اضطرابات أسعار السلع عابرة للحدود القاريّة.. “المركزي”: ارتفاع التضخم عالمياً نتيجة اضطرابات كوفيد والاقتصاد الكليّ
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
قال مصرف سورية المركزي إن الارتفاع الأخير في التضخم العالمي قد عُزي إلى التقلبات الحادة في أسعار السلع الأساسية، والاضطرابات المرتبطة بجائحة كوفيد 19، والسياسات المتبعة لمواجهتها، وكذلك في الاقتصاد الكلي، وذلك كي لا تكون أسعار السلع أمراً خارجياً فقط.
إجراءات البنوك المركزية
وبحسب المركزي في دراسة له حول “انتقال السياسة النقدية من خلال أسعار السلع الأساسية” فإن إجراءات السياسة النقدية التي تتخذها البنوك المركزية تؤثر على النشاط العالمي والظروف المالية، والتي عادة ما تكون محركات رئيسة للتقلبات في أسعار السلع الأساسية، معتبراً أنه من المنطقي وجوب طرح التساؤل تأسيساً على هذه النقطة حول مدى اهتمام السياسة النقدية بأسعار السلع الأساسية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على التضخم لديها وفي مختلف أنحاء العالم.
تدفقات رأس المال
ووفقاً لما أورده “المركزي” فقد ساهمت ورقة أعدت لمصلحة صندوق النقد الدولي، بتقدير آثار صدمات السياسة النقدية المتبعة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (هو البنك المركزي الأمريكي)، والبنك المركزي الأوروبي على مجموعة متنوعة من السلع الأساسية، وتأثيرها على الاقتصاد المحلي، وامتداداتها إلى أسعار المستهلكين في البلدان الأخرى، حيث يلعب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي دوراً خاصاً على اعتبار أن الجزء الأكبر من تدفقات رأس المال عبر الحدود مقوم بالدولار الأمريكي، كما أن السياسة النقدية الأمريكية تعد المحرك الرئيسي للدورة المالية العالمية، إلى جانب أهمية التأثيرات غير المباشرة للبنك المركزي الأوروبي المتزايدة مع الزمن.
آليات انتقال التأثير
الورقة التي أعدت لمصلحة صندوق النقد الدولي- وفقاً للمركزي- ركزت على آليات انتقال تأثير السياسة النقدية على أسعار السلع الأساسية، متناولة بشكل أساسي أربع قنوات، الأولى منه هي تكلفة الحمل، والثانية هي الاقتصاد الحقيقي، أما القناة الثالثة فهي السيولة، في حين أن القناة الرابعة هي سعر الصرف، وقامت الورقة في تحليلها باستخدام أساليب التوقعات المحلية لـ 24 دولة خلال الفترة الواقعة بين عامي 1999 و 2019 أي خلال الفترة الممتدة لـ 20 عاماً، وكذلك الحال بالنسبة للبيانات اليومية الخاصة بالعقود الآجلة لأسعار السلع الاسمية بالنسبة لـ 39 سلعة مختلفة مقومة بالدولار الأمريكي.
تكلفة النقل والطلب
دراسة المركزي أشارت إلى ما أظهرته الورقة من أن زيادة بمقدار 10 نقاط أساس في سعر الفائدة بالنسبة للسياسة النقدية الأمريكية، من شأنه خفض أسعار السلع الأساسية بنسب تتراوح بين 0.5% و 2.5%، بعد مدة تتراوح بين 18 إلى 24 يوم عمل، حيث تكون التأثيرات حينها أكبر بالنسبة للسلع القابلة للتخزين والسلع الصناعية، وذلك بما يتوافق مع قناة تكلفة النقل وقناة الطلب المتوقعة، وفي نفس الوقت بعيدا عن قناة ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي.
تأثير السياسة النقدية
كما أشارت نتائج الورقة إلى أن استجابة أسعار السلع الأساسية (والتي تشمل النفط والمعادن الأساسية وأسعار المواد الغذائية) تمثل 41% من إجمالي تأثير السياسة النقدية الأمريكية على التضخم الرئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية، و66% من تأثير السياسة النقدية الأمريكية على التضخم في البلدان الأخرى.
وأخيراً في هذا الشأن أوضحت الورقة أن قناة أسعار السلع الأساسية للسياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي أصغر، وتعمل بشكل رئيسي من خلال التأثير على أسعار الطاقة.