إن صمود المقاومة في قطاع غزة منذ السابع من اكتوبر وحتى الآن أكد أن طوفان الأقصى أظهر قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود وبقوة في وجه أبشع حرب قذرة عرفها التاريخ رغم المجازر البشعة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ليحرك طوفاناً آخر ضد هذا الكيان وهو طوفان التظاهرات الكبرى خاصة في أكثر من أربعين جامعة في الولايات المتحدة وأوروبا والكثير من دول العالم لتشكل ضغطاً على حكوماتها لإنهاء هذه الحرب القذرة التي تصدرت أعمال القمة العربية التي عقدت في المنامة في السادس عشر من الشهر الجاري وكانت أيضاً محور الاجتماعات الثنائية للقادة العرب وبالتالي فإن طوفان الأقصى كان الخطوة الصحيحة من قبل المقاومة للتحرير وإعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة من أدراج النسيان، وهذا هو المطلوب وبقوة من القادة العرب لتنفيذ ما قرر في هذه القمة كي لا تكون حبراً على ورق كالقمم السابقة، والأهم حالياً هو ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع فوراً ورفع الحصار عنه، وخروج قوات الاحتلال من جميع مناطق القطاع، ورفع الحصار المفروض عليه.
ومن بين القرارات التي اتخذت وركز عليها القادة هو رفضهم القاطع لأي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه في قطاع غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس والدعوة لنشر قوات حماية وحفظ سلام دولية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين.
والسؤال المطروح، هل يلتزم القادة العرب بتنفيذ هذه القرارات؟ وكيف يمكن لمقررات القمة أن تشكل الضغط المطلوب لحصول الفلسطينيين على حقوقهم؟
إن هذه الأسئلة مشروعة لسبب بسيط أننا اعتدنا على أن كل ما اتخذ في القمم السابقة كان حبراً على ورق، ولكن هذه المرحلة تختلف عن جميع المراحل السابقة وبيد القادة العرب الأوراق القوية الكافية لتنفيذ ما اتفقوا عليه لأن ما قامت به المقاومة أدخل الاحتلال وداعميه في نفق مظلم، وهذا ما يتحتم على العرب استغلال ذلك لعودة الحقوق إلى أصحابها، ولهذا دائماً الخشية لعدم الضغط لتنفيذ ما تم اتفاق عليه والاستفادة من طوفان الأقصى ومن تحرك الرأي العام العالمي وحتى الكثير من الدول ضد الإجرام الإسرائيلي، وكان يمكن للقادة العرب اتخاذ قرار بالانضمام إلى جنوب أفريقيا في الدعوى ضد “إسرئيل” حتى القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية 143 صوتاً لمنح فلسطين العضوية الكاملة في المنظمة، كان من المفروض من القمة دعوة هذه الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لأن الوقت بات مناسباً لأن التخبط داخل الكيان الغاصب والخلافات بين جميع مسؤوليه هو مؤشر قوي على الفشل والإعتراف بالهزيمة.
إن عودة القضية الفلسطينية إلى اهتمامات الرأي العام العالمي لتشكل ضغطاً على الحكومات الغربية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي سياسياً وعسكرياً يشكل دافعاً قوياً للدول العربية كي تتحرك لمساندة الشعب الفلسطيني، وما اتخذوه من قرارات في قمة المنامة يجب أن يرى النور وليس التقاعس وتنفيذ ماتريده للولايات المتحدة التي تضغط على العرب لمصلحة “إسرائيل”، وما يعطي العرب الدافع القوي هو “طوفان الأقصى” الذي أكد أن مصدر القوة الحقيقي هو الشعب العربي والمقاومة وليس ضعف النظام الرسمي العربي.
إن المتغيرات التي فرضت وقائعها على الساحة الدولية ليست إلا المؤشر القوي على أن الذكرى السادسة والسبعين لذكرى النكبة لقيام الكيان الصهيوني بداية لزواله وتحرير فلسطين، وهو ما يتطلب من القادة العرب أن يكونوا على قدر المسؤولية تجاه قضيتهم الأولى قضية فلسطين وتنفيذ ما قرروه في قمتهم وعدم الرضوخ لداعمي الكيان الصهيوني لأن القوة الحقيقية باتت بيد المقاومة، وهذا ما يجب الحفاظ عليه لأن ما بعد السابع من أكتوبر ليس كما قبله وطوفان الأقصى بات طوفاناً عالمياً ليكون البداية لتصحيح المسار لتحرير فلسطين.
نضال بركات