الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في 1 كانون الثاني 2024، أصبحت مصر وأربع دول أخرى من الجنوب العالمي أعضاء في مجموعة البريكس.
وكانت مصر قد انضمت سابقاً إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس (NDB) في كانون الأول 2021 بمساهمة قدرها 1.2 مليار دولار.
وهذا يمثل نقطة تحول مهمة في السياسة المصرية، وتشير الخطوة المصرية إلى رغبتها في اتباع مسار جديد لتعزيز الدعم الأفريقي والعربي لتدابير البريكس لتحقيق نظام اقتصادي جديد متعدد الأقطاب.
يمثل الموقع الجيوسياسي لمصر إضافة مهمة إلى البريكس لأنها واحدة من أكثر اللاعبين تأثيراً في أمن اثنين من المسطحات المائية المهمة جداً، البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.
كما أنها تسيطر على قناة السويس التي تمثل شرياناً رئيساً للتجارة والخدمات اللوجستية العالمية. فهي توفر مركزاً رئيساً للعديد من الصناعات والحبوب، فضلاً عن كونها حلقة وصل مهمة في سلاسل التوريد العالمية.
تعد مصر بوابة إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ودول البحر الأبيض المتوسط، بحكم موقعها الجغرافي والكتل الاقتصادية التي تنتمي إليها. كما أنها سوق كبيرة تضم 106 ملايين نسمة لمجموعة واسعة من السلع والمنتجات. وهي أيضاً سوق مهمة للتكنولوجيا في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة النووية، كما تتمتع بإمكانات وفرص تنموية غير محدودة في مختلف المجالات.
ومن ناحية أخرى، فإن قبول مصر لعضوية البريكس يمثل شهادة دولية على قوة الاقتصاد المصري والإمكانات المهمة التي يمتلكها. إنه يمنح مصر الفرصة لتكون مشاركة فعالة في إنشاء نظام اقتصادي عالمي أكثر عدالة واستقلالية، فهو يعزز مكانة مصر، نظراً لأهمية مجموعة البريكس، ويعكس نفوذها الاقتصادي العالمي المتوسع.
وتمثل مجموعة البريكس 36% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، متجاوزة نسبة 30% التي تمثلها مجموعة السبع.
ويضمن انضمام مصر إلى البريكس أمنها المالي من خلال التداول بالعملات الوطنية، وأحد الأهداف الرئيسية لمجموعة البريكس هو التخلص من الدولار: إنهاء هيمنة الدولار الأمريكي واستخدامه كسلاح وذلك من خلال استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية.
تتضمن خطط البريكس إنشاء نظام دفع دولي، “BRICS Pay”، والذي يستخدم تقنية blockchain لإنشاء أصول رقمية لاستخدامها في التسويات المالية. وهذا من شأنه كسر احتكار نظام سويفت الغربي للعمليات المالية حول العالم.
فهو يعزز القدرة على السداد ويعزز الاستقرار الاقتصادي في مواجهة عدم اليقين والصدمات الخارجية. ومن شأنه أن يخفف الضغط عن النقد الأجنبي في مصر في الوقت الذي تواجه فيه صعوبات في توفير الدولار الأمريكي.
ومن المتوقع أن تساعد العضوية المصرية في البريكس على زيادة صادرات مصر من خلال دمجها بشكل أكبر في مشروع الحزام والطريق والكتل الاقتصادية التي تقودها دول البريكس، أي الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وميركوسور.
ارتفعت صادرات مصر إلى دول البريكس بنسبة 5.3% عام 2022 لتصل إلى 4.9 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم. ومن شأن ذلك أن يضمن أيضاً حصول مصر على السلع الاستراتيجية، مثل الحبوب، حيث تنتج دول البريكس ثلث الحبوب في العالم. وتعد روسيا أكبر مصدر للحبوب، بينما تعد مصر أكبر مستورد على مستوى العالم.
ستستفيد مصر من فرص أفضل لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر من دول البريكس. وبلغت استثمارات دول البريكس في مصر 891.2 مليون دولار عام 2021/2022، وهذا الرقم محدود للغاية، في ضوء قدرات البريكس والفرص المتاحة في مصر.
علاوة على ذلك، تسمح عضوية مصر في بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس بالحصول على تمويل بشروط ميسرة لمشاريع التنمية دون الظروف السياسية والاقتصادية غير العادلة التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وتتوقع مصر، التي تعتبر وجهة سياحية مفضلة بين الروس ومواطني البريكس الآخرين، زيادة في السياحة.
إن تفعيل قبول بطاقات الدفع الوطنية مثل “مير” الروسية يشجع السائحين بشكل كبير على اختيار مصر كوجهة للسياحة. حيث تعد السياحة ركيزة أساسية للاقتصاد المصري ومصدراً رئيسياً للعملة الأجنبية، ويدعم العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى ويوفر ملايين فرص العمل للمصريين.
هناك قاعدة متينة من المصالح المشتركة بين مصر ودول البريكس تضمن إطلاق شراكة مستدامة ومتنامية بينهما، فضلاً عن التقدم الفعال نحو نظام اقتصادي عالمي جديد متعدد الأقطاب وأكثر عدالة وإنصافاً واستقراراً.
المصدر – منتدى فالداي
