الثورة- منهل إبراهيم:
نعيش اليوم في عصر سياسات القوى الكبرى، وتعمل الدول بشكل متزايد وفقا لمصالحها، وهذا أمر حيوي وطبيعي، ومع وجود العديد من الدول المتنافسة في القطب الشمالي، يتحول بسرعة إلى أحد أكثر مناطق العالم أهمية وتركيزا في وضع القدم بقوة وسخونة في برودة أرضه وغزارة ثروته.
وتؤكد شبكة “بي بي سي” الإخبارية البريطانية أن بكين تواجه منافسة شرسة من روسيا وأوروبا والهند والولايات المتحدة، وبدأ السباق على القطب الشمالي.
وأوضحت “بي بي سي” انه ربما لا يتبادر إلى الذهن اسم الصين، عند التفكير في القطب الشمالي، لكنها مصممة على أن تكون لاعباً رئيسياً في هذه البقعة من العالم، فهي تتنافس على شراء العقارات، والمشاركة في مشاريع البنية التحتية، وتأمل في ترسيخ وجود إقليمي دائم.
وتصف الصين نفسها بأنها “دولة قريبة من القطب الشمالي”، على الرغم من أن عاصمتها الإقليمية في أقصى الشمال، تقع على خط عرض مدينة البندقية الإيطالية تقريباً.
وقالت الشبكة البريطانية: “قد بدأ نهج الصين القائم على “شراء النفوذ في القطب الشمالي” يلاقي رفضاً في جميع أنحاء القطب الشمالي الأوروبي، على سبيل المثال، حاولت بكين شراء حصص في موانئ بحرية في النرويج والسويد، ومطار في غرينلاند، لكن هذه المحاولات واجهت رفضاً”.
وبحسب “بي بي سي” فإن هذا يدفع الصين- أكبر قوة عظمى صاعدة في العالم والطامحة إلى النفوذ في القطب الشمالي- إلى الاقتراب من روسيا، التي تعد أكبر قوة فاعلة هناك.
وبينت الشبكة الإخبارية البريطانية أن روسيا تسيطر على نصف ساحل القطب الشمالي تقريباً، مستقطبة استثمارات صينية، كما يتعاون البلدان عسكرياً في القطب الشمالي أيضاً.
تدريب الجنود الروس
وأوضحت “بي بي سي” أن الدول المطلة على القطب الشمالي أعضاء في حلف الناتو باستثناء روسيا، وانضمت فنلندا والسويد بعد الغزو واسع النطاق لأوكرانيا، لكن الصين حريصة على عدم التقارب الشديد مع روسيا، فهي تريد تجنب العقوبات الغربية ومواصلة التعامل مع القوى الغربية، داخل القطب الشمالي وخارجه.
ويصف أندرياس أوستاغن، الزميل في معهد فريدجوف نانسن المستقل، القطب الشمالي بأنه “فرصة سهلة المنال” للتعاون الروسي الصيني، ولروسيا تحفظات أيضاً، يقول أوستاغن: “احذروا المبالغة في تقدير أهمية العلاقة الروسية الصينية، لا تزال روسيا حذرة من السماح للصين بالتغلغل في عمق القطب الشمالي”.
وأضافت “بي بي سي” أن موسكو تعتمد بشكل كبير على مواردها الطبيعية هناك، وتسعى أيضاً إلى جذب مستثمرين آخرين للقطب الشمالي، بما في ذلك الولايات المتحدة، وفقاً لتقارير.
وقالت الشبكة البريطانية: “تعتقد النرويج أن روسيا تستخدم منطقة القطب الشمالي لتدريب مجندين جدد على القتال، ولإطلاق قاذفات القنابل منها، لمهاجمة أوكرانيا، وعلى الرغم من أنها ليست في حالة حرب مباشرة مع روسيا، إلا أن النرويج تشعر بأنها تتعرض للهجوم، لاسيما شمال البلاد على طول حدودها البرية التي يبلغ طولها حوالي 200 كيلومتر”.
وبحسب “بي بي سي” تعد النرويج مورداً رئيسياً للغاز الطبيعي إلى أوروبا، بما يشمل المملكة المتحدة، لاسيما منذ فرض عقوبات على الصادرات الروسية عقب غزوها أوكرانيا، وتعمل موسكو على تحديث قدراتها العسكرية في القطب الشمالي، ولديها أسطول ضخم من غواصات التجسس والغواصات النووية، وإذا مرت هذه الغواصات دون أن تُكتشف، فقد تستهدف عواصم أوروبية بالصواريخ، كما قد تُهدد الولايات المتحدة.
حالة تأهب
وتذكر “بي بي سي” بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال لأوروبا إنه يتعين عليها بذل المزيد من الجهود للدفاع عن نفسها، ومع ذلك، فإن هناك “تداخلا كبيرا في المصالح” داخل القطب الشمالي، كما يقول رئيس المقر النرويجي المشترك، نائب الأدميرال رون أندرسن.
ويضيف أندرسن: “يتعلق الأمر أيضاً بالدفاع الوطني الأمريكي. إن تركيز روسيا على الأسلحة النووية، والقدرات التي تنشرها، لا يستهدف أوروبا فحسب، بل الولايات المتحدة أيضاً”
ويحتل القطب الشمالي منطقة شاسعة، تغطي 4 في المئة من مساحة الكرة الأرضية، وترى القوى العالمية الكبرى فيه عالماً جديداً من الفرص الثمينة على خلفية التغيرات البيئية، حيث يسهل ذوبان الجليد في القطب الشمالي للوصول إلى الموارد الطبيعية الهائلة في المنطقة، كالمعادن الأساسية والنفط والغاز.
وتقول “بي بي سي”: إن القطب الشمالي يحوي نحو 30 في المئة من الغاز الطبيعي غير المستغل، الأمر الذي يفتح أبوابا جديدة لطرق التجارة البحرية، ما يقلل بشكل كبير من وقت السفر بين آسيا وأوروبا، كما أن النرويج وحلفاءها في حلف الناتو في حالة تأهب، تحسبا لغواصات التجسس الروسية وسفن أخرى في القطب الشمالي.