الثورة – رفاه الدروبي:
نظَّمت جمعية الشعر في اتحاد الكتَّاب العرب في سورية مهرجاناً بعنوان “الشعر يزهر في كل المواسم”، شارك فيه كوكبة شعراء من الفروع كافة، وأدار الجلسة الشاعران: أيمن رزوق، وطهران صارم.
وأنشدت الشاعرة أميمة إبراهيم قصيدة عنوانها “نداء” نقطف منها:
على خاصرة الريح عقدت شال الرغبات
قلت: يا ريح ارقصي
ثم احمليني إلى بلاد ما غادرت أفراحها
ولا عذب مائها
غارَ
في أرض ليست لها.
***
يا ريح هزّي صمتنا كي تنساب الأغاني
في شهقة اللحن
يا ريح ماتت ظباءُ الودّ
وانكفأت على عرش أحزانِها واحاتُ الجمالِ.
***
يا ريح لو تدرين
كم بعثرتنا هوجُ
المكائدِ
وكم بتنا
على قلقٍ
نخافُ بوحَ الأمنيات الحيارى
ونخشى موسيقا
على إيقاعها
مال خصرُ الكلامِ
وأينعَ العشقُ
وزغردَ في كأس اللغةِ
المدامُ.
****
يا ريح صبّي لهفتك
في كأسي
واشربي النخب
وقولي سلاما
طيّري (مكاتيب) الحب
ورشِّي على شرفات
يقيني
الأمان
والثانية بعنوان: “لغزة السلام” أنشدت فيها:
ضيّقوا ما شئتم علينا
اقطعوا النّور والماءَ
والهواء
لا تفكّروا فينا
لسنا سوى قطيع يجترُّ ذكرياتهِ
ويتباهى بجدائل بناتِ خالتهِ
وبحصانِ جدّه الأشهب.
الشاعرة أميمة تابعت بقصيدة أخرى:
هنا وطنٌ دَرجنا في مرابعهِ
وثمّة ماءٌ روانا
ونهرٌ فيه تعمّدنا
رمينا ما تشظّى من وجعٍ
وما تكاثر من ضيقٍ
هنا سهولٌ تماهينا وخضرتها
وزيتونٌ
وزيتٌ به مسحنا جباهنا
فشُفينا
هنا شمسٌ
وفيءٌ
وظلالٌ
وقِبلةُ نورٍ
وسحابةٌ لم تزل حُبلى
والمواسمُ ابتساماتٌ وأطفالٌ
ونجومٌ
وبرتقالٌ
وإنّا تحتَ سياطِ الشّمس باقونَ
باقونَ
باقون
كما أنشد الشاعر أيمن رزوق:
قليلٌ من اكتشفتكِ
تراجعتُ
خَبَّأتُ أو نسيتُ
هنا قليلٌ من “أتسلقه كسورٍ ساخنٍ”..
حيث “أوجعتكِ”
صار النهار دائرتك المغلقة
نَسيتكِ
“خذني من جديلةِ صوتي حتى لا أسمعك”..
أحب أخطاءَكَ الصغيرةَ،
ارتكبها
وقدَّم رزوق قصيدة أخرى عنوانها “راق لي”
أن أقرص خَدَّ كلامك، ألتفت إلى أصابع قلبك المترف بالوجع، هذا الذي أحالني إلى دمعتين غاضبتين ورسالة..
يومَ كنا لا نعرف طريقنا، ولا إلى أي زاوية مخفية نلجأ، كنا نشبك أصابع الدهشة أحياناً ونترك للخصرِ الذهول.
كما ألقى الشاعر فرحان الخطيب قصيدة عنوانها: “جميلات عمري”
جميلاتُ عمري شاخَ فيها وريدُها
فمنْ مبلغٌ عنِّي بأنِّي أريدُها
هو الدهرُ غدَّارٌ وما انفكَّ ظالماً
ويمشي على رغدِ الأماني يُبيدُها
أما الشاعرة طهران صارم فأنشدت من مجموعة “لحن الغريب”:
بيديَّ.. أضفرُ ما تبقَّى من جدائل شمسِهِ
بيديَّ.. أقبضُ فوقَ عنقِ الريحِ
اسحبها إلى حقلي لتذرو لي بذاره
بيدي.. أصنع وجههُ وجهي بياضاً في سواد
وأقطف ما تبقَّى من خريفِ طفولتِه
صوراً تردُّ الذاكرة
صوراً يُمزِّقُهَا رنينُ الوقتِ يمضي
فوقَ تاريخِ الفصول
ويشدّني نجمٌ يقول:
هذي مدارات الذبول
هذي سؤالات عصيَّه
هذي دروب الضوء
من أينَ البداية..؟!
والنهاية كيفَ ندركها
بدورها الشاعرة مروة حلاوة أنشدت قصيدة ناطقة بالحكمة وبمفردات الجمال الحقيقي عنوانها:
“نقوش على قوارير مُكسَّرة”، علَّقت في بدايتها مخاطبةً الشعراء:
أيّها الشاعر.. هل تدرك أن الجميلات حالات طارئة.. ؟! نفسك هي الجميلة الخالدة، ثم غنَّت:
نَقِّلْ فؤادك حيث شئتَ من الهوى
واتركْ مُعاناةَ التولّه
والجوى
في قلبكَ..
العصفورُ أسّس جوقةً
من مائسات الورد ربّات الغوى
قلبٌ كشمسٍ
كلّ ميقاتٍ لها
إشراقةٌ قدريّةٌ في مستوى
كفاك مأوى
للفراشات التي قلبت برقّتها
موازينَ القوى
فاخلع نعالكَ..
دون كلّ جميلةٍ أدباً
كما لو كنتَ في “الوادي طُوى”
حتّى تُريح السيفَ بعد حروبه
لا بدّ من سببٍ
لتعلوَ إن هوى
لاّبد من تدوين فصلٍ
في الكتاب بحبرك السريّ..
كي تُرضي الهوى
وعليك فكّ الشفرة الخرساءِ..
في لغة المياهِ..
ليفتح النهرُ الكُوى
أعرفتَ كيف تكون أكثر خيبةً
كي لا يعيب الشكلَ
سخفُ المحتوى
هاتِ املأ الأقداحَ..
من ريق القوارير التي
احتوتِ الزمان
وما احتوى
أشعرتَ كيف بكسرهنّ..
سينزف الــبلّورُ أعناباً
على شفة النوى
ولقد ظُلِمتَ..
بحكم أنّك شاعرٌ
تلوي لسانَك
كيفما القلبُ التوى
كانت خطيئتُكَ الوقوفَ..
وجدّك “الــضلِّيلُ
تنتحبانِ
في “سقط اللّوى”
من جهته رئيس اتحاد الكتَّاب العرب في سورية الدكتور محمد الحوراني دعا إلى عدم الاستسهال في كتابة الشعر، لافتاً إلى أنَّ هناك بعض الشعراء لا يعرفون لا بالوزن ولا باللغة وإنَّما يتنقلون من مكان إلى آخر، قائلاً: لا بدَّ للشعراء والكتاب الحقيقيين من المساهمة بوضع حدٍّ للحالة، ووصل المشهد الشعري إلى حالة كارثية من قبل بعض شباب لا يُميِّزون بين القصيدة النثرية أو التفعيلة أو الخاطرة، وليس الكلُّ مُؤهَّلين؛ ولابدَّ من عقد ندوة ضمن الجمعية ممن لديهم استعداد لتطوير أنفسهم.
ختاماً لا بدَّ من ذكر أسماء الشعراء المشاركين: إسماعيل ركاب، أميمة إبراهيم، أيمن رزوق، حسن محرز، زهير حسن، طهران صارم، فرحان الخطيب، مروة حلاوة، نعيم علي ميا.