تحديات تواجه المشاريع الصغيرة.. شهدا لـ “الثورة”: الاستثمار في تشابكات القوانين لنهوض وتجسيد القطاع على أرض الواقع
الثورة – دمشق – رولا عيسى:
بات معلوماً ومكرراً أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى توفير التمويل والتدريب والموقع، فضلاً عن الدعم التسويقي والاستمرارية، ولايخفى على أحد أن هذه النوعية من المشروعات تواجه تحديات عديدة.
90% من الاقتصاد الدولي
وتختلف المشكلات التي قد تواجه هذا النوع من المشاريع من دولة إلى أخرى، خاصة وأنها تشكل 90% من الاقتصاد على المستوى العالمي، ولو نظرنا إلى الاقتصاد الصيني المتطور والناجح لوجدنا أنه يعتمد عليها بنسبة 99%.
تجربة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سورية على الرغم من الاهتمام والقوانين الخاصة بها تعاني مشكلات تمويلية مع أن البدائل عديدة على مستوى المصارف، لكن يغيب صندوق وطني لرعاية وتنمية هذه المشروعات، كما أن هيئة دعم وتطوير المشروعات الصغيرة لم تحرز فرقاً على الأرض.
– مشكلات كبيرة..
الخبير المصرفي والاقتصادي عامر شهدا رأى في حديث ل”الثورة” أن المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وحتى المتوسطة تواجه مشاكل كبيرة تحدث عنها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، قائلاً: أنها تعاني من التشابكات في عدة وزارات عند استخراج التراخيص بهدف تنفيذ مشروع صغير ومتناهي الصغر.
– إستراتيجية وطنية..
شهدا أكد أن تنظيم العمل بالمشروعات الصغيرة يحتاج لإستراتيجية وطنية ودراسة لمصادر التمويل، لافتاً إلى خصوصية المشاريع الصغيرة، وأنه لا يمكن أن تكون هذه المشاريع في المدن، لكنها يمكن أن تكون في الريف، وهي تؤدي إلى نهضة وتنمية اقتصادية واجتماعية في تلك المناطق.
وأشار إلى أن نجاح العمل يحتاج إلى وضع خطة من أجل التنفيذ، باعتبار أن النهوض بالمشاريع الصغيرة هو حلم، كما أن هذا القطاع هو حاجة يشكل قاطرة النمو على مستوى كل دول العالم وخاصة الدول النامية كبلدنا.
– الاستفادة من التشابكات..
ولفت الخبير المصرفي إلى أن الأمر لا ينحصر في قانون معين للمشاريع الصغيرة أو في قوانين الاستثمار، فهنالك تشابكات بالقوانين يجب العمل على استثمارها بشكل جيد مثل القانون رقم٣٧ قانون الإدارة المحلية الذي منح الوحدات الإدارية الاستقلال المالي، وتحديداً ما يتعلق بقيام المجالس المحلية بالاستثمارات، وهذه الاستثمارات يمكن أن تجد طريقة للتشبيك مع المشاريع، إضافة إلى القانون ٤٢ لعام ٢٠٢٣، والقانون ٣ لعام ٢٠٢٤، والمرسوم ٥٦ الخاص بإنشاء مصارف استثمار، والمرسوم رقم ٧ المتعلق بالصندوق الخاص بالمتضررين من الزلازل.
ووجد أنه من الضروري وضع خطة لاستثمار القوانين بشكل صحيح وصهرها في بوتقة واحدة، وعليه يمكن أن نصل لنتيجة تجسيد المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر على الأرض.
– عدم الاستفادة من التجارب..
ونوَّه بأن مشكلتنا محلياً هي أن تجاربنا التي نقوم بها لا نستفيد منها إلا بأضيق الحالات، وهنا لابد من التفكير بتفعيل التجارب السابقة، وعدم هدرها واستخلاص نتائج ودراستها، والخروج بخطط نهضوية بالنسبة للريف، والتساؤل: كيف يمكن أن نشبك بين المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر والجمعيات الأهلية، وكذلك مع اقتصاد الظل والحاضنات الصناعية؟.
السؤال الآخر هل هذه المشاريع زراعية لإنتاج مواد أولية لصناعات تحويلية، أو هي مشاريع لإيجاد منتجات إنتاج صناعي، فمن المفترض أن تكون الهيكلية واضحة.
وقال: لا أعتقد أن وزارة وحدها تستطيع أن تقوم بذلك هنالك حاجة إلى كادر مختص على درجة عالية من الخبرة، ليضع الخطة على السكة الصحيحة حتى تساهم في النمو الاقتصادي، خاصة النمو في الريف وإحداث توازن بالنمو الاقتصادي على مستوى الجغرافية السورية.
عدد من أصحاب الأعمال تحدثوا ل”الثورة” عن جملة من أسباب تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد تأسيسها، أهمها ضعف الإعداد لدراسة الجدوى الاقتصادية، وعدم دراسة المشروع من جميع النواحي كالتحديات والفرص والإمكانيات ووضع السوق، وعدم فهم متطلبات السوق المحلي بصورة كافية.
اللافت كان ما يتعلق بتغير الإجراءات القانونية المنظمة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبالفعل ربما يكون المسبب الأبرز والأكثر في تعثر المشروعات.
ناهيك عن تأمين التمويل، و دور التسويق الصحيح، كما أن تكرار المشروعات في المنطقة الواحدة، وضعف القوة الشرائية، وارتفاع أسعار الإيجارات والمنتجات كلها أسباب موجودة وتسهم في تعثر المشاريع الصغيرة.
– خطة نموذجية..
تقول الخبيرة التنموية ميرنا السفكوني أن التغلب على التحديات يكون من خلال العمل بشكل مستمر على تحسين المشروع ومنتجاته، والاهتمام بشكل كبير بالجوانب الإدارية والمالية للمشروع، والعمل على إعداد تخطيط نموذج عمل مثالي يتناسب مع أداء المؤسسة.
وتؤكد على ضرورة ضبط حجم الإنفاق، وكذلك استخدام التقانة والأتمتة في إدارة العمليات لرفع الإنتاجية وخفض الإنفاق، والتواصل بشكل مستمر مع الزبائن لمعرفة التحسينات التي يمكن إضافتها في المنتجات.
وتتابع أن هناك عدة أسباب لتعثر المشروعات أهمها التمويل و الجدوى الاقتصادية، وعدم فهم متطلبات السوق المحلي بصورة كافية، بالإضافة إلى عدم وجود مؤسسات كبرى تتبناها.
وأشارت إلى أنه يمكن لرواد الأعمال مواجهة التحديات التي قد تتسبب في تعثر مشروعاتهم من خلال تقليل التكاليف التشغيلية، والعمل على إعداد تخطيط نموذج عمل يتناسب مع أداء المؤسسة، ولابد من ضبط حجم الإنفاق وكذلك إدماج التقانة والأتمتة في إدارة العمليات، لرفع الإنتاجية وخفض الإنفاق، إضافة للقدرة على الوصول لأسواق جديدة و خارجية.
وأشارت إلى أهمية إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية، لأنها تساهم بشكل كبير في التقليل من الخسائر وتكون سبباً في تلافي الكثير من التحديات مستقبلًا، مشيرة إلى أن التخطيط السليم والمتواصل يضمن التقدم في المسار الصحيح.