غالٍ على المستهلك ورخيص عند الفلاح.. المشمش في حمص بين تحكم السماسرة وضعف التسويق

الثورة – سهيلة إسماعيل:

لن نبالغ ولن نأتي بجديد إذا قلنا: إن معاناة مزارعي المشمش في محافظة حمص معاناة قديمة جديدة، لكنها لم تسقط بالتقادم, رغم أن المحافظة هي الثانية على مستوى القطر بإنتاج المشمش وبأنواعه المختلفة, بل على العكس تماماً ربما ازدادت في السنوات الأخيرة, تزامناً مع تغير الظروف الاقتصادية وصعوبتها، كغلاء الأسمدة والمحروقات وارتفاع أجور اليد العاملة وضعف الهطول المطري وتحكُّم سماسرة السوق المحلية بالمزارعين وغيرها من معوقات أخرى، ما دفع المزارعين إلى الرد على سؤال عن ظروف زراعة المشمش.. وعما إذا كان هناك ثمة حلول لمعاناتهم بالمثل الشعبي القائل: “بكرا في المشمش”, كدليل على قناعتهم باستحالة إيجاد حل ناجع لمعاناتهم التي سنستعرضها هنا، كما وردت على لسان مزارعين من بلدة ربلة في منطقة القصير لأن 95 بالمئة من إنتاج المشمش يتركز فيها.
25600 طن إنتاج ربلة ولكن..!
تحدث رئيس بلدية ربلة زكريا فياض، باعتباره مزارعاً، عن معوقات إنتاج المشمش وتسويقه قائلاً: تُقدر المساحات المزروعة بأشجار المشمش في بلدة ربلة والقرى التابعة لها بـ25870 دونماً, ويُقدر الإنتاج بـ25600 طن, وتبدأ العناية بالأشجار من الشهر الأول للعام ومعها يبدأ تعب المزارعين ومعاناتهم, من رش مبيدات وحراثة بين الأشجار ودفع كلفة السقاية بالنسبة إلى المزارعين غير المالكين منظومة طاقة شمسية, وتستمر إلى ما بعد جني المحصول, وتصل كلفة الدونم الواحد إلى 700 ألف ليرة تقريباً.
واعتبر أن معاناة المزارعين هذا الموسم كبيرة لأن الأسعار وبعد عدة أيام من طرح المنتج في السوق انخفضت كثيرا ولا تتناسب مع التكلفة الحقيقية المتضمنة أسعار الصناديق البلاستيكية وأجور النقل وأجور اليد العاملة, أما بخصوص التسويق فإن السوق المحلية غير قادرة على استيعاب الكميات الكبيرة المطروحة في ظل الظروف الحالية في البلد, ولاسيما تردي الوضع المعيشي للمواطن وضعف القوة الشرائية.
وأضاف فياض: إذا أراد المزارع تصدير المنتج، فإن كلفة الشحن مرتفعة أيضا, ما يجعل المزارعين يخضعون لتحكم التجار بأسعار المحصول، مع أن بلدة ربلة تصدر كل يوم ما يقارب العشرة برادات تنقل المشمش إلى الدول المجاورة وأعلى قيمة للثمار الجيدة القابلة للتصدير لا تتجاوز الـ7000 ليرة للكيلو، أما الأقل جودة فلا يرد كلفته.

غياب الجهات المعنية

ولخص المزارع ميخائيل اسكيف، ولديه 20 دونماً مزروعة بالمشمش في بلدة ربلة، معاناته ومعاناة غيره من مزارعي المشمش بعدم توفر المواد الأولية اللازمة للإنتاج كالمحروقات والأسمدة والمبيدات الحشرية، كما أن الأدوية الزراعية غير متوفرة في أغلب الأحيان في الصيدليات الزراعية، فيضطر المزارع لشرائها من المهربين بالدولار من دون تحقيق الفائدة المرجوة منها, لأنها قد تكون منتهية الصلاحية أو مغشوشة فهي غير خاضعة لأي رقابة.
ورأى أن تسويق المحصول يمر بثلاث حلقات هي: المزارع- الوسيط أو التاجر- المستهلك, والخلل يكمن في تحكم الوسيط فعلى سبيل المثال يبيع المزارع الكيلو بسعر 5000 ليرة سورية, ويصل السعر للمستهلك إلى 15 أو 20 ألف ليرة، ولاسيما في بداية الموسم, موضحاً: المزارع مجبر على البيع لأنه إذا لم يتم قطف الثمار تتساقط على الأرض، ومن المعروف أن موسم المشمش قصير, وهكذا تتم سرقة تعب المزارع خلال عام كامل.
وكحل لهذه الأمور- يرى اسكيف- أنه يتوجب على الجهات المعنية ضبط الأسعار واحتضانها لمنتجات المزارعين سواء من ناحية توفير المواد اللازمة للإنتاج, أو من ناحية تسويق المنتج بطريقة لا تبخس المزارع تعبه وحقه.

بالأرقام

مدير زراعة حمص المهندس محمد نزيه الرفاعي، لفت إلى أن حمص من المحافظات المشهورة بزراعة أشجار المشمش، وتحتل المرتبة الثانية بإنتاجه, وتتوزع المساحات المزروعة في المركز الغربي، وتبلغ 53 هكتاراً, وعدد الأشجار المثمرة 15150 شجرة، والإنتاج يقدر بـ273 طناً, وفي المركز الشرقي يوجد 184 هكتاراً، وعدد الأشجار المثمرة 32410 شجرة, والإنتاج نحو 171 طناً, أما في منطقة تلكلخ، فهناك خمسة هكتارات عدد أشجارها 17750 شجرة، ويُقدر إنتاجها بـ80 طنا, وفي منطقة الرستن في ريف المحافظة الشمالي يوجد 87 هكتاراً، وعدد الأشجار 10950 شجرة، وإنتاجها 154 طناً, وفي منطقة القصير في الريف الجنوبي يوجد 6319,2 هكتار, وعدد الأشجار 947880 شجرة، يُقدر إنتاجها بـ 47350 طناً, أما في منطقة القريتين فيوجد 42 هكتاراا فيها 7300 شجرة مثمرة وإنتاجها أربعة أطنان فقط.

يستحق العناية

ولفت إلى أن موسم المشمش في محافظة حمص يستحق الاهتمام من قبل الجهات المعنية, كما يستحق مزارعوه الدعم الكامل من خلال توفير مستلزمات الإنتاج من أسمدة وأدوية زراعية ومبيدات حشرية وقروض زراعية ميسرة لمن يرغب لتركيب الطاقة الشمسية, والأهم من كل ذلك مساعدتهم في تسويق المنتج كي لا يبقوا لقمة سائغة في فم التجار الذين لا يهمهم إلا تحقيق الربح المادي على حساب تعب المزارعين، ليس بالنسبة إلى المشمش وإنما لكل المواسم الزراعية، لما لها من أهمية في تلبية حاجة السوق وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض.

آخر الأخبار
بمشاركة 740 شركة... "بيلدكس" يعزز فرص التعاون في قطاع الإعمار تعزيز التعاون التربوي بين سوريا و"الألكسو" إعادة الإعمار بوابة التنمية لسوريا الجديدة.. باحث اقتصادي لـ"الثورة": تحولات اقتصادية قادمة فرنسا تُعلن تضامنها مع "الخوذ البيضاء" وتؤكد استمرار دعمها للمدنيين السوريين تعثر سدادها يهدد سيولة المصارف وتجميد القروض.. ديون المُسرَّحين.. بين مطرقة البنوك وسندان البطالة دمشق وأنقرة.. حرص مشترك على تعزيز التعاون وترسيخ الاستقرار من إدلب إلى دمشق غيث حمور شعرت أنّني أوقّع على جسدي لا على الورق ضمن خطتها لإعادة الهيكلة.. الداخلية تُعلن أسماء قادة الأمن الداخلي الجدد في المحافظات 64 عائلة سورية تبدأ بالعودة من مخيم "مريجيب الفهود" بالأردن فوهات مطرية بإطارات مطاطية في اللاذقية معالجة ازدحام تقاطع جديدة الفضل والبلد الدروس الخاصة ..ضرورة ذو حدين  أساتذة النخب الأول.. في الصدارة الدروس الخصوصية والمكثفات ..تجارة رابحة وكابوس على الأهالي  الهلال الأحمر بالقنيطرة يدعم مصابي الألغام تراخيص مؤقتة لألعاب العيد في دمشق تدشين محطة ضخ تفريعة جديتي للمياه في طرطوس منحة زراعية لقرى بحمص مصادر في القنيطرة لـ" الثورة": لا صحة لسيطرة قوات الاحتلال على مبنى المحافظة مبقرة "فديو" .. إنتاج وفير وصعوبات بالجملة غالٍ على المستهلك ورخيص عند الفلاح.. المشمش في حمص بين تحكم السماسرة وضعف التسويق