الثورة – ترجمة ختام أحمد:
في حين كانت كل الأنظار تتجه نحو غزة، كان الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لما يسميه الكثيرون “إبادة جماعية بطيئة”. ففي كل يوم، يهاجم المستوطنون الإسرائيليون العائلات الفلسطينية لطردها من أراضيها الخاصة. كما يدمرون آبار المياه ويحرقون المنازل ويعتدون على العائلات، ويواجه الفلسطينيون الذين يبقون على أراضيهم خطر الاعتقال.
ففي الأشهر العشرة الماضية، اعتُقل 9000 فلسطيني من الضفة الغربية واحتُجزوا دون تهمة أو محاكمة، وتعرض العديد منهم للتعذيب.
في تموز، قضت محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في العالم، بأن احتلال “إسرائيل” للضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة غير قانوني.
وقضت المحكمة بأن نظام الفصل الذي يعيش في ظله الشعب الفلسطيني ــ بما في ذلك الطرق المنفصلة، والوصول المقنن إلى المياه، والنظام القانوني المنفصل القائم على القانون العسكري ــ يرقى إلى مستوى الفصل العنصري.
وأمرت المحكمة “إسرائيل” بسحب مستوطنيها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودفع التعويضات، واحترام حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
في حين يتنافس الحزب الديمقراطي على الأصوات، طالب كثيرون الولايات المتحدة بفرض حظر على الأسلحة على “إسرائيل” كوسيلة للإشارة إلى رئيس الوزراء نتنياهو بأنه لا يستطيع الاستمرار في انتهاك القانون الدولي دون عقاب.
ما يعرفه قِلة من الناس هو أن حظر الأسلحة ليس فقط ما يريده 60% من الأميركيين ونحو 80% من الناخبين الديمقراطيين – بل إنه في الواقع مطلوب بالفعل بموجب القانون.
إن القانون الفيدرالي الأمريكي واضح: يجب على البلدان التي تتلقى تمويلاً عسكرياً أمريكياً أن تلتزم بمعايير حقوق الإنسان أو تخاطر بفقدان تمويلها.
ينص قانون المساعدات الخارجية على أنه لا يجوز تقديم أي مساعدة إلى دولة “تنخرط في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً”.
ويحظر قانون ليهي توفير الأسلحة “لأي وحدة تابعة لدولة أجنبية إذا كان لدى وزير الخارجية معلومات موثوقة تفيد بأن هذه الوحدة ارتكبت انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان”.
وتشمل الانتهاكات الجسيمة “التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، والاحتجاز لفترات طويلة دون توجيه اتهامات أو محاكمة، وإنكار صارخ آخر للحق في الحياة أو الحرية”، وهي جميعها أفعال وجد أن “إسرائيل” ارتكبتها من قبل محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة وحتى خبراء حقوق الإنسان والمحاكم الإسرائيلية.
وبناء على ذلك، فإن قوانيننا الأميركية تطالبنا بوقف التمويل العسكري لإسرائيل حتى تعالج سجلها في مجال حقوق الإنسان من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار الدائم في غزة والامتثال لأمر محكمة العدل الدولية بإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية.
في الثامن من شباط، وقع الرئيس بايدن على مذكرة الأمن القومي رقم 20 التي وافقت على الأقل على قوانيننا الفيدرالية. وقد طلبت المذكرة من وزير الخارجية الحصول على “ضمانات مكتوبة موثوقة ” من المتلقين الأجانب للمساعدات العسكرية بأنهم يستخدمون الأسلحة الأمريكية بما يتوافق مع القانون الدولي.
ويجب وقف المساعدات التي يحصلون عليها إذا فشلوا في تقديم مثل هذه الضمانات، أو ادّعوا ادعاءات لا تدعمها أدلة.
في شهر آذار، اعترفت وزارة الخارجية الأميركية بوجود “تقارير موثوقة عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان من جانب قوات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك عمليات قتل تعسفية أو غير قانونية، واختفاء قسري، وتعذيب، وانتهاكات خطيرة أثناء الصراع”.
ومع ذلك، وافقت الوزارة على “ضمانات” الحكومة الإسرائيلية، واستمر البيت الأبيض في الموافقة على مليارات الدولارات من عمليات نقل الأسلحة على الرغم من الانتهاكات المعترف بها للقانون الدولي.
وبحسب تقرير حديث لوزارة الدفاع الإسرائيلية، أرسلت الولايات المتحدة أكثر من 50 ألف طن من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى “إسرائيل” منذ السابع من تشرين الأول، بمعدل شحنتين من الأسلحة يومياً.
لذا، السؤال هنا لنائب الرئيس هاريس ــ إذا انتُخِبت رئيساً، هل “ستحرصين” على “تنفيذ” قوانين الولايات المتحدة “بإخلاص”، كما يقتضي دستورنا؟ هل ستتمسك باستمرار بالقوانين الفيدرالية التي تحظر تمويل الحكومات الأجنبية التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، بغض النظر عن مدى قوة تلك الحكومات أو جماعات الضغط التابعة لها؟ هل ستفي بالتزامك في المؤتمر الوطني الديمقراطي “بإنهاء هذه الحرب بحيث تصبح إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطيني من إدراك حقه في الأمان والكرامة والحرية وتقرير المصير؟”.
إن القيام بذلك يتطلب منا أن نطبق ما نقوله، وليس أن نكتفي بالقول. ويتطلب منا أن نغير سياساتنا، وليس أن نعبر عن مخاوفنا فحسب.
إن وقف التمويل العسكري لإسرائيل هو الحد الأدنى المطلوب لوقف قصف الأبرياء وتذكير أنفسنا بأننا في نهاية المطاف أمة قانون.
المصدر ـ موندويس