الثورة – يمن سليمان عباس:
اكتشف العرب القدماء أن الإبداع ليس فطرة وموهبة فقط، بل إنه تربية وإعداد ولهذا اهتموا بهذا الجانب عند أطفالهم منذ نعومة أظفارهم، فكانوا يرسلونهم إلى حيث يجب أن يتربوا على الفصاحة والفروسية وغيرها.
وهنا نشير إلى الراحل عالم النفس فاخر عاقل الذي درس هذا الجانب في كتابه المهم تربية الإبداع وقد صدر منذ عقود عن دار العلم للملايين.
اليوم نقف عند كتاب جديد تحت عنوان “كيف أكون مبدعاً: التفكير والعيش والعمل بطرق أكثر إبداعاً” من تأليف هارييت غريفي هو دليل مشوق يدعو القراء لاستكشاف وتعزيز إمكاناتهم الإبداعية في جميع جوانب الحياة.
تقدم غريفي، وهي كاتبة متمرسة في مجال تطوير الذات، نهجًا شاملاً للإبداع، مشددة على أهميته ليس فقط في الفنون ولكن أيضًا في حل المشكلات اليومية والمساعي المهنية.
يبدأ الكتاب بتحدي الفكرة الشائعة بأن الإبداع هو هبة تُمنح للقلة المختارة. تؤكد غريفي أن الإبداع هو مهارة يمكن لأي شخص تنميتها وتطويرها إذا كان مستعدًا للاستثمار الوقت والجهد. تقدم نصائح عملية وتمارين مصممة لفتح التفكير الإبداعي وتشجيع نهج أكثر تخيلًا للحياة والعمل.
تتعمق غريفي في علم نفس الإبداع، موضحةً كيف تولد أدمغتنا الأفكار المبتكرة وكيف يمكننا تنمية عقلية منفتحة على الإمكانيات الجديدة.
تركز على أهمية الفضول والمجازفة والاستعداد لاحتضان الفشل كجزء طبيعي من العملية الإبداعية. من خلال التغلب على الخوف من ارتكاب الأخطاء، يمكن للقراء أن يبدؤوا في التجريب واكتشاف طرق جديدة للتفكير والعمل.
واحدة من نقاط القوة في الكتاب هي توجهه العملي. تقدم غريفي مجموعة متنوعة من الأدوات والتقنيات لمساعدة القراء على دمج الإبداع في روتينهم اليومي. من التمارين البسيطة لتعزيز الإبداع إلى استراتيجيات لإنشاء بيئة ملائمة للابتكار، يوفر الكتاب خطوات قابلة للتنفيذ يمكن تنفيذها فورًا، سواء أكان ذلك من خلال الكتابة اليومية، أو رسم الخرائط الذهنية، أو الانخراط في هوايات إبداعية.
تُظهر غريفي كيف يمكن للتغييرات الصغيرة أن تؤدي إلى تحسينات كبيرة في الإنتاج الإبداعي.
كما يسلط الكتاب الضوء على دور الإبداع في مكان العمل.حيث تناقش غريفي كيف يمكن أن يؤدي تعزيز الثقافة الإبداعية إلى زيادة الرضا الوظيفي، وتحسين قدرات حل المشكلات، وزيادة الإنتاجية. تشجع القراء على التعاون مع الآخرين، والبحث عن وجهات نظر متنوعة، والتعامل مع التحديات بعقلية إبداعية. من خلال القيام بذلك، يمكن للأفراد المساهمة في بيئة عمل أكثر ديناميكية وابتكاراً.
كما يتناول كتاب “كيف أكون مبدعاً” أهمية التوازن بين السعي الإبداعي ومتطلبات الحياة اليومية، وتقدم غريفي رؤى حول إدارة الوقت بشكل فعال، وتحديد أهداف واقعية، والحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة. وتؤكد أيضاً على قيمة أخذ فترات راحة، واستلهام الإلهام من العالم من حولنا، ومنح أنفسنا الحرية للعب والاستكشاف..
ولا يفوتنا أن نردد قول أديسون أن الإبداع في حده الأدنى موهبة ولكنه في النهاية اجتهاد ومثابرة وكم من موهبة انتهت لأن صاحبها لم يرعها بالمتابعة والصقل والتدريب وبذل الجهد للوصول إلى ما يرجوه.