الثورة – زهور رمضان:
بعد أيام وليال من أعمال المواجهة في محاصرة النيران الملتهبة التي شهدتها بعض المناطق في المحافظات السورية مؤخراً.. كان صدى المؤازة والتلاحم في إنقاذ رئة الطبيعة من الاحتراق ربما أقوى بين أفئدة الناس الغيورة من سرعة الرياح المتنقلة بين جبل وهضبة وواد.
فلا شك مع مسلسل الحرائق الحراجية التي اعتدنا على اندلاعها منذ بداية فصل الصيف وحتى نهايته، إلا أن وقعها هذا العام كان أصعب وأكبر، إذ التهمت مساحات كبيرة من حراج بلادنا الخضراء الجميلة واحتراق ملايين الأشجار الحراجية، كالصنوبر والسنديان والبلوط والبطم، وغيرها من الأشجار التي قد تحتاج وقتاً طويلاً للعودة إلى الحياة من جديد، ناهيك عن تسببها بموت وانقراض بعض الحيوانات النادرة الموجودة في عمق الغابات الساحلية مثل اليحمور السوري.
لكن اللافت هو حالة التعاون والتكاتف بين الجميع ما يعكس عظمة المشهد الذي رأيناه في سوريا، وذلك أثناء عمليات إطفاء الحرائق وإخمادها أو تبريدها، كان المنظر مبهجاً وأنت ترى أبناء سوريا يقفون يداً واحدة، كل حسب إمكاناته وقدراته للمشاركة في التخفيف من هول الحرائق التي التهمت من دون رحمة كل ما جاء في طريقها غير آبهة بمشاعر من يراها.
مبادرات أهلية اجتماعية
فيما كان عناصر الإطفاء يتسارعون لإطفاء الحرائق بكل ما لديهم من معدات ووسائل متوفرة، كنا نرى الكثير من الجمعيات الخيرية تتسارع لتقديم المساعدة لهم، إذ قامت جمعية “النور الخيرية” بالتعاون مع منظمة المرام بتنفيذ تدخل طارئ لدعم فرق الدفاع المدني العامة في الخطوط الأمامية، من خلال تقديم وجبات جاهزة ومياه الشرب والعصائر الباردة والمثلجات وبعض التجهيزات، ناهيك عن مساعدتهم في إخماد بعض البؤر النارية دعماً منهم للجهود البطولية التي يبذلها عناصر الدفاع المدني في إخماد الحرائق وحماية الأهالي والممتلكات.
كما قام المجتمع المحلي في منطقة مصياف بمبادرة اجتماعية بحضور رئيس مجلس مدينة مصياف محمد الشيخ حسن، ورئيس دائرة زراعة مصياف المهندس علاء الحمصي، ورئيس شعبة الحراج المهندس عبد الحكيم بتكريم عدد من عناصر مركز حماية الغابات في كفر عقيد بمبالغ مالية كرسالة حب وتقدير لهم لمساندتهم ومساعدتهم في إطفاء الحريق في جبال مصياف مؤخراً، وقد تركت هذه المبادرة أثراً طيباً في نفوس العناصر الذين اعتبروها تحفيزاً رائعاً لهم للاستمرار في تقديم أقصى ما لديهم من قدرات ومعدات للمحافظة على الحراج الذي يعتبر ثروة طبيعية للجميع، ولا يكون هذا إلا بالمحبة والتعاون بين الجميع لأنه بالتكاتف والتضامن يمكن صنع المستحيل.
هذا فضلاً عن قيام بعض أبناء مصياف في المغترب بإطلاق مبادرة تم فيها تسليم دائرة زراعة مصياف معدات حديثة خاصة بإطفاء الحرائق للمساعدة بالوقاية من الحرائق وتخفيف آثارها في المستقبل.
هذا وتبقى الغابات ثروتنا الطبيعية يتوجب الحفاظ عليها وعدم المساس بها، فهي ملك عام للجميع.. وهي رئة الطبيعة التي يلجأ إليها الجميع عندما يحتاجون إلى مزيد من الأوكسجين والراحة من ضغوط الحياة القاسية.. فهي المتنفس الوحيد لمن يطلب الاطمئنان والسكينة، لذلك علينا جميعاً التكاتف والتعاون لحمايتها وإعادة إحيائها من جديد.