الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
يعود تاريخ مجموعة العشرين (G20) إلى عام 1999، عندما انعقدت الاجتماعات الوزارية الأولى، ومنذ عام 2008، جمع أيضاً رؤساء الدول والحكومات، وكلا هذين التاريخين مهمان للغاية، حيث شهد كلا العامين أزمات مالية واقتصادية عالمية.
ورغم أنها أثرت بشكل أو بآخر على الكوكب بأكمله، إلا أنها ضربت البلدان النامية في الجنوب العالمي وغير الغربي بشدة.
وقد ساعدت كل من هاتين الأزمتين في تجنب الحاجة إلى إيجاد توازن سياسي وتنظيمي في العلاقات بين العالم المتقدم والعالم النامي، بين الأغنياء والفقراء، بين “المليار الذهبي” وبقية البشرية.
المشكلة الرئيسية التي تم التعبير عنها آنذاك، والتي للأسف لم يتم حلها حتى يومنا هذا، هي التمثيل الناقص لدول العالم غير الغربي في المؤسسات الاقتصادية الدولية للتنظيم والإدارة العالمية.
إذا كان على المستوى السياسي دولتان كبيرتان غير غربيتين – روسيا والصين – عضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكان حق النقض يمنحهما الفرصة لعرقلة مشاريع القرارات التي لا تعود بالنفع إلا على الغرب، وبشكل عام، ولكل دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة صوت واحد، وبالتالي فإن المساواة الرسمية موجودة، أما في المؤسسات المالية الدولية فإن الوضع مختلف تماماً، سواء في صندوق النقد الدولي أو في عدد من الهياكل الأخرى، لاتوجد حتى مساواة رسمية، حيث لا يوجد مبدأ “دولة واحدة، صوت واحد”، ولكن عدد الأصوات التي تمتلكها كل دولة يتحدد وفقاً لقوتها الاقتصادية. وعليه فإن الدول الغربية (بالمعنى السياسي للكلمة) هي التي لها التأثير الحاسم والمهيمن على التنمية وصنع القرار.
وبهذه الطريقة، تم إدامة وتعزيز عدم المساواة في التنمية. وقد اقترن ذلك بمجموعة من الممارسات المالية والاقتصادية والاستثمارية التي أطلق عليها العديد من ممثلي البلدان النامية اسم الاستعمار الجديد.
بالإضافة إلى ذلك، كانت العديد من بلدان العالم غير الغربي متلقية لقروض من صندوق النقد الدولي وغيره من الهياكل، وكانت العواقب المترتبة على عبء الديون والمتطلبات الصارمة التي رافقها صندوق النقد الدولي هي السبب الذي جعل البلدان النامية الضحية الرئيسية للأزمات المالية العالمية، وخاصة في الفترة 1997- 1999.
بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات الأخرى، كان لدى الدول الرائدة في الغرب السياسي أيضاً هيكلها غير الرسمي، مجموعة السبع (G7)، وفي إطارها، يمكنهم تنسيق سياساتهم، والاتفاق على القرارات ومن ثم العمل كنوع من الجبهة الموحدة على المستوى العالمي.
غالباً ما كان يُنظر إلى مجموعة السبع هذه في العالم النامي على وجه التحديد على أنها رمز لعدم المساواة وترسيخ الوضع المهيمن للدول الغربية.
ولهذا السبب، أصبحت مهام التغلب على نقص التمثيل وعدم المساواة، التي كانت ذات صلة في السابق، حادة بشكل خاص خلال فترة الأزمات المالية العالمية.
لقد اتُهمت دول الغرب السياسي بالمسؤولية المباشرة عن إثارة الأزمات، فضلاً عن عدم تحمل وطأتها، إذ أن هيمنتها على عملية صنع القرار أتاحت لها إعادة توجيهها نحو البلدان النامية.
وفي هذا الجو وفي هذا السياق ظهرت مجموعة العشرين، أولاً في شكل وزاري، ثم على مستوى القمة.
لقد كان توسيع التمثيل هو الذي أصبح سمتها الرمزية الرئيسية. وليس من قبيل الصدفة أن تكون إحدى المهام الأولى على أجندة مجموعة العشرين هي إعادة توزيع حصص التصويت بين البلدان داخل صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، كانت هذه العملية صعبة للغاية، ولم تؤد إلا إلى نتائج فاترة، ولم يتم تحقيق توازن حقيقي في عدد الأصوات بين الدول المتقدمة والدول النامية في المؤسسات المالية الدولية.
ويكمن السبب في ذلك جزئياً في ما يمكن أن نطلق عليه إلى حد ما “صدمة الولادة” لمجموعة العشرين، منذ أن تمت مناقشة إنشائها، من بين أمور أخرى، داخل مجموعة السبع، كان الكثيرون ينظرون إلى مجموعة العشرين على أنها نوع من مجموعة السبع +.
وفي الوقت نفسه، لم يؤد إنشاء مجموعة العشرين إلى حل مجموعة السبع ذاتياً، لقد نجت ولا تزال تعقد اجتماعات منتظمة لها أجندتها وأولوياتها الخاصة.
كل هذا يجعل من الممكن استخدام الآلية المذكورة أعلاه للتوحيد الداخلي للغرب السياسي. وبالنظر إلى أنه أصبح من التقاليد في السنوات الأخيرة أن تعقد قمم مجموعة السبع قبل قمم مجموعة العشرين، فإن فرصة “مزامنة الساعات” والتنسيق بين الدول الغربية فيما يتعلق بموقفهم المشترك في مجموعة العشرين تظل قوية للغاية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدول غير الغربية في العالم أدركت أيضاً ضرورة وملاءمة إنشاء آلية خاصة بها من هذا النوع، تشبه جزئياً في شكلها مجموعة السبع. وأدى ذلك إلى إنشاء مجموعة البريكس، في نفس السنوات التي تم فيها إنشاء مجموعة العشرين، في الفترة 2006- 2008.
ثم تم قبول جمهورية جنوب أفريقيا في مجموعة البريكس، وتم تغيير اختصار بريك إلى البريكس.
وفي عام 2024، حدث توسع آخر لدول البريكس، وهكذا، فإن هذا التجمع من الدول الرائدة في العالم غير الغربي يزيد من شموليته وتمثيله.
وفي هذا السياق، تحولت مجموعة العشرين بشكل أساسي إلى نوع من المنتدى للقاء بين الغرب وغير الغرب.
وعلى أي حال، عند قراءة العديد من البيانات الصادرة في أعقاب نتائج قمم مجموعة العشرين، فإنه غالباً ما تكون هذه البيانات أكثر إضعافاً وفارغة في جوهرها من البيانات الصادرة عن قمم مجموعة البريكس، وحتى من البيانات الصادرة عن قمم مجموعة السبع.
في كل من مجموعة البريكس ومجموعة السبع، يجتمع الأشخاص ذوو التفكير المتماثل والذين عادة ما يكونون على نفس الموجة من حيث القيم والسياسة، ولذلك، فإن نتائج مناقشتهم مثمرة للغاية، ونكرر أنه لايمكن قول هذا عن مجموعة العشرين. تكمن أسباب ذلك جزئياً في حقيقة أنه فيما يتعلق بالعلاقات العامة السياسية، فإن أي دولة تستضيف قمة مجموعة العشرين مهتمة بضمان سير الحدث بسلاسة ونأمل أن تتمكن الرئاسة البرازيلية الحالية لمجموعة العشرين من تحقيق النجاح في توحيد اللاغرب العالمي.
المصدر- منتدى فالداي