تعثر سدادها يهدد سيولة المصارف وتجميد القروض.. ديون المُسرَّحين.. بين مطرقة البنوك وسندان البطالة

 الثورة – محمد راكان مصطفى:

تواجه شريحة واسعة من العسكريين والموظفين السابقين أزمة بسبب قروضهم لدى المصارف والغرامات المترتبة عليهم جراء انقطاعهم عن التسديد، خاصة بعد أن بدأت المصارف بتحذيرهم من تحويل ملفاتهم إلى القضاء في حال عدم سداد القروض.
هذه الأزمة، التي تفاقمت جراء توقف رواتب هؤلاء الأفراد، تسلط الضوء على تحديات اقتصادية واجتماعية معقدة، تطلب موازنة بين التزامات المصارف وحقوق المقترضين، وتدخلاً حكومياً استثنائياً لاحتواء تداعياتها.
نائب عميد كلية الاقتصاد للشؤون الإدارية وشؤون الطلاب في جامعة حماة الدكتور عبد الرحمن محمد، أكد في تصريح لصحيفة الثورة أن شريحة كبيرة من العسكريين والموظفين السابقين المسرحين، تعاني من أزمة ديون متصاعدة نتيجة توقف رواتبهم.. ويرى أن هذه الأزمة تتطلب موازنة دقيقة، وإن الحلول يجب أن تشمل إصلاحاً تشريعياً وتقديم دعم مالي مؤقت، مع مراعاة الظروف الإنسانية لهؤلاء.
وأضاف: رغم عدم توفر أرقام دقيقة عن حجم هذه القروض أو الديون، فإن السياق يشير إلى أن الديون تشكل أزمة مالية واجتماعية حادة، تتطلب حلولاً استثنائية تشمل إصلاحاً تشريعياً ودعماً مالياً، ناصحاً أن يتم الاعتماد على تقارير مستقبلية أو إحصائيات رسمية لفهم الحجم الحقيقي لهذه الديون.
ونوه محمد بقيام المصارف مؤخراً بتحذير المقترضين من تحويل ملفاتهم إلى القضاء في حال عدم السداد، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على هذه الفئة، مستعرضاً الأسباب المباشرة للمشكلة والتي تتلخص بتوقف الرواتب بعد حل الجيش وتسريح الموظفين بشكل جماعي، مما أفقدهم مصدر الدخل الوحيد، واعتماد المصارف على الرواتب كضمان رئيس للقروض، من دون وجود خطط بديلة في حال فقدان الوظيفة.
وعن التداعيات الاقتصادية لتراكم الديون غير القابلة للسداد، قال: بصراحة يؤدي تعثر السداد إلى زيادة الأعباء على النظام المصرفي، إذ إن تحول هذه القروض إلى ديون متعثرة، يؤثر على سيولة المصارف وقدرتها على تقديم خدمات ائتمانية جديدة، ناهيك عن الآثار الاجتماعية نتيجة تفاقم الفقر، خاصة مع عدم وجود بدائل دخل.

موقف المصارف

بالنسبة للوضع القانوني والمصرفي، أوضح محمد أن المصارف- وفق الإطار القانوني الحالي، يسمح لها بمطالبة المقترضين بالسداد حتى لو فقدوا مصدر الدخل، وتابع: ومع ذلك، يفتقر هذا الإطار إلى آليات استثنائية لمعالجة الأزمات الطارئة.
وغمز الاكاديمي إلى إشارة بعض المعلقين إلى أن المصارف منحت القروض بناءً على ضمان الراتب، وبالتالي لا يحق لها المطالبة بالسداد بعد توقف الراتب.
واقترح محمد عدداً من الحلول، منها ما يحتاج إلى تدخل حكومي عاجل، إعادة هيكلة القروض، وتأجيل السداد، أو تخفيض الفوائد حتى استعادة المقترضين لمصادر دخل جديدة، وتعويضات مالية لتوفير مساعدات مالية مباشرة، أو إعادة تشغيل جزء منهم.
ونادى بضرورة إصلاح سياسات الإقراض عبر وضع شروط مرنة للقروض تشمل ضمانات بديلة (مثل التأمينات أو المعاشات) بدلاً من الاعتماد الكلي على الرواتب.
وأشار محمد إلى التحديات المستقبلية، المتمثلة بالضغط على المالية العامة، معتبراً أي تدخل حكومي سيضاعف العجز المالي، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى عدم اليقين القانوني، في ظل غياب تشريعات واضحة لتنظيم حالات الإعفاء من الديون في الظروف الاستثنائية، مما يعيق تطبيق الحلول العادلة.

البطالة المقنعة

من جهته الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، رأى في تصريحه لـ”الثورة” أن البطالة المقنعة داخل أجهزة الدولة شكلت تحدياً رئيسياً، إذ تستغل الموارد البشرية بشكل غير فعّال، ما أدى إلى اتخاذ قرارات بتسريح بعض العاملين، بالإضافة إلى تسريح العسكريين الذين كانوا مع النظام المخلوع، مضيفاً: وبعد تسوية أوضاعهم لا بد من التفكير إما بإحالتهم على التقاعد وصرف رواتب تقاعدية لهم، أو تأمين فرص عمل جديدة، مما ينعكس ايجاباً على الاستقرار الاجتماعي .
وأشار إلى أنه وفي ظل غياب مصادر دخل، يواجه المسرّحون صعوبة في سداد ديونهم المصرفية، إذ كانت أقساط القروض تعتمد على رواتبهم السابقة، مما خلق أزمة اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية تتطلب حلولاً هيكلية تعالج إعادة توزيع القوى العاملة، وتأمين دعم قانوني واقتصادي يضمن الانتقال الآمن نحو نموذج اقتصادي مستقر.
ورأى الدكتور قوشجي أنه يمكن استحداث برامج لتوجيه المسرّحين نحو قطاعات أخرى تحتاج إلى اليد العاملة، مثل الزراعة، إعادة الإعمار، أو المشاريع الإنتاجية الصغيرة، وتقديم دعم تدريبي لإعادة تأهيل العاملين المسرّحين وتمكينهم من دخول سوق العمل بشكل جديد.

كما اقترح إعادة جدولة القروض المستحقة للمسرّحين، وإعطاء مهلة زمنية لسدادها من دون فوائد إضافية، وإنشاء صناديق دعم بالتعاون بين الدولة والقطاع الخاص لتوفير مساعدات مالية مؤقتة للعاطلين عن العمل، مع ضرورة تطوير نظام التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات، ووضع برامج تقاعدية مستدامة تتناسب مع التطور الاقتصادي في سوريا.

آخر الأخبار
زيارة الشرع إلى نيويورك… بداية عهد جديد لشرعية دولية ودور إقليمي فاعل الشرع: سوريا انتقلت من ميدان الحرب إلى ميدان الحوار الرئيس الشرع في قمة كونكورديا: رؤية جديدة لسوريا في مرحلة ما بعد الحرب  من واشنطن إلى دمشق.. استثمار الكفاءات السورية أولوية وطنية بكر غبيس: زيارة الرئيس الشرع تفتح آفاقاً واسعة لرفع العقوبات والتعاون الاقتصادي اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية بين الرمزية السياسية والخطوة التاريخية الشرع يلتقي في نيويرك مجموعة من كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين  زيارة الرئيس الشرع إلى أميركا.. بوابة أمل لاستثمار طاقات الجالية العام الدراسي بدأ.. و52 مدرسة بدرعا مازالت تؤوي عائلات مهجرة  محمد صبرا: حدث نيويورك نقطة فارقة في تاريخ سوريا الحديث إلغاء البلاغ "10" يسهّل عملية الاستثمار ويساهم في تحسين واقع القطاع الصناعي الجيش يفكك أكثر من 5000 لغم في دير الزور   بردى يئنُّ ويحتاج إلى خطةٍ إنقاذ لا تنظيفاً سطحياً! العراق يجدِّد موقفه الداعم للعملية السياسية في سوريا   قمة عالمية تجتمع حول حل الدولتين مع تزايد الدعم للدولة الفلسطينية الرئيس الشرع يصل إلى نيويورك للمشاركة باجتماعات الجمعية العامة حين يشارك الوطن أبناءه المغتربين.. يصبح الانتماء فعلاً لا شعاراً  إصابة ثلاثة رجال إطفاء في جبل التركمان الجالية السورية.. صوت الخارج الذي يرسم ملامح مستقبل الوطن مغتربون سوريون: لقاء الرئيس الشرع حمل بعداً وجدانياً يتجاوز السياسة