الثورة – ترجمة هبه علي:
ينتهج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تكتيكاً يجمع بين المماطلة والمراوغة في المباحثات الهادفة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، في انتظار عرض طرفي الحرب، موسكو وكييف، شروطهما للتوصل إلى وقف إطلاق النار وفق معلقين ألمان وأوروبيين.
رغم زخم دبلوماسي غير مسبوق برعاية أمريكية، لا تزال المفاوضات الهادفة لإنهاء الحرب في أوكرانيا تراوح مكانها، يطبعها تمسك كل طرف بخطوطه الحمراء غير المقبولة لدى الطرف الآخر.
وكان الرئيس بوتين أوضح أن بلاده سوف “تقترح” على كييف العمل على “مذكرة”، في خطوة مسبقة اعتبرها أساسية “لاتفاق سلام محتمل مستقبلاً”، فيما رد نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالقول: إن موسكو تسعى لـ”كسب الوقت بغية مواصلة حربها واحتلالها” رغم مرور ثلاث سنوات على غزوها للأراضي الأوكرانية في حرب مدمرة أودت بحياة عشرات الآلاف من المدنيين والعسكريين من كلا البلدين.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بإنهاء هذه الحرب “خلال 24 ساعة”، بل ذهب للقول في أكثر من مناسبة: إنه لو كان رئيساً حينها لما سمح أصلاً باندلاعها.
وفي آخر فصل من فصول جهود البيت الأبيض الدبلوماسية (غير المجدية لحد الآن) أجرى ترامب وبوتين مكالمة هاتفية (19 أيار 2025) بهدف “وقف حمام الدم” في أوكرانيا، على حد تعبير الرئيس الأمريكي، بعد محادثات غير مثمرة في اسطنبول بين كييف وموسكو، وعقب المكالمة أوضح ترامب أن موسكو وكييف “ستباشران فوراً المفاوضات بهدف التوصل إلى هدنة”، دون تقديم جدول زمني بهذا الشأن، وعلقت آمال كبيرة على هذه المكالمة التي لم تسفر عن أي تقدم حاسم، ما دفع كييف وعواصم غربية أخرى لاتهام بوتين بالمماطلة.
تزامناً مع تواصل الجهود الدبلوماسية تشن روسيا وأوكرانيا هجمات متبادلة على طول خطوط جبهات القتال في الغالب بواسطة الطائرات المسير،. ولا يمر يوم دون أن يعلن أحد الطرفين إسقاط العشرات من هذه المسيرات وأحياناً المئات، وتمكن الأوكرانيون أكثر من مرة من تعطيل حركة الطيران في العاصمة الروسية موسكو، وتضررت بشكل خاص أكبر مطارات روسيا، وهي مطار شيريميتيفو، إضافة إلى مطاري دوموديدوفو وجوكوفسكي.
في حوار مع إذاعة “دويتشلاند فونك” الألمانية (22 مايو 2025)، حذر “فرانك مانفريد فيبر رئيس كتلة “الشعب الأوروبي” في البرلمان الأوروبي وعضو الحزب المسيحي الاجتماعي الألماني من سوء تقدير نوايا روسيا، وقال: “روسيا لا تريد السلام، هذه هي الحقيقة التي نواجهها”، ومع ذلك، شدد على مدى أهمية إجراء المحادثات بين موسكو وكييف، وأوضح فيبر “أن دونالد ترامب يرغب في استعادة روسيا كشريك “، “إنه يفكر في ذلك إلا أنني أرى ذلك وهماً مطلقاً”، يعتقد أنه يمكن تحرير روسيا من قبضة الصين (..) لقد فشل ذلك بالفعل في عام 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، عندما قامت ألمانيا ببناء خط أنابيب الغاز “نورد ستريم 2″ بدلاً من فرض عقوبات صارمة”.
وأضاف فيبر “بوتين تحت ضغط كبير، لا يجب أن ننسى ذلك، العقوبات تؤثر بالفعل (..) لا يمكن لبوتين تحمل ذلك على المدى الطويل، لذلك، يجب أن نواصل اتخاذ هذه الخطوات”.
من جهته أوضح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (22 أيار) أن الرئيس دونالد ترامب أخطأ إلى حد كبير في تقدير مدى تأثيره على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما لم تسفر مكالمة هاتفية بين الزعيمين عن أي تقدم في محادثات السلام في أوكرانيا، مما دفع أوروبا إلى إعلان عقوبات جديدة على روسيا، وقال بيستوريوس بدوره في حوار مع دويتشلاند فونك”: “أشك أنه (ترامب) قيم موقفه التفاوضي بشكل غير صحيح”، ويعمل الاتحاد الأوروبي حالياً على إعداد حزمة جديدة من العقوبات على موسكو.
وقال بيستوريوس إنه لا يزال من غير الواضح، هل ستنضم واشنطن إلى هذه الإجراءات بينما تستمر المحادثات عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة، لكن المراقبين يستبعدون انضمام واشنطن لعقوبات جديدة، فعند سؤاله عن عقوبات أمريكية محتملة ضد روسيا، قال ترامب: “إنه لا يعتقد أن هذه فكرة جيدة وأضاف أنه يعتقد أن بوتين يريد التوصل إلى اتفاق”.
المصدر- DW