الثورة – لينا شلهوب:
تنشط في هذه الفترة، معاهد التعليم، والمتابعة والدروس الخصوصية، وكلها أشكال وطرق للتعليم باتت تغزو البيوت، وملجأ للكثيرين من الطلاب والأهل في ظل تدني مستوى التعليم العام في العديد من المدارس، وما يشهده من فوضى جراء تغيّب أهل الاختصاص، وعزوف الشباب عن عملية التدريس وغيرها من المهن.
خارج المعلن
مع اقتراب موسم الامتحانات.. وفي استطلاع لـ”الثورة” لاحظنا نشاط وكثافة الدروس الخصوصية، وما يسمى بالمكثفات وغيرها.
نيرمين- من دويلعة، عبرت عن معاناتها في تأمين التكلفة المادية لدراسة ابنها في الفرع العلمي بالثانوية في معهد تعليمي خاص، واضطرت لسحب قرض كقسط للمعهد، الذي لم يكن كافياً، فهناك أيضاً متطلبات أجور الدورة المكثفة التي يقيمها المعهد، وهي خارج القسط المعلن عنه، وبأجور إضافية تصل لأكثر من مليوني ليرة، مؤكدة أن هناك العديد من الطلاب يلجؤون إلى الدروس الخصوصية، إذ يصل سعر الساعة الواحدة لمواد البكالوريا (العلمي والأدبي) ما بين 60 و80 ألف ليرة وأكثر، وفي مدينة جرمانا يصل إلى ما يقارب الـ 100 ألف ليرة، ويخضع ذلك لاسم المعهد وموقعه، أو للمدرّس وخبرته، ولا يخلُ الأمر من عبء آخر يتكبّده الأهالي عبر وجود ما يسمى المكثفات وكذلك أوراق العمل، وكل نوع و له سعره.
تداهم المجتمعات
رنا- أم لطالبين في التعليم الأساسي، أشارت إلى أنها لا تلجأ للدروس الخاصة حالياً، كونها تقوم بمهمة تدريسهما، إضافة لعدم قدرتها المادية لذلك، موضحة أنه يتم تعيين معلمين غير كفوئين في الصفوف الأساسية، لسد شاغر فقط، وليس لتقييم حالة تعليمية وإنجاحها، منوهة بأن الدروس الخصوصية باتت تعدّ إحدى الظواهر المعاصرة التي تداهم المجتمعات، وتشكّل معاناة لكل من المسؤولين والأولياء والطلاب، ويكتنفها متغيرات متداخلة كالطالب والمادة الدراسية والمدرّس والامتحانات وولي الأمر، فضلاً عن أن الطالب لديه فكرة مسبقة بأن ثقته بالتدريس يستمدها من معلمه، وليس من والديه، وهذه إحدى المشكلات.
كما يشير أهالٍ، إلى دور معاهد المتابعة التي باتت منتشرة، وتعمل على تدريس الطلاب وحل وظائفهم، فقد تكفي المدرسة في الصفوف الأساسية في حال كان الأهل غير متفرغين لتعليم أبنائهم، والأم الموظفة هي الأكثر لجوء لهذه المعاهد لتسد نقص أو تقصير ما.
خلل واضح
لا ينكر مدير إحدى مدارس ريف دمشق أن هناك خللاً بات واضحاً في آلية التعليم في المدارس العامة، في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها البلد، ما انعكس على سوية التعليم، وبدأت مع ذلك رحلة الأعباء والمعاناة للأهل، نتيجة الأسعار والمبالغ المترتبة عليهم بغية حصول أبنائهم على علامات تؤهلهم للدخول في اختصاصات متنوعة وذات شأن.
إحسان- مدرّس، أكد أن أقساط المدارس متفاوتة كثيراً ولا يوجد توجّه موحّد نوعاً ما، فتصل إلى 10 ملايين ليرة وأكثر، علماً أن وزارة التربية، وكما أعلنت أنها تشرف على عمل المعاهد الخاصة المرخصة، من أجل ضبط آلية عملها وفق أجور محددة.
مجاني.. شكلاً
والد أحد الطلاب- أبو نورس- من حي الطبالة، بين أن التعليم في حالة تدهور، إذ إنه إلزامي، وكذلك مجاني شكلاً وليس مضموناً، وأضاف: حتى النسخ المدرسية التي يتم تسليمها للطلاب غير صالحة للاستخدام كونها تالفة، ويضطر الأهل لشراء نسخ أخرى وبأثمان ليست قليلة، فأين مجانية التعليم؟
وبين أن البعض من المدرسين اعتبرها تجارة رابحة، فمنهم من يضطر إليها لأن راتبه لا يكفي، لكن ذلك يشكّل عبئاً يقع على كاهل الأهالي كي لا يحرموا أبناءهم أي فرصة في متابعة دراستهم.
عدد من طلاب الصف التاسع بمدرسة في باب توما، يؤكدون أنهم يلجؤون إلى الدروس الخاصة أو الدورات المكثفة، بسبب قلة قدرتهم على الاستيعاب في الصفوف الدراسية التي تضم ما يتجاوز الـ 65 طالباً في الصف الواحد، وهذا يؤثر على تقديم شرح كافٍ من المدرسين نتيجة الكثافة الطلابية، علاوة على ذلك فالكثير من المدرسين تم التعاقد معهم نتيجة عدم وجود مدرسين اختصاصيين، وهذا حرمهم من جودة التعليم.
خلقت اتكالية
الدروس الخصوصية منتشرة انتشاراً واسعاً، ويرجع ذلك لجملة من الأسباب، منها ما يتعلق بالمدرسة، والطالب، والأسرة ثم المعلم، وقد ألقى ذلك بظلاله على التحصيل الدراسي للتلاميذ، ونجم عنها آثار بالغة، فهي تخلق داخله نوعاً من الاتكالية والاعتمادية والسلبية، وعدم المبادرة والتفكير، ونوعاً من الخمول العقلي وعدم الابتكار، لأنه تعوّد أن تلقّن له المعلومة من دون عناء، لذلك لم ينشأ داخلهم مشروع بحث.