خليل الشاعر الرائي ومأساوية الرحيل.. كَيفَ نَبقي تحتَ سَقفٍ واحدٍ وبحارٌ بيننا.. سورٌ..

الثورة – ديب علي حسن:
حين انكفأ الجميع وهرول الكثيرون إلى خيمة كامب ديفيد عربد الكيان الصهيوني وانتشى فرحاً بما فعله السادات فكان أن وجه نار مدافعه إلى لبنان عام ١٩٨٢ واجتاح جنوبه..
كأن التصدي البطولي من قبل الجيش العربي السوري العامل هناك..
بينما كانت جوقات المطبلين للاستسلام تزرع اليأس.
في هذا المرآة القاسي والمحبط كان خليل حاوي رائد الحداثة والوعي الجمالي في الشعر العربي يكتب آخر قصائده بطلقة سددها إلى رأسه احتجاجاً على هذا الاستسلام العربي.
– بطاقة
(ولد الشاعر خليل حاوي في مدينة الشوير في لبنان عام 1919م، ودرسَ في مدارس قريته حتى سنّ 12 من عمره، فقد مرضَ والده ممّا اضطره إلى العمل في مهنة البناء ورصف الطّرقات لكَسْب الرزق، وفي الفترة نفسها كان يُكثر من القراءة والمطالعة، وبدأ بالكتابة وصار ينظمُ الشعر الحر والموزون بالعامية والفصحى، وتعلّم أيضاً إلى جانب اللغة العربية اللغتَيْن الإنجليزيّة والفرنسية، وتمكَّن بجهوده من دخول المدرسة ثم الانتقال إلى الجامعة الأمريكية، وبعد أن تخرَّج فيها بدرجة التفوق حصلَ على منحة للدراسة في جامعة كامبريدج في بريطانيا وهناك حصل على شهادة الدكتوراه، وعمل بعد أن عاد إلى لبنان أستاذاً في الجامعة، وبقي فيها حتّى آخر حياته.
تميَّزت أشعار الشاعر خليل حاوي بكثرة استخدام الرموز ضمنَها، سواءً الرموز النفسية أم الحسيّة أم الأسطورية أم غيرها، كما كان محورها الكون والطبيعة والحياة، ولابدَّ من ذكر بعض من القصائد التي سكبَها الشاعر خليل حاوي: قصيدة ليالي بيروت، قصيدةُ السجين، قصيدة حب وجلجلة، قصيدة وجوه السندباد، قصيدة “يعبرون الجسر” من دواوينه نهر الرماد عام 1957 الناي والريح عام 1961 بيادر الجوع عام 1965 ديوان خليل حاوي عام 1972 الرعد الجريح عام 1979 من جحيم الكوميديا عام 1979. ومع احتلال قوات الاحتلال الإسرائيلي بيروت في حزيران عام 1982، لم يتحمل الشاعر خليل حاوي مارآه فأطلق النار على رأسه في منزله في شارع الحمراء في بيروت وفارق الحياة).
وإذ نستذكر مأساة الانتحار.. كم كان سوف يشعر بالغبطة لو رأى هزيمة الكيان الصهيوني في أيار ٢٠٠٠م واليوم كيف تحطم غروره في غزة..
خليل حاوي الشاعر والناقد الذي رأى بعيني زرقاء اليمامة من ديوان إبداعه نقتطف:
جُولي سَبَايا الأَرضِ
فِي أَرْضِي
وَصُولي واطْحَنِي شَعْبِي
جُولي وَصُولي
واطحنِي صُلبي
لَنْ يَكْتَوي قَلْبي
لنْ يكتوي قلبي ولَنْ يَدْمَى
تنحلُّ حمَّى العَارِ
فِي غيبوبةِ الحُمّى
لن يَكْتَوي قَلْبي ولَنْ يَدْمَى
قَلْبي الأَصمُّ الأَبْكَمُ الأَعمَى
وكفاني أَنَّ لي أطفالَ أترابي
ولي في حُبِّهم خمرٌ وزادْ
مِن حصادِ الحَقلِ عندي ما كفاني
وكفاني أنَّ لي عيدَ الحصادْ,
أنَّ لي عيداً وعيدْ
كُلَّما ضَوَّأَ في القَريةِ مصباحٌ جديدْ,
غَيرَ أَنِّي ما حملتُ الحب للموتى
طيوباً, ذهباً, خمراً, كنوزْ
طفلُهُم يُولدُ خفَّاشًا عجوزْ
أينَ مَنْ يُفني ويُحيي ويُعيدْ
يتولَّى خَلْقَه طفلاً جديدْ
غَسْلَهُ بالزيتِ والكبريت
مِن نَتنِ الصديدْ
أينَ مَن يُفْني ويُحيي ويُعيد
يَتَولّى خَلْقَ فرخ النسرِ
مِن نَسلِ العَبيدْ
أنكَرَ الطفلُ أباهُ, أُمَّهُ
ليسَ فيه منهُما شبْهٌ بَعيدْ
ما لَهُ يَنْشَقُّ فينا البَيْتُ بَيْتَينِ
وَيَجري البَحرُ ما بَيْنَ جديدٍ وعتيقْ
صرخةٌ, تقطيعُ أرحامٍ,
وتَمزيقُ عُروقْ,
كَيفَ نَبقي تحتَ سَقفٍ واحدٍ
وبحارٌ بيننا.. سورٌ..
وصَحراءُ رمادٍ باردِ
وجليدْ.
ومتى نطفرُ مِن قبوٍ وسجْنِ
ومتى, ربَّاهُ, نشتدُّ ونبني
بِيَدينا بَيتنا الحُرَّ الجَديدْ
يَعبرونَ الجِسرَ في الصبحِ خفافاً
أَضلُعي امتَدَّتْ لَهُم جِسْراُ وطيدْ
مِن كُهوفِ الشرقِ, مِن مُستنْقعِ الشَرقِ
إِلى الشَّرقِ الجديدْ
أَضْلُعي امْتَدَّتْ لَهُم جِسراً وطيدْ
“سوفَ يَمضونَ وتَبْقى”
“صَنَمًا خلَّفَهُ الكهَّانُ للريحِ”
“التي تُوسِعُهُ جَلْداً وَحرْقًاً”
“فارغَ الكَفَّيْنِ, مصلوباً, وحيدْ”
“في ليالى الثَّلْجِ والأفقُ رمادٌ”
“ورمادُ النارِ, والخبز رمادْ”
“جامِدَ الدَّمْعَةِ في لَيْلِ السهادْ”
“ويوافيكَ مع الصبحِ البريدْ:””..
صَفحَةُ الأخبارِ.. كم تجترّ ما فيها”
“تُفَلِّيها.. تُعيدْ..!”
“سوفَ يَمضونَ وتبقى”
“فارغَ الكَفَّيْن, مصلوباً, وحيدْ”.
***
اِخرسي يا بُومةً تقرعُ صدري
بومةُ التاريخِ مِنِّي ما تُريدْ؟
في صَناديقي كُنوزٌ لا تَبيدْ:
فرحي في كُلِّ ما أَطعَمتُ
مِن جَوهرِ عُمْري,
فَرَحُ الأيدي التي أعْطَتْ وإِيمانٌ وذِكرى,
إنَّ لي جَمْراً وخَمْراً
إِنَّ لي أطفالَ أترابي
ولي في حُبِّهم خَمْرٌ وزادْ
مِن حصادِ الحَقْلِ عندي ما كفاني
وكفاني أنَّ لي عيدَ الحصادْ,
يا مَعادَ الثلجِ لَن أخْشاكَ
لي خَمْرٌ وجَمْرٌ للمَعادْ.

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك