الانتقال إلى مرحلة تعافي فعّال ومستدام في ملتقى “الإدارة المحلية”.. تذليل عقبات أداء عمل المجالس وتشجيع المشاريع التنموية
الثورة – دمشق – لينا شلهوب ومريم إبراهيم:
يستكمل ملتقى “الإدارة المحلية في مرحلة التعافي”، انعقاد جلساته ضمن إطار استكمال الموضوعات والمحاور التي تمثل أولويات المرحلة الراهنة، عبر مناقشة المحور السياسي (الثالث) والذي يمثل العصب الحساس لإدارة عملية الانتقال إلى مرحلة تعافي فعّال ومستدام، وذلك في إطار الجهود التي تبذلها حركة البناء الوطني على مسار الحوكمة لمناقشة إشكاليات تفعيل إدارة التنمية المحلية عبر منظومة الإدارة المحلية، وتتطلب التحديات السياسية التي تواجه المجالس المحلية نقاشاً عميقاً وشفافاً حول كيفية النهوض بأدوار المجالس المحلية، لتشكل أدوات فعالة في تحقيق الاستقرار والتمثيل العادل للمجتمعات المحلية.
التشارك بين المجتمعات المحليات
أكد رئيس حركة البناء الوطني أنس جودي أن ملتقى الإدارة المحلية في مرحلة التعافي يهدف للوصول إلى بلورة تصور إطاري لكيفية تغيير نمط الإدارة المحلية بما يدعم هذه التنمية على المدى القصير المسمى بـ”مرحلة التعافي” وبما يمكن من تلمس تصورات أولية حول النمط المستدام لهذه الإدارة، مضيفاً أن الملتقى يناقش الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بالإدارة المحلية كالمشاركة المحلية والعدالة والتماسك الاجتماعي والرقابة، وكذلك بالموارد المحلية واستثمارها والعلاقة مع القطاع الخاص، مع العمل على إتاحة التشارك بين المجتمعات المحليات من خلال تشجيع تبادل البرامج والمشاريع والموارد بين المجالس المحلية، سواء عن طريق الإدارة المشتركة، وإنشاء لجان مشتركة من مجلسين أو أكثر، وكذلك لناحية تبادل الخبرات بين المجالس، ومدى تنسيق خدمات الدعم بين ممثليهم، وحتى مدى إتاحة مشاركة الموظفين أو تبادلهم بين المؤسسات المحلية، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة العمل على جعل المجالس ذات كفاءة لتمارس دور التخطيط التنموي والإدارة السليمة للعملية التنموية، وكيفية مرافقة هذه العملية إجراءات متابعة وتقييم، مع تصور للجهات التي تمارس هذه الأدوار أو التي تضع معاييرها أو تطورها، ناهيك عن وضع برامج للتأهيل والتدريب اللازمة لتحسين أدائها، والأهم مساءلة المجالس، بما يشمل الإجراءات التي تضمن شفافية اتخاذ القرارات، والجهات المخولة رسمياً بمتابعة عمل المجلس (وزارة –هيئة التخطيط الإقليمي – مركز- هيئة تخطيط الدولة)، وواجبات المجالس المتعلقة بالشفافية لناحية دور المنظمات والكيانات المدنية المحلية في متابعة عمل المجالس، ودور الإعلام المحلي.
وأشار لـ”الثورة” إلى أن الورشة اليوم تتناول القضايا السياسية المرتبطة بإطار الإدارة المحلية اللازم لتحقيق الاستقرار الوطني، وسيناقش الإشكاليات المختلفة المرتبطة بمخرجات الجزأين السابقين، اللذين استعرضا في الجزء الاول المحاور الاجتماعية والاقتصادية، عبر التركيز على التحديات التي تواجه تعزيز الشراكة المجتمعية والعدالة والتمكين المجتمعي، كما تناول في المحور الثاني قضايا مرتبطة بالمحورين الإداري المالي، من خلال تسليط الضوء على كيفية تحسين كفاءة المجالس المحلية وملاءتها المالية وتطوير منظومة الموازنات، فيما يؤكد الجزء الحالي على مبدأ التمثيل والنظام الانتخابي والهيكلي للمجالس المحلية وكيفية النهوض بها لتكون ركيزة فعالة للتنمية السياسية مع ضمان استقلالية هذه المجالس وتحصينها قانونياً وتوازن العلاقات بين المركز والمحليات، إضافة إلى دورها في بناء السلام والاستقرار على مستوى البلاد عموماً.
إدارة المهام
الدكتور حسان فارس من محافظة إدلب بين لـ”الثورة” أهمية المحاور المطروحة للنقاش خلال الملتقى، وهي محاور قيمة وتساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في تطوير آلية العمل من الناحية التشريعية والتنفيذية والإدارية، والملتقى سيناقش دور المجالس المحلية بأخذ دورها الفعال في إدارة المهام المطلوبة منها وفقا للقوانين والأنظمة الراعية والقرارات الناتجة لأي مجلس موجود وآلية وصول أعضاء المجلس للمجلس بغض النظر عن ماهيته من خلال الأطر التي تنظم عملية وصول عضو المجلس للمكان المكلف به، هل هي مرضية لدى المجتمع المحلي والسلطات التنفيذية أم لا، وهذا أحد المحاور التي تمت مناقشته في الملتقى وهناك بعض المحاور والمداخلات حول هذه الآلية وهل هي مرضيه ام لا ، وبالنسبة للآلية هناك أنظمة وقوانين تحدد آلية الانتخاب، ويوجد قرارات تحدد من ينتخب ومن ينتخب، ومن تنطبق عليه المعايير ، ولاحظنا أن هناك تعقيباً على الوسيلة والأداء، والوسيلة متاحة لدى الجميع ولكن تعود إلى شخص الناخب وكيف يختار الشخص الذي يمثله وما هي المعايير التي يختار بموجبها المنتخب ، وهل المنتخب بالمكان الذي وصل إليه قادر على تأدية المهام المطلوبة منه وفقا لخبرته العملية والاجتماعية وتمكنه من مناقشة اي مشروع سيطرح لاحقا في المكان الذي سيعمل به ، وهذا من مهمة الناخب
وهو من يقدر ذلك.
وأوضح الدكتور فارس أهمية التمكين ووجود وسائل توعوية وارشادية كالإذاعة والتلفزيون وورشات العمل والجمعيات التي تهتم بهذا الشأن، ووجود ندوات وتوعية المجتمع والفرد على كيفية الادلاء بصوته والاختيار ،إذ توجد أنظمة وقرارات لكن عند العودة للمجتمع المحلي نشاهد العصبية والعشائرية موجودة وحتى ممكن تصل للجار وابن العم ، أي أنتخب ابن عمي ولا أنتخب الجار حتى لو كانت المؤهلات لدى الغريب أقوى وأقوم من القريب، وهذه المسألة تحتاج لتمكين وتوعية وتدريب وتأهيل من قبل القنوات الإعلامية المتخصصة بذلك ، وعندما نتخلص من هذه المشكلة ممكن أن نطالب المنتخب ببرنامجه الانتخابي ، وماذا سيفعل وينفذ وماهي مؤهلاته، إذ لا يمكن أن أنتخب شخصا لا أعلم ما هو وما هي إنجازاته ومؤهلاته، وهنا يتوجب على السلطات التنفيذية التقييم بعد فترة محددة شهور أو عام ، وهل هو فعلا قام بأداء واجباته أم لا، وفي حال قام بها يتم تهيئته لمكان أفضل، وإن لم يقم بها يجب إيقاف عمله واستبداله بشخص آخر يكون مؤهلاً أكثر .
وتمنى الدكتور فارس أن يكون في نهاية الملتقى توصيات ترفع للجهات المعنية وتناقش من قبل المشاركين بالملتقى مع أصحاب القرار ، وأن يكون هناك سلسلة حوارات ومناقشة والإشارة لنقاط الضعف ومعالجتها وإيجاد حلول مثلى لها ، فعندما نرفع التوصيات المعقولة والمنطقية وتناقش مع شخص مناسب يتوقع أن يكون هناك صدى وفهم أكبر بآلية المشاركة بأي فعالية كانت وعلى مستوى كل المجالس ، كما أن المشكلة لا تكمن في الملتقيات أو اتخاذ القرار بل تكمن في المجتمع ، فلابد من المشاركة مع المجتمع وإجراء الحوار معه كي يتم انتقاء الشخص المناسب للمكان المناسب .
الإصلاحات بمنظومة الإدارة المحلية
سامر ضاحي من حركة البناء الوطني وباحث رئيسي في الملتقى أوضح أن الملتقى يناقش السياسات الاطارية التي من الممكن أن تطور منظومة إدارة التنمية المحلية في البلد لان إدارة عملية التنمية المحلية تكون عبر الإدارة المحلية، والجزأين السابقين للملتقى تم فيها التحدث حول نمط عمل المجالس بشكل مباشر سواء اقتصادي أو اجتماعي أو مالي، واليوم يتم التحدث عن التمثيل السياسي وماهو شكل التمثيل الذي نريده وهل التمثيل الموجود حاليا بحاجة لتطوير ولماذا نطوره، والتطوير ليخدم التنمية المحلية لنحقق أهداف قانون الإدارة المحلية الخمسة، وهذه الأهداف بحاجة لمجموعة من الإصلاحات بمنظومة الإدارة المحلية (إصلاحات سياسية على مستوى صنع القرار وتوزيع الصلاحيات)، واليوم ومن خلال التوصيات سيتم تجميعها والبحث عن آلية تنفيذها ، ثم يتم نشرها،ومن الممكن أن تخدم التوجه الحكومي نحو اللامركزية الإدارية، مع الحاجة لوضع خطوط عامة تخدم عملية بناء الخطة الوطنية اللامركزية الإدارية، ونحاول أن نضع السياسات التي يجب أن تراعيها هذه الخطة كنظرة مجتمع ممكن الجهات التنفيذية تقدم نظرة والسياسية كذلك تقدم نظرتها، مع الحاجة لإيصال رأي المجتمع السوري، وماذا يريد من اللامركزية ومن الإدارة المحلية ومن التنمية وماهو دور الإدارة المحلية بإدارة الاحتياجات المجتمعية جميعها.
الخطوة ضعيفة
رئيس مجلس محافظة حلب محمد حجازي أكد أهمية الملتقى، فهو يعنى بالتعافي المبكر والادارة المحلية ، وهناك عدة عقبات تواجه العمل على صعيد الإدارة المحلية ولاسيما مسألة التعاطي بين الوحدات الإدارية بين بعضها البعض ، أو بين القاعدة والمركز ، فتوجه الوزارة والحكومة اليوم نحو اللامركزية لكن هذا الأمر خصوصا في فترة قلة التعافي من الحرب والزلزال مازالت الخطوة ضعيفة واتمنى في وقت قريب أن تأخذ هذه الفكرة العلاقات الصحيحة في مسألة اللامركزية، ففي مدينة حلب لدينا مجلس المحافظة ضمن القانون ١٠٧ وله صلاحيات محددة لكن هذه الصلاحيات مازالت غير واضحة في هذا القانون رغم أنه قانون عصري لكن ليس تعليمات تنفيذية، وفي حلب لدينا مجلس مدينة وبالتالي هناك تنازع صلاحيات بين مجلس المدينة ومجلس المحافظة رغم ان أصغر وحدة إدارية في حلب في آخر المعمورة هو أمر صرف وعاقد نفقة أما رئيس مجلس المحافظة ليس كذلك.
وأضاف جحازي أن مجلس المحافظة يحاول تطوير العمل عبر طرح مشاريع اللجان الدائمة أو متابعة عمل اللجان المؤقتة لبعض القضايا، وبالنسبة للجان الدائمة نحاول إيجاد حلول معينة ضمن المحافظة لبعض المشاريع التنموية ونحض الوحدات الإدارية على المشاريع التنموية حتى تكون وارداتها أكبر، ولكن هذا الأمر ضعيف لدى هذه الوحدات نتيجة لعدم الخبرة، إذ نحتاج لتدريب وتأهيل مستمر للوحدات لاستثمار مواردها ونحاول المساعدة عبر تقديم الاستشارات ، ففي مجلس المحافظة أقرينا إحداث مشروع تربية ديدان الأرض التي ممكن أن تحل محل السماد وهو مشروع ناجح وعملنا عليه دراسة وسيتم تجريبه على ثلاث وحدات إدارية ونحاول أن نحض الوحدات الإدارية لتنفيذ المشاريع المختلفة وتقديم الاستشارات لكن مازالت الرؤية ضعيفة تجاه هذا الأمر، ونتمنى التدريب المستمر وورشات العمل والاهتمام من المركز بهذه القضايا ونتمنى أن تكون مخرجات الملتقى فاعلة وتلقى الصدى واهتمام الحكومة.