بين الحقيقة والخيال في زمن الذكاء الاصطناعي..  خدعة رقمية على مواقع التواصل “مدربة الحيتان جيسيكا” 

الثورة – بسام مهدي:

في غضون أيام قليلة، اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي العربية، موجة من الحزن والتعاطف إثر انتشار فيديو يُظهر ما يُزعم أنه مدرِّبة حيتان تُدعى “جيسيكا”، تتعرض لهجوم مروع من قبل حوت أثناء عرض بحري، رافق انتشار الفيديو عناوين مثيرة جاهزة للنقر، مثل: “الفيديو الكامل لمدربة الحيتان” و”ماذا حدث لجيسيكا؟”، إلى جانب موسيقا حزينة وصور مؤثرة تصوّر المأساة بشكل مسرحي قوي.

ولكن، وبعد فتح ملفات الخبر، والعثور على مصادره الأساسية، بالشكل الصحيح، تبين أن القصة برمتها هي وهْم رقمي ذكي، بل خُدعة محبوكة باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.

حقيقة الفيديو

لا توجد أي سجلات أو دلائل تشير إلى وجود مدرِبة تُدعى Jessica Radcliffe، أو وقوع حادثة في أي حديقة بحرية تحمل اسم “Pacific Marine Park”، كما صوّر الفيديو.

إن التحليلات الرقمية أظهرت أن الصوت يبدو مولداً عبر الذكاء الاصطناعي، وأجسام ومشاهد الحوت والحوض والكواليس مصطنعة ولم تتطابق مع مشاهد واقعية، وأكد تدقيق جهات مثل Vocal Media وForbes وEconomic Times أن الفيديو “مفبرك بالكامل”، وأن اسم “جيسيكا” والحادثة باطلة وليس لهما وجود حقيقي  معدّلات مشاهدة عالية استغل الفيديو عناصر مأساوية معروفة مثل قصص حقيقية سابقة لوفاة مدربي حيتان، مثل حادثة وفاة Dawn Brancheau في 2010 على يد الحوت Tilikum في أميركا، وAlexis Martínez عام 2009 في إسبانيا.

القصص المروّعة تبث فينا رد فعل نفسي تلقائي، ويُعرف علمياً أن الدماغ يُعطي اهتماماً أكبر للمشاهد السلبية أو المشاهد التي تثير الخوف، وتحفّز خوارزميات مواقع التواصل مثل TikTok وFacebook مثل هذه المحتويات المثيرة، ما يزيد انتشارها بسرعة قبل أن تُفضح وتعرف الحقيقة.

دور الإعلام والمجتمع

إن المجتمع السوري، في ظل الظروف الراهنة، يجب أن يكون واعياً بمدى خطورة التضليل الرقمي، وما علينا فعله: أولاً، تفعيل ثقافة “لا تشارك قبل التحقق”، حيث ينبغي التأكيد على أن نشارك الأخبار أو الفيديوهات، يتوجب التحقق من مصادر موثوقة، لا على المشاعر وحدها.

ثانياً، تعزيز مهارات التحقق الرقمي، مثل البحث العكسي عن الصور والفيديوهات، وفحص أسماء الأشخاص للأدلة على وجودهم، والتحقق من الجهات الرسمية أو الوسائل الإعلامية المعروفة.

ثالثاً، تشجيع المؤسسات الإعلامية المحلية على نشر قرارات طرقية واضحة حول التحقق من الأخبار قبل النشر، وتوجيه المتابعين إلى خطوات التحقق.

رابعاً، إطلاق حملات توعية إعلامية في المدارس والجامعات وبين مستخدمي الإنترنت، تُبرز أساليب الذكاء الاصطناعي في خلق الخدع الرقمية وكيفية كشفها ببساطة ووعي.

ما جرى مع “جيسيكا” ليس حقيقة.. بل من خلال للذكاء الاصطناعي، إذ استخدمت مشاهد واقعية تشبه الواقع لتخدير العقل، وتجاوز المشاعر في محاولة لإيصال خبر غير موجود أصلاً، وهذه الحادثة الواقعة خلال الأيام الماضية، خصوصاً في المغرب وسوريا والعالم العربي، تذكرنا جميعاً بضرورة الانتباه، والرجوع إلى المصادر الموثوقة، قبل أن تدعنا كلمات من الشاشة تقودنا إلى حداد وهمي.

لابد من دعوة للصحافة السورية والمجتمع الرقمي، بالقيام بحماية الحقيقة بالفحص والوعي، وأن نعيد للأخبار المشغولة بالتفاعل الحقيقي واجبها الأخلاقي في التنوير والتنبيه، بعيداً عن الصوت المثير والمشاهد الوهمية.

آخر الأخبار
قلعة حلب .. ليلة موعودة تعيد الروح إلى مدينة التاريخ "سيريا بيلد”.  خطوة عملية من خطوات البناء والإعمار قلعة حلب تستعيد ألقها باحتفالية اليوم العالمي للسياحة 240 خريجة من معهد إعداد المدرسين  في حماة افتتاح معرض "بناء سوريا الدولي - سيريا بيلد” سوريا تعود بثقة إلى خارطة السياحة العالمية قاعة محاضرات لمستشفى الزهراء الوطني بحمص 208 ملايين دولار لإدلب، هل تكفي؟.. مدير علاقات الحملة يوضّح تطبيق سوري إلكتروني بمعايير عالمية لوزارة الخارجية السورية  "التربية والتعليم" تطلق النسخة المعدلة من المناهج الدراسية للعام 2025 – 2026 مشاركون في حملة "الوفاء لإدلب": التزام بالمسؤولية المجتمعية وأولوية لإعادة الإعمار معالم  أرواد الأثرية.. حلّة جديدة في يوم السياحة العالمي آلاف خطوط الهاتف في اللاذقية خارج الخدمة متابعة  أعمال تصنيع 5 آلاف مقعد مدرسي في درعا سوريا تشارك في يوم السياحة العالمي في ماليزيا مواطنون من درعا:  عضوية مجلس الشعب تكليف وليست تشريفاً  الخوف.. الحاجز الأكبر أمام الترشح لانتخابات مجلس الشعب  الاحتلال يواصل حرب الإبادة في غزة .. و"أطباء بلا حدود" تُعلِّق عملها في القطاع جمعية "التلاقي".. نموذج لتعزيز الحوار والانتماء الوطني   من طرطوس إلى إدلب.. رحلة وفاء سطّرتها جميلة خضر