أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها

الثورة – هبه علي:

 

تتطلع سوريا إلى مستقبلها، تقف أمامها فرصة استراتيجية لا تضاهى، تتمثل في قوة لا تحصى من أبنائها المنتشرين حول العالم..

المغتربون السوريون، هذه الشريحة التي طالما كانت سنداً ودعامة، تحمل في طياتها مفاتيح متعددة للنهوض بالبلاد، من الاستثمار المادي إلى نقل الخبرات المعرفية والثقافية، وصولاً إلى ترسيخ قيم مجتمع أكثر ازدهاراً وعدلاً، فكيف يمكن تحويل هذه الطاقات الكامنة إلى واقع ملموس يسهم في بناء سوريا الجديدة؟

ويوضح المدرب والصحفي أكرم الأحمد كيف شكل المغتربون السوريون، أو ما يمكن تسميته بـ”نفط وثروة سوريا المهاجرة”، كنز بشري واقتصادي هائل يستوجب على الدولة والمؤسسات المعنية إيلاءه اهتماماً خاصاً، والعمل على استثماره بفاعلية في عملية إعادة بناء سوريا وتنميتها.. فدورهم المحوري يمكن أن يتجلى في عدة أبعاد رئيسة، أولها الاستثمار الاقتصادي والمالي، الذي يمثل رأس المال المادي للمغتربين وفرصة ذهبية لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد السوري، فبإمكان رؤوس الأموال الكبيرة نقل استثماراتها ومشاريعها الضخمة والمتوسطة إلى الداخل السوري.

كما يمكن لأصحاب رؤوس الأموال الأصغر أن يكونوا حافزاً لفتح مشاريع صغيرة، تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي وتوفير فرص العمل، إضافة إلى ذلك، لا يمكن إغفال الدور الحيوي الذي لعبه المغتربون في تثبيت صمود ما تبقى من السوريين عبر الدعم الاقتصادي المباشر، وهو ما كان واضحاً، إذ أضحى المغتربون في أوروبا أو تركيا سنداً رئيسياً لدعم عائلاتهم في الداخل.

نقل المعرفة والخبرات

الأمر الثاني هو نقل المعرفة والخبرات، إذ “يكتسب المغتربون خلال إقامتهم في الخارج معرفة تقنية وإدارية متقدمة، مستقاة من احتكاكهم بالدوائر والمؤسسات الغربية المتطورة، هذه الخبرات يمكن أن تكون أداة قوية لنقل نهج الإدارة الحديثة، الحوكمة الرشيدة، والتخطيط الاستراتيجي إلى سوريا- حسب رأي الأحمد.

فالشباب الذي درس وعمل في مؤسسات تعليمية ومهنية خارجية، خاصة في العلوم الاقتصادية والإدارية، يمتلك مهارات قيمة يمكن توظيفها في بناء نظام تعليمي متطور، وإرساء قواعد الإدارة العصرية.”

ومن ناحية المساهمة الثقافية والاجتماعية، يرى الأحمد أن” دور المغتربين يتجاوز الجانب الاقتصادي ليلامس الأبعاد الثقافية والاجتماعية، فمن خلال اطلاعهم على الثقافات المتنوعة، طرق التفكير البناءة، والعادات الإيجابية، يمكنهم أن يكونوا جسراً لنقل هذه القيم إلى سوريا بما يتناسب مع خصوصية المجتمع السوري، كما يساهمون في تعزيز الاقتصاد والمشاريع المجتمعية، وغالباً ما تكون المبادرات المجتمعية في القرى والأرياف قائمة على جهودهم ودعمهم.”

ترسيخ قيم الحرية

وحول ترسيخ قيم الحرية والحقوق، أكد أن تجربة العيش خارج سوريا قد منحت الكثيرين فهماً عميقاً لمعنى الحرية، وحرية الآخر، وأهمية الحقوق والواجبات، هذه القيم الأساسية التي تعلمها ومارسها المغتربون تعد من الأمور الجوهرية التي يجب تبنيها ونقلها إلى الداخل السوري لتعزيز مجتمع أكثر انفتاحاً وعدلاً.

وعن آليات تفعيل طاقات المغتربين، يرى الأحمد أنه لتحويل هذه الطاقات الكبيرة إلى قوة فاعلة، يمكن للدولة والمنظمات الكبيرة تبني عدة أدوات، منها: إنشاء منصات للتنسيق والربط عبر بناء قاعدة بيانات شاملة للمغتربين السوريين المؤثرين، ولاسيما أولئك الذين يتبوؤون مناصب حساسة أو لديهم خبرات نوعية.

التواصل المباشر والتحفيز: على غرار التجربة التايوانية في استقطاب خبرائها المغتربين، يجب إرسال موفدين خاصين للتواصل مع هؤلاء الكفاءات، تحفيزهم على العودة، ووضع خطط لاستيعاب الذين عادوا بالفعل ودمجهم في سوق العمل.

كذلك إطلاق مبادرات تنموية جماعية من خلال دفع المغتربين للمساهمة في مبادرات تنموية وطنية بشكل جماعي، مما يعزز شعورهم بالانتماء ويُسرّع وتيرة الإعمار.

التأثير في السياسة الدولية

تنظيم المغتربين ليكونوا لوبياً مؤثراً في السياسة الدولية الداعمة لسوريا، مستفيدين من مواقعهم وشبكات علاقاتهم.

المشاريع الصغيرة

وحول أثر المشاريع الصغيرة كأداة للسلم الأهلي والوعي المستدام قال الأحمد: يعد أثر المشاريع الصغيرة أبعد بكثير من مردودها المادي المباشر، فهو يمتد ليحقق أثراً معنوياً واجتماعياً عميقاً.
هذه المبادرات، حتى لو كانت محدودة التمويل، يمكن أن تكون بوابة لترسيخ السلم المجتمعي وتقليل التصادم بين مكونات المجتمع، وتعزيز التماسك والثقة. فهي بمثابة الشرارة التي تحفز مبادرات أكبر، وتلعب دوراً في تطوير مهارات الفرق الصغيرة والمتطوعين، وتدريب الأجيال الجديدة، وتقديم الدعم المباشر.

الأهم من ذلك، أن المبادرات الصغيرة الناجحة تخلق “قصص نجاح” تعد مادة خام للإعلام لتسويقها بشكل صحيح، مما يخدم أهدافا وطنية مثل السلم الأهلي والعدالة إن الإدارة الصحيحة والاستمرارية والتنظيم لهذه المشاريع يحدث أثراً مستداماً في الوعي المجتمعي، أشبه بكرة الثلج المتدحرجة؛ ينتشر الوعي من فرد لآخر، ويحدث تحولات اجتماعية واقتصادية ضخمة.

وختم الأحمد حديثة بالقول: يمثل المغتربون السوريون طاقة معرفية، وقوة أخلاقية، وثروة فكرية هائلة، ومن غير المستبعد أن يلعبوا دوراً محورياً في مستقبل سوريا، سواء من داخل الوطن أم من أماكن إقامتهم.”

 

 

آخر الأخبار
ثلاث منظومات طاقة لآبار مياه الشرب بريف حماة الجنوبي الفن التشكيلي يعيد "روح المكان" لحمص بعد التحرير دراسة هندسية لترميم وتأهيل المواقع الأثرية بحمص الاقتصاد الإسلامي المعاصر في ندوة بدرعا سوريا توقّع اتفاقية استراتيجية مع "موانئ دبي العالمية" لتطوير ميناء طرطوس "صندوق الخدمة".. مبادرة محلية تعيد الحياة إلى المدن المتضررة شمال سوريا معرض الصناعات التجميلية.. إقبال وتسويق مباشر للمنتج السوري تحسين الواقع البيئي في جرمانا لكل طالب حقه الكامل.. التربية تناقش مع موجهيها آلية تصحيح الثانوية تعزيز الإصلاحات المالية.. خطوة نحو مواجهة أزمة السيولة تعزيز الشراكة التربوية مع بعثة الاتحاد الأوروبي لتطوير التعليم حرائق اللاذقية تلتهم عشرات آلاف الدونمات.. و"SAMS" تطلق استجابة طارئة بالتعاون مع شركائها تصحيح المسار خطوة البداية.. ذوو الإعاقة تحت مجهر سوق العمل الخاص "برداً وسلاماً".. من حمص لدعم الدفاع المدني والمتضررين من الحرائق تأهيل بئرين لمياه الشرب في المتاعية وإزالة 13 تعدياً باليادودة "سكر مسكنة".. بين أنقاض الحرب وشبهات الاستثمار "أهل الخير".. تنير شوارع خان أرنبة في القنيطرة  "امتحانات اللاذقية" تنهي تنتيج أولى المواد الامتحانية للتعليم الأساسي أكرم الأحمد: المغتربون ثروة سوريا المهاجر ومفتاح نهضتها جيل التكنولوجيا.. من يربّي أبناءنا اليوم؟