الثورة – رويدة سليمان:
لا تمل المرأة من سؤالها المعتاد والمكرر في الأيام العادية عن هم يومي بالنسبة لأغلبية النساء وهي طبخة اليوم، تشاور زوجها وأولادها وتسأل صديقاتها وجاراتها للابتكار في طبق ما وصنع آخر جديد مختلف النكهة بإضافات تميزه يروق لأفراد عائلتها ويكسبهم الصحة والحيوية، وفي رمضان هناك شخصية مميزة لمائدة الإفطار والسحور يفرضها الصوم، فتجتهد المرأة في فن الطهي لتمضي ساعات بين جدران المطبخ، منهمكة في الطهي والجلي، منهكة الجسد، مسلوبة الوقت.
حبيسة المطبخ:
تقول السيدة أم أحمد.. لا أستطيع الإمساك بزمام الوقت في رمضان فأنا حبيسة المطبخ لأنني أقضي حوالى أريع ساعات قبل الإفطار، وساعتين بعده في تنظيف الصحون وإعداد المشروبات والحلوى لعائلتي، وحتى على المائدة لا تنقطع طلباتهم ناهيك عن السحور أيضاً.
وتوافق أم محمد الرأي السابق في ضياع وقتها بالمطبخ في الشهر الفضيل من أجل إرضاء أبنائها وزوجها الذين يشتهون أصنافا ما ويتذمرون لغياب طبق ما يفضلونه، وحتى عندما تتفرغ لمتابعة برامج تلفزيونية تتعمد متابعة ما يخص الموائد الرمضانية لمعرفة عمل أصناف جديدة من الطعام والحلويات.
وتضيف السيدة رزان: أشعر بالذنب عندما لا يحلو لأحد أفراد أسرتي أطباق المائدة الرمضانية، لذلك أحاول الرضوخ لرغباتهم وتحضير الأكلات التي يحبونها وإن اختلفت الأذواق وهذا يستنزف وقتي ويرهق جسدي.
التدبير والتدوير:
تخالف السيدة أحلام الآراء السابقة بقولها: شهر رمضان ليس شهر الأكل، وليس من الحكمة إضاعته في تحضير ما لذ وطاب، ولاسيما أن الاهتمام بالمائدة الرمضانية تحت وطأة غلاء معيشي قاهر أصابها كثير من التعديل والتغيير على غير عاداتنا الرمضانية، فأطباق كثيرة غابت عنوة وضاقت الأصناف بمكوناتها، وهنا تظهر قدرة المرأة الإبداعية في التدبير وتدوير مأكولات اليوم للغد، وتلقي بعض النساء بالكثير من الطعام مما قضين وقتاً طويلاً في تحضيره.
وتلفت السيدة إلهام إلى أن التحضير المسبق وعلى مراحل لوجبات رمضان يختصر الكثير من الوقت حيث الكثير من ربات البيوت يستثمرن ساعات الوصل الكهربائي لتحضير الطعام.
وتقع على المرأة المسؤولية في المغامرة بوقتها في رمضان، إذ عليها تعويد أفراد أسرتها مساعدتها وتغيير ثقافتهم فيما يتعلق بالأكل، وفك الربط بين رمضان وتعدد الأطباق والوجبات، فالغاية من الصيام هو سلوك تربوي من ضمنه الإحساس بجوع الفقير وليس الإشباع حتى التخمة.
وتنتقد السيدة إيمان بعض النساء والأمهات اللواتي يبالغن عندما تسألهن عن مائدتهن الرمضانية في تعدد وتنوع الأصناف المعدة، وتقول: الوقت الذي أقضيه في المطبخ هو نفسه في الأيام العادية ولا اختلاف في إعداد الأصناف إلا قليل، وفي الطعام ينبغي عدم الإسراف والإفراط في تحضيره لأن النبي صلى الله عليه قال “ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه”.
لمة الأهل:
نكهة مميزة وطعم مختلف لمائدة رمضان بالتأكيد لا بأطباق طعامها ولا أصنافه وألوانه، بل نتذوقها باجتماع أفراد الأسرة وانضمام الأقارب والأصدقاء في لمة رمضانية روحانية وذكريات لا تنسى مع الأهل والأحبة، وتسمو النفوس وتعلو معاني الصفاء والنقاء.