في دراسته لأسعار الطاقة وتوقعات التضخم للأسر والشركات.. “المركزي”: نقص التوريدات انعكس على أسعار السلع المستوردة والمحلية
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
قال مصرف سورية المركزي إن معدلات التضخم في سورية ارتفعت متأثرة بعوامل متعددة أحدها الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة، ولاسيما أن سورية تصنف ضمن البلاد المستوردة للنفط، الأمر الذي انعكس على أسعار السلع المستوردة، وكذلك المحلية المعتمدة على الطاقة وتكاليف الشحن، كما ارتفعت أسعار الخدمات المرتبطة بها كالكهرباء.
تراجع سلاسل التوريدات
وبحسب المركزي في دراسة له حول “أسعار الطاقة وتوقعات التضخم للأسر والشركات” فإن ما ساهم في ارتفاع معدلات التضخم في سورية تأسيساً على الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة هو نقص التوريدات التي فرضتها العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب بالدرجة الأولى، بالتوازي مع تراجع سلاسل التوريد عالمياً، مما أثار مزيداً من توقعات زيادة التضخم بالنسبة للسوق المحلية والأفراد والشركات المشاركة فيه، وأيضاً بالنسبة للمستوردين، حيث أسهمت تلك التوقعات إلى حد ما بالتأثير على مؤشر أسعار المستهلك دافعة إياه إلى مزيد من الارتفاع، ولكن ومع الانخفاض المتوقع لأسعار الطاقة خلال الفترة القادمة بعد انتهاء مرحلة خفض الإنتاج العالمي، فمن المتوقع تراجع معدلات التضخم المحلية بالتزامن مع انخفاض أسعار السلع الأساسية عالمياً، واستمرار تركيز الاعتماد المحلية على مصادر الطاقة المتجددة ودعم الصناعات المرتكزة عليها إلى جانب توسيع نطاق التعاملات والمبادلات التجارية مع البلدان الأخرى في سبيل التغلب على القيود الاقتصادية المفروضة.
تضخم عالميّ
دراسة المركزي أشارت إلى ارتفاع التضخم في دول العالم إلى مستويات غير مسبوقة منذ منتصف عام 2021 ومن ضمنها ألمانيا، مبيناً أن هذه الزيادة في المؤشر الإجمالي لأسعار المستهلك مدفوعة إلى حد كبير بارتفاع أسعار الطاقة في العديد من البلدان الأوروبية وخاصة في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية، مبيناً أن توقعات التضخم للشركات والأسر اتجهت نحو الارتفاع مما دفع إلى التساؤل عن الدور الذي تلعبه أسعار الطاقة في تشكيل توقعات التضخم لدى الأسر والشركات وكيفيه تفاعلها مع صدمات أسعار الطاقة، إضافة إلى استقراء التجربة الشخصية لزيادة أسعار الطاقة في الاقتصاد الكلي.
بيانات المسح الشهري
ووفقاً للمركزي في دراسته فإن مجمل هذه النقاط وأسئلة الاستفهام المنبثقة عنها، أجابت عنه ورقة أُعدت لصالح البنك المركزي الألماني، حيث قيَّمت تأثيرات زيادة أسعار الطاقة على توقعات التضخم لكل من الأسر والشركات في بيئة شبه تجريبية وكانت الدراسات السابقة قد ركزت على الأسعار البارزة الأخرى مثل أسعار مواد المحال التجارية النوعيّة (سوبر ماركت) وأسعار المنازل بالدرجة الأولى، واستخدمت الورقة بيانات المسح الشهري مع نهج الفرق في الاختلاف وذلك حتى تتمكن من فصل تأثير التجربة عن الاتجاهات الكلية الأخرى، وذلك لتقدير التأثير النسبي لارتفاع أسعار الطاقة كما قدمت الورقة مساهمة فريدة في تشكيل توقعات الأسر والشركات واستجابتها للصدمات.
تجارب الاقتصاد الكلّيّ
المركزي وفي دراسته هذه أوضح أن النتائج بيّنت أن الأسر تزيد من توقعاتها للتضخم عندما تواجه بشكل شخصي زيادة في أسعار الكهرباء، مقارنة بالأسر التي لم تشهد زيادة في الأسعار بعد، مبيناً أن هذه النتيجة تتعارض مع التوقعات العقلانية كاملة المعلومات، حيث يعود هذا التأثير إلى الأسر ذات الدخل المنخفض بصورة أساسية، والأسر التي لا علم لها، وليس لديها تجربة مع التضخم في الماضي، ناهيك عن أولئك الذين لا يمتلكون ثقة بالبنك المركزي الأوروبي، مبيناً أن نتائج الورقة تشير في الوقت نفسه إلى قيام الأسر باستقراء تجربتها الشخصية في الاقتصاد الكلي، وبسبب هذا الاستقراء أصبحت التوقعات المتعلقة بالتضخم اقل دقة وابتعدت أكثر عن التوقعات المهنية، وعلى عكس الأسر فإن الشركات لا تقوم بتعديل توقعاتها للتضخم بشكل مختلف كليا عندما تتعرض لزيادات في أسعار الطاقة، ولكن صنّاع القرار في الشركات يشكلون توقعاتهم على نحو مماثل للأسر ذات الدخل المرتفع.