الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في مواجهة الكارثة الإنسانية المتفاقمة في الشرق الأوسط، والمعارضة الداخلية المتزايدة، والضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي، أظهرت الولايات المتحدة، التي وقفت إلى جانب “إسرائيل” منذ بداية الصراع في غزة، مؤشرات على تحويل خلافها مع” إسرائيل” في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى عمل ملموس للضغط عليها. ومع ذلك، من المتوقع أن تستمر سياسة واشنطن العامة المتمثلة في الانحياز إلى جانب” إسرائيل”، ما يؤدي إلى آفاق قاتمة للسلام في غزة.
ذكرت وسيلة الإعلام الأمريكية أكسيوس أن واشنطن أوقفت الأسبوع الماضي شحنة ذخيرة أمريكية الصنع إلى “إسرائيل”، نقلاً عن مصدرين رسميين إسرائيليين.
وقالت وسائل الإعلام الأمريكية إن هذه هي المرة الأولى منذ بدء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي التي توقف فيها الولايات المتحدة شحنة أسلحة مخصصة للجيش الإسرائيلي.
ولم يعرف بعد سبب هذا التوقف، ولم يصدر أي رد من أي جهة أو مسؤول أمريكي، وقال الخبراء لصحيفة غلوبال تايمز إنه إذا كانت هذه الخطوة قراراً سياسياً اتخذته واشنطن، فمن الواضح أنها مظهر من مظاهر الضغط الإضافي الذي تمارسه إدارة بايدن على “إسرائيل”، بهدف رئيسي هو حشد الدعم العام المحلي في الانتخابات المقبلة، بما في ذلك استعادة تأييد الناخبين المسلمين.
ومع استمرار الصراع في غزة، أصبحت الولايات المتحدة الآن عالقة في معضلة شائكة على نحو متزايد، أما على المستوى الدولي، وباعتبارها حليفاً لإسرائيل وأكبر داعم عسكري لها، فإن تفضيل واشنطن المستمر تجاهها والذي يظهر في الصراع الحالي، قد أثر بشكل خطير على صورة الولايات المتحدة الدولية.
وفي الوقت نفسه، يظهر المزيد من الأمريكيين عدم الرضا عن دعم واشنطن القوي لإسرائيل، ما يؤدي إلى احتجاجات كبيرة وحتى اشتباكات في معظم الولايات الأمريكية.
ونشأت هذه المعضلة، في جزء كبير منها، من عدم رغبة” إسرائيل” في قبول المقترحات الأمريكية بشأن الصراع في غزة. ويعتقد لي ويجيان، زميل باحث في معهد دراسات السياسة الخارجية التابع لمعاهد شنغهاي للدراسات الدولية، أنه سيكون هناك المزيد من الإجراءات من جانب الولايات المتحدة لممارسة الضغط على” إسرائيل” إذا استمرت في تجاهل إشارات الضغط من الولايات المتحدة.
وقال لي إنه بينما تسعى الولايات المتحدة جاهدة لجذب الدول العربية من أجل مصالحها الخاصة في الشرق الأوسط، فإن “العلاقة الخاصة” بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” قد تشهد علامات تعثر طفيف، وقد تتردد واشنطن في تقديم دعم غير مشروط لإسرائيل كما اعتادت أن تفعل.
ومع ذلك، فإن واشنطن لن تتخلى عن ممارساتها المستمرة منذ عقود في دعم “إسرائيل”. وقال نيو شين تشون، المدير التنفيذي لمعهد الأبحاث الصينية العربية بجامعة نينغشيا، إن الخلافات الحالية بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” هي على المستوى التكتيكي، فالولايات المتحدة تعارض قرار “إسرائيل” بشن غزو بري واسع النطاق لرفح من شأنه أن يؤدي إلى غزو بري واسع النطاق ويتسبب في أزمة إنسانية أكبر.
ومن ناحية أخرى، فإن الدعم الذي تحظى به “إسرائيل” من المجال السياسي الأمريكي، سواء من الكونغرس أو البيت الأبيض، لا يزال قوياً.
وفي الشهر الماضي، وقع بايدن على مشروع قانون للمساعدات الخارجية يتضمن 26 مليار دولار للحرب في غزة، بما في ذلك 15 مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل.
ويقول الخبراء إن وقف شحنات الذخيرة أمريكية الصنع من المرجح أن يكون مجرد حادثة معزولة، ومن غير المرجح أن توقف الولايات المتحدة مساعدتها العسكرية لإسرائيل.
الأمر المنافق هو أن الولايات المتحدة تفعل كل هذا بينما تظهر نفسها كوسيط يعمل على منع تصعيد الوضع في الشرق الأوسط. إن جهودها موضع تساؤل من قبل المجتمع الدولي حيث اختارت الوقوف لصالح “إسرائيل” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بدلاً من ممارسة ضغوط كبيرة عليها. إن توفير واشنطن للمساعدات العسكرية و”الحماية” السياسية لإسرائيل جعل وقف إطلاق النار بعيداً عن أن يصبح حقيقة واقعة، الأمر الذي أدى إلى وصول الطريق إلى السلام في قطاع غزة إلى طريق مسدود.
المصدر- غلوبال تايمز