شاعر وقصيدة.. معروف الرّصافي

الملحق الثقافي:              

معروف عبد الغني البغدادي الرصافي، شاعر العراق في عصره.
من أعضاء المجمع العلمي العربي (في دمشق) أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ويقال: إنها ولد ببغداد ونشأ بها في (الرصافة) وتلقى دروسه الإبتدائية في المدرسة الرشدية العسكرية، ولم يحرز شهادتها، وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في العلوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده، في الاجتماع والثورة على الظلم، وانتقل بعد الحرب العامة الأولى (سنة 1918) إلى دمشق ثم عين أستاذاً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، فأقام مدة وعاد إلى بغداد فعين نائباً لرئيس لجنة (الترجمة والتعريب) ثم أصدر جريدة (الأمل) يومية (سنة 1923) فعاشت أقل من ثلاثة أشهر.
وعين مفتشاً في المعارف، فمدرساً للعربية وآدابها في دار المعلمين، فرئيساً للجنة الاصطلاحات العلمية. واستقال من الأعمال الحكومية سنة 1928 فانتخب (عضواً) في مجلس النواب، خمس مرات، مدة ثمانية أعوام. وزار مصر سنة 1936 وقامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد، في أوائل الحرب العامة الثانية، فنظم (أناشيدها) وكان من خطبائها. وفشلت، فعاش بعدها في شبه انزواء عن الناس إلى أن توفي ببيته، في الأعظمية، ببغداد.
وكان جزل الألفاظ في أكثر شعره، عالي الأسلوب، حتى في مجونه، هجاءاً مراً، وصافاً مجيداً، ملأ الأسماع دوياً في بدء شهرته، وتبارى والزهاوي زمناً، وتهاجياً، ثم كان لكل منهما ميدانه: الرصافي برصفه، والزهاوي بفلسفته. نشأ وعاش ومات فقيراً. له كتب، منها (ديوان الرصافي- ط) جزآن اشتملت الطبعة الثانية منه على أكثر شعره، إلا أهاجي ومجونيات ما زالت مخطوطة متفرقة فيما أحسب، و (دفع الهجنة – ط) رسالة في الألفاظ العربية المستعملة في اللغة التركية وبالعكس، و(دفع المراق في لغة العامة من أهل العراق) نشر متسلسلاً في مجلة العرب، و(رسائل التعليقات- ط) في نقد كتاب النثر الفني وكتاب التصوف الإسلامي، كلاهما للدكتور زكي مبارك، و(نفح الطيب في الخطابة والخطيب- ط) و (محاضرات الأدب العربي – ط) جزآن، و (ديوان الأناشيد المدرسية- ط)
الأرملة
لقيتها ليتني ما كنت ألقاها
تمشي وقد أثقل الأملاق ممشاها
أثوابها رثّةٌ والرجل حافية
والدمع تذرفه في الخدّ عيناها
بكت من الفقر فاحمرّت مدامعها
واصفرّ كالورس من جوع محيّاها
مات الذي كان يحميها ويسعدها
فالدهر من بعده بالفقر أشقاها
الموت أفجعها والفقر أوجعها
والهمّ أنحلها والغمّ أضناها
فمنظر الحزن مشهود بمنظرها
والبؤس مرآه مقرون بمرآها
كرّ الجديدين قد ابلى عباءتها
فانشقّ أسفلها وانشق أعلاها
ومزّق الدهر ويل الدهر مئزرها
حتى بدا من شقوق الثوب جنباها
تمشي بأطمارها والبرد يلسعها
كأنه عقرب شالت زباناها
حتى غدا جسمها بالبرد مرتجفا
كالغصن في الريح واصطكّت ثناياها
تمشي وتحمل باليسرى وليدتها
حملاً على الصدر مدعوماً بيمناها
قد قمّطتها بأهدام ممزّقة
في العين منثرها سمبحٌ ومطواها
ما أنس لا أنس أنيّ كنت أسمعها
تشكو إلى ربّها أوصاب دنياها
تقول يا ربّ لا تترك بلا لبن
هذي الرضيعة وارحمني وإياها
ما تصنع الأم في تربيب طفلتها
أن مسّها الضرّ حتى جفّ ثدياها
يا ربّ ما حيلتي فيها وقد ذبلت
كزهرة الروض فقد الغيث أظماها
ما بالها وهي طول الليل باكية
والأم ساهرة تبكي لمبكاها
يكاد ينقدّ قلبي حين أنظرها
تبكي وتفتح لي من جوعها فاها
ويلمّها طفلة باتت مروّعةً
وبتّ من حولها في الليل ارعاها
تبكي لتشكوَ من داءٍ ألم بها
ولست أفهم منها كنه شكواها
قد فاتها النطق كالعجماء أرحمها
ولست أعلم أيّ السقم آذاها
ويح ابنتي أن ريب الدهر روّعها
بالفقر واليتم آها منهما آها
كانت مصيبتها بالفقر واحدة
وموت والدها باليتم ثنّاها
هذا الذي في طريقي كنت أسمعه
منها فأثرّ في نفسي وأشجاها
حتى دنَوت إليها وهي ماشية
وأدمعي أوسعت في الخد مجراها
وقلت يا أخت مهلاً أنني رجل
أشارك الناس طرّاً في بلا ياها
سمعت يا أخت شكوىً تهمسين بها
في قالة أوجعت قلبي بفحواها
هل تسمح الأخت لي أني أشاطرها
ما في يدي الآن استرضي به اللها
ثم اجتذبت لها من جيب ملحفتي
دراهماً كنت استبقي بقاياها
وقلت يا أخت أرجو منك تكرِمتي
بأخذها دون ما منٍّ تغشاها
فأرسلت نظرةً رعشاءَ راجفةً
ترمي السهام وقلبي من رماياها
وأخرجت زفرات من جوانحها
كالنار تصعد من أعماق أحشاها
وأجشهت ثم قالت وهي باكية
واهاً لمثلك من ذي رقة واها
لو عمّ في الناس حسَنٌ مثل حسّك لي
ماتاه في فلوات الفقر من تاها
أو كان في الناس انصاف ومرحمة
لم تشك أرملة ضنكاً بدنياها
هذي حكاية حال جئت أذكرها
وليس يخفي على الأحرار مغزاها
أولى الأنام بعطف الناس أرملةٌ
وأشرف الناس من في المال واساها
              

العدد 1184 –2-4-2024         

آخر الأخبار
الدفاع المدني في اللاذقية يسيطر على حرائق عدة بالمحافظة غرفتا الصناعة والتجارة في حلب تبحثان آفاق التعاون وتوحيد الجهود لخدمة الاقتصاد المحلي  د.نهاد حيدر ل"الثورة".. طباعة عملة جديدة يحتاج لإجراءات إصلاحية  ينعش آمال الأهالي ببيئة أنقى.. قرار بوقف "الحرّاقات" في عين العبيد بريف جرابلس  ضبط تعديات على خطوط ضخ المياه بريف القنيطرة الجنوبي تراجع ملحوظ  في إنتاجية العنب بدرعا.. وتقديرات بإنتاج 7 آلاف طن   وزير الاقتصاد يبحث في حلب مع وفد تركي فرص التعاون والتطوير العقاري حلب تستضيف الندوة التعريفية الأولى لمشروع "الكهرباء الطارئ" في سوري الإنسان أولاً.. الصحة تطلق مشاريع نوعية في ذكرى استشهاد محمد أمين حصروني بحث عودة جامعة الاتحاد الخاصة وتسجيل طلاب جدد التحالف السوري- الأميركي يدعو الكونغرس لرفع كامل العقوبات عن سوريا لتراجع إنتاجيته .. مزارعو عنب درعا يستبدلونها بمحاصيل أخرى تركة ثقيلة وخطوات إصلاحه بطيئة.. المصارف الحكومية تراجع دورها ومهامها استئناف العمل بمبنى كلية الهندسة التقنية في جامعة طرطوس فرص استثمارية ودعم للمبدعين.. "التجارة الداخلية" في جناح متكامل بمعرض دمشق الدولي "الجريمة الإلكترونية والابتزاز الإلكتروني".. التركيز على دور الأسرة في مراقبة الأبناء وتوجيههم إزالة 22 تجاوزاً على مياه الشرب في درعا سبعة أجنحة للاتحاد العام للفلاحين بمعرض دمشق الدولي.. غزوان الوزير لـ "الثورة": منصة تلقي الضوء عل... " سوريا تستقبل العالم " .. العد التنازلي بدأ.. لمسات أخيرة تليق بدورة معرض دمشق الدولي    ترامب يهدد مجددا بفرض عقوبات على روسيا