لا ندري بعد إلى متى ستمكث الحوافز الإنتاجية المعطلة في حقيبة التريث بعد أن تمّ الإجهاز عليها تحت حججٍ واهية وتبدو خاطئة لأنها قامت – في أغلب الظن – على الافتراض والتهيؤات بعيداً عن الوقائع الصحيحة.
حالة من الامتعاض الشديد يعيشها الكثيرون من عمالنا اليوم في الشركات والمواقع الإنتاجية جراء هذا الإجراء الجائر الذي يتجاهل أتعابهم، رغم أن نمطَ تلك الحوافز بحد ذاتها خبّأ بين سطوره تشويهاً حقيقياً لمعنى الحوافز، لأن ذلك النمط الذي وضع سقف خمسين بالمئة من عدد العمال الذين يمكن تحفيزهم كان كفيلاً بإحباطهم وقتل دوافع الإنجاز والإنتاج عندهم لأن الحوافز ستطال نصفهم فقط مهما قدموا من أعمال.
وهذا بالفعل أفقد الحوافز معناها لأن العامل الذي يرى حوافز الجادين مرتفعة، كان من المفترض أن يسعى ما أمكنه إلى تحسين أدائه، وبالتالي من الطبيعي حصوله على حوافز لقاء تحسين الأداء، وليس كما تمّ الترويج له بأن الحوافز فُهِمت بشكل خاطئ وصارت تُمنح من مبدأ (خطَي وحرام) وهذه كانت حجة في غير مكانها خلقها ذلك السقف الجائر بشطر عدد العاملين إلى نصفين، نصف يحق لهم التحفيز، والنصف الآخر مهما فعلوا فإنه لا يحق لهم ذلك .. !! فما هذه الحوافز..؟ وعلى أي أساس تقوم ..؟!
وعلى كل حال .. وعلى هذا المبدأ الخاطئ في تحديد الحوافز وإقرارها، ورغم كل ما تضمنته من قصر النظر، كان من المفترض معالجة أي خللٍ حاصل – فيما لو حصل – على حدة، والتعاطي معه كما هو، وليس بمثل هذا التريث الظالم الأشبه بالتدمير الشامل لآمال الحالمين، فهو نقطة سلبية بكل معنى الكلمة تضاف إلى رصيد النقاط المتشابهة التي باتت تتزاحم فوق بعضها.
هناك شركات حكومية تحقق أرباحاً عالية بفضل جهود عمالها وإداراتها وتفانيهم بالعمل وزيادة الإنتاج ومن حقهم الحصول على الحوافز، ليروا ثمار جهودهم ويتلمّسوا تلك الثمار كي يزدادوا اندفاعاً وهمة عندما يجدون أن هذه الحوافز تساعدهم ولو قليلاً على سدّ بعض الثغرات في هذه الحياة المثقوبة من كل جهةٍ وجانب، فلماذا جرى تشميلهم مع بعض الشركات المتعثرة أو التي أخطأت في فهم القرار الخاطئ أصلاً ..؟ ولاسيما أن المساحة تضيق يوماً وراء يوم أمام صعوبات الحياة التي لم تعد تحتمل مثل هذا التريث سيىء الصيت.
نحن كنا – على أساس – موعودين بالسير نحو مؤسسات رشيقة بعد تلك التحفيزات المغرية (بالمنظار الحكومي) وما هي بمغرية في الحقيقة .. ولكن ضغوط الحياة القاسية وضعتها بهذا الموضع، ومع هذا كله وإذ بنا نعتقلُ الرشاقة المزعومة بقرار التريث المنبثق من نفحٍ سلحفاتي أصلاً ليس فقط لا يعرف معنى الرشاقة بل يستعديها وبامتيازٍ شديد.