى أدوارها، بعد أن ذهبت بالمنطقة إلى الهاوية، وتأتي حماقة أردوغان وفريقه لتزيد من وطأة المغطس القائم على ضفاف المستنقع الذي صنعته أميركا عن سابق إصرار وتعمّد، لتترجم احترافية العمل الإرهابي الذي استولدته، وفي الوقت ذاته ليس من الصعب فهم أحجيات التباهي الخليجي والأردني بما أقدمت عليه بعد عقود من التمنّي.‏

والسؤال: لماذا أرادت واشنطن أن تدخل تركيا في تحالفها وفق نسق يطابق سياق أدواتها، وأن تكون بيدقاً احتياطياً يزيد من الغوص داخل الهاوية، ويصب الزيت على كرة النار المتدحرجة.‏

المعضلة أن أميركا تستطيع أن تستدير في اللحظة التي تريدها، وقادرة على الانعطاف حين تستدعي الحاجة ذلك، خصوصاً أن رغباتها تتبدل كل صباح، وخياراتها تتغير، وتصريحات بايدن ثم اعتذاراته عينة سجلت حالة قياسية غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الأميركية مع أدواتها؟!! في حين أن إدارته لا تنفك تقر وتعترف بأن القصف الجوي لـداعش لن يحل المشكلة، وأن الحرب طويلة، وأن السنوات القادمة لا تكفي لحسم المواجهة، بينما أدواتها تحرق مراكبها دفعة واحدة، وتجول في المستنقع الأميركي، وقاع الإرهاب يجاورها حيثما اتجهت وكيفما تحركت.‏

ما يضفي على المشهد إثارة إضافية أن حكومة أردوغان تذهب بعيداً في التلويح بحماقاتها التي تتقاطع مع تهور على الضفة الفرنسية التي تستعيد أمجاد تآمرها مع تركيا، بل تمضي في خيارات أقلها الدفع بالأحداث نحو مجهول أسود تزداد ملامح حضوره في المنطقة وخارجها.‏

على هذه القاعدة ثمّة من يبحث في الأدراج القديمة عن الهوية الاستعمارية والماركة الإرهابية المسجلة تحت عنوان داعش، التي أفردت لها واشنطن حسابات إضافية، كانت أدواتها جسر تفشّيه وعبوره، فماذا سيحل بها لو أحالت واشنطن الكثير منها إلى التقاعد المبكر، وروّجت لمقولة انتفاء الصلاحية؟‏

في عصر داعش وحده تعود مشيخات الخليج إلى الواجهة التاريخية والسياسية من بوابة أنها مارست عدواناً موصوفاً خارج الشرعية الدولية، وبغطاء سياسي متبدل ومتحرك، وسيتحدث الأردن عن مشاركته الطائرات الأميركية جنباً إلى جنب في خرق لمعادلات عمرها يتجاوز وجوده التاريخي والجغرافي على خارطة المنطقة، وسيتسول أردوغان وزمرته في لعق حديث المناطق العازلة أو الآمنة، لكن هل لكل أولئك أن يسألوا يوماً عمّا سَيُكْتب بعد أن يجول العصر الداعشي في ديارهم، خصوصاً أن أصابعه تتلمس مقابض أبوابها، وبعضها بات داخل غرف عروشها؟!!‏

لا ننتظر إجابة، لكن حين يبدو حرق المراكب لغة تتجاوز حدود الحماقة التي تصر الادوات على ارتكابها والمنطقة في قلب الهاوية فإن على تلك المشيخات ومعها الأردن وقبلهما تركيا، أن يسجلوا في دفاترهم جميعاً أنهم ارتكبوا الحماقة القاتلة دفعة واحدة والتاريخ شاهد والأيام القادمة قرينة دامغة، ولا بد أن يسمعوا الجواب ولو كان في نهاية آخر سطر من عصر داعش وربما قبل أن ينهي الخراب الأميركي تجواله خارج تخوم المنطقة.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل تأهيل محطة مياه الصالحية.. وصيانة مجموعات الضخ في البوكمال بدء التقدم للمفاضلة الموحدة لخريجي الكليات الطبية والهندسية "العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار" في جامعة حمص توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم منح دراسية تركية لطلاب الدراسات العليا "التعليم العالي".. "إحياء وتأهيل المباني والمواقع التاريخية" "مياه اللاذقية"... إصلاحات متفرقة بالمدينة "صحة اللاذقية": حملة تعزيز اللقاح تستهدف أكثر من 115 ألف طفل تفعيل عمل عيادة الجراحة في مستشفى درعا الوطني "المستشفى الوطني بحماة".. إطلاق قسم لعلاج الكلى بتكلفة 200 ألف دولار إطلاق حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال بالقنيطرة الألغام تواصل حصد الأرواح.. رسالة من وزارة الدفاع للسوريين حول الملف الصعب وطويل الأمد صندوق النقد والبنك الدوليين يبحثان استعادة الدعم لسوريا سفير سوداني: نعارض أيّ شكلٍ من أشكال تهجير الفلسطينيين