وعد بلفور و«وعود» الأعراب ..!!

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير -علـي قـاســم :
اعتاد وعد بلفور منذ قرن إلا ثلاثاً، أن يفرد أوراقه ومحاضر الجلسات السرية والعلنية التي تطويها صفحات ملفاته المفتوحة، لكنه هذا العام يشعر بحرج العادة بعد أن شهدت المنطقة وعوداً تتفوق في الكثير من تفاصيلها على ما ورد في نصوصه.

فالنكبات التي ابتليت بها الأمة والنكسات المتلاحقة التي سطرتها تبعات وعد بلفور، تكاد أن تلغيها اليوم وعود والتزامات ومخططات وخرائط تتعمد أن توغل في جراح الأمة، بحيث تصبح كل النكسات والنكبات مجرد أطلال في تاريخها وشواهد من الماضي، وبعضها يريد أن يمسح من الذاكرة الوعد وما بعده.‏

الفارق .. أن وعد بلفور كتبته أيد بريطانية بالتواطؤ مع المنظمات الصهيونية، بينما وعود اليوم تكتبها أيدي الأعراب وتضيف على ما يكتبه الآخرون من مستعمرين وطامعين ومحتلين، وفي أحيان كثيرة يكون بإسهاب واستفاضة يفوقان القدرة والطاقة على التحمل.‏

والفارق أيضاً.. أنه أطلق في زمن له معطياته ومؤشرات، بينما وعود الأعراب تأتي في زمن تتوالى فيه النكبات، منها بوعود وأغلبها من دون وعود من كل الاتجاهات، ولا تكتفي بما يكتبه الآخرون، أو ما يضيفه الأعراب من خدمات مجانية من خارج النص، بل أيضاً بما يستجد من خلافات تقودها الأعراب وتسعر نارها.‏

والفارق كذلك أنه يأتي هذه السنة والأمة تتقاذفها أعاصير ما أنتجته الوعود وما خلفته تلك النكبات، وحده الحق الفلسطيني يسجل خطوة لم يكن بلد الضباب ذاته خارجها، وقد خطت رسائل تكفير عن ذنوب مسبقة أتخمت صفحات التاريخ، لتعترف بدولة فلسطين التي غابت عن الخرائط السياسية والدبلوماسية نتيجة وعد بلفور، وها هي تحضر داخل مجلس العموم البريطاني، وتتدحرج الكرة في الملعب الأوروبي لتسجل هدفاً افتتاحياً من السويد.‏

الأعراب لم تكتف بوعد واحد، ولم تقتصر على خارطة هنا أو إحداثيات هناك، ولم تطلقها في زمن واحد، بل منذ لحظة إدراجها على خرائط سايكس بيكو وما بعدها، وهي لا تكف عن وعود والتزامات، وإذا كانت في الماضي سرية أو تحت الطاولة فإنها منذ بضع سنوات فقط تجرأت على إخراجها إلى العلن وأماطت اللثام عما اختبأ في أدراجها المقفلة، وغايتها أن يلتهم وعد بلفور ما بقي من فلسطين، ويغلق دفاتره وملفاته ويجمع أوراقه ويرحل، فقد حل مكانه عشرات الوعود لتوغل بما تبقى من أطلال الخراب والدمار المعلقة في ذاكرة المنطقة.‏

لكن، كما كان من الصعب أن يلغي وعد بلفور حقائق التاريخ أو أن يمحو هوية المنطقة، وكما عجز عن فرض خرائطه بالقتل والذبح والنار والتهجير والترحيل، فإن وعود الأعراب ليست أفضل حالاً، وكل ما استخدمته من أدوات ظلامية تكفيرية إرهابية لا تزال تلوك المصطلح الغربي ذاته، ولا تزال تجتر في الموقع نفسه عاجزة بعد أن فشلت في فرض خرائطها على المنطقة رغم ما دفعته من أموال وما حاكته من مؤامرات وما قدّمته من وعود والتزامات بحكم دورها الوظيفي.‏

وعد بلفور يمر، وغيره كذلك سيمر وكثير منه سيكون خارج تداول التاريخ، بأسرع مما توهم الأعراب ومشغلوهم، لأن الإرادة التي رفضت تاريخاً كاملاً من التزييف والأكاذيب والنفاق، لن تعجز عن رفض ما يجري اليوم وما يفجر ويفخخ الخرائط والأمكنة والأزمنة والتواريخ لتزييف الحقيقة التي ستبقى عصية كما كانت.‏

 

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
"أطباء بلا حدود": نوسّع تدخلاتنا في سوريا استجابة لاحتياجات متزايدة  حصرية: الاستثمارات السعودية ستنعكس مباشرة على سعر الصرف  ماكرون يبحث مع الرئيس الشرع ملف الجنوب ويشدد على استئناف الحوار بين الحكومة و"قسد"  وزير الداخلية يبحث مع المحافظين سبل تعزيز الأمن والاستقرار في ظل التحديات الراهنة اتفاق سوري سعودي لتأهيل الكوادر وتحديث قطاع الإسمنت في سوريا دمشق تؤكد انعقاد لقاء سوري – إسرائيلي في باريس بوساطة أميركية لبحث التصعيد جنوب سوريا مشاركون في "روميكس وكيم أكسبو وسيريا بلاست": تحويل الأموال والدعم اللوجستي تحديات القطاع الصناعي سوريا.. من الاعتماد على المساعدات إلى انتعاش يقوده الاستثمار متابعة واقع المهجرين في مركز إيواء جباب "كن عونا "  و "المعرفة للتنمية" تقدمان خدمات متعددة لمهجري السويداء مفردة الكهرباء مبهمة وغائبة عن قدسيا والهامة.. أهالٍ  لـ"الثورة": لم نلمس أي تحسن حتى اليوم الأمم المتحدة: نزوح 176 ألف شخص من جنوب سوريا والوضع الإنساني "بالغ السوء" السلم الأهلي الطريق الوحيد لبناء سوريا قوية وصمام الأمان للمجتمع   "صحة درعا" تحذّر من التعرض لأشعة الشمس   صندوق الأمم المتحدة للسكان: كارثة إنسانية على الأمهات والولادات بقطاع غزة  العمل من المنزل بين الراحة المأمولة والعبء الخفي.. قراءة في الفرص والتحديات  فواز تللو لـ "الثورة": مساحة مفتوحة للحريات والعمل السياسي والتعبير عن الرأي  تأهيل آبار وإزالة تعديات على خطوط مياه الشرب في درعا   وزير المالية: منحة سعودية تصل إلى 60 بالمئة ضمن تمويلات الصندوق للتنمية في سوريا  تمديد ساعات عمل باصات النقل الداخلي في اللاذقية