الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
تسارعت وتيرة وتكثيف تحركات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لتأجيج الحرب في أوكرانيا.
فمن ناحية، تعمل هذه التحركات على تثبيط مفاوضات السلام، ومن ناحية أخرى، تؤدي إلى تصعيد الصراع، حيث تتحمل أوكرانيا في نهاية المطاف أكبر تكلفة.
فقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن حزم مساعدات جديدة لأوكرانيا يوم الأربعاء الماضي خلال زيارتهما المشتركة للبلد الذي مزقته الحرب، وهي الزيارة الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد من الزمان.
ووفقاً للتقارير، ستقدم الولايات المتحدة لأوكرانيا 700 مليون دولار في شكل مساعدات إنسانية وطاقة، في حين ستخصص بريطانيا ما يقرب من 800 مليون دولار في شكل دعم مالي وإمدادات معدات عسكرية.
ومن المؤسف أنه في ظل اعتقاد الحلفاء الغربيين بأن الصراع يدخل “لحظة حرجة”، فإن هذه الزيارة المشتركة النادرة لا تهدف إلى إحلال السلام على الإطلاق.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الزيارة تعكس موقفاً سياسياً واضحاً للولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
ويريد الطرفان ضمان تبني أوكرانيا لموقف متشدد لا هوادة فيه واستنزاف روسيا عسكرياً من خلال المساعدات الغربية لأوكرانيا.
بالنسبة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فإن محادثات السلام ليست حتى خياراً، وإن نيتهم الحقيقية هي تأجيج نيران الحرب، وضمان استمرار أوكرانيا في العمل كبيدق في هذا الصراع المطول.
لقد استمرت أزمة أوكرانيا الآن لأكثر من عامين ونصف العام، وتحت التدخل العلني والسري من جانب الدول الغربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على وجه التحديد، تلاشت فرص السلام مراراً وتكراراً.
ومؤخراً، اعترفت السفيرة الأمريكية السابقة لدى حلف شمال الأطلسي فيكتوريا نولاند بأن الولايات المتحدة وحلفاءها نصحوا أوكرانيا برفض اتفاق سلام مع روسيا في عام 2022.
كما قال ديفيد أراخميا، وهو سياسي أوكراني، إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون زار كييف في عام 2022 لإبلاغ المسؤولين الأوكرانيين بأن الغرب لن يوقع أي شيء مع موسكو، وحثهم: “دعونا نقاتل فقط”.
ومع ذلك، فإن شعب أوكرانيا هو الذي دفع ثمن التحريض على “دعونا نقاتل فقط” بحياته، في حين تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتان تواصلان تأجيج النيران، حساب الفوائد السياسية والاقتصادية التي قد تجنيانها.
وبالنسبة للولايات المتحدة، تسبب “اقتصاد الحرب” الذي يخدم مصالحها الذاتية في إحداث أضرار ومعاناة هائلة للعديد من البلدان، في حين جلب في الوقت نفسه أرباحاً هائلة للمجمع العسكري الصناعي الأمريكي، ما أدى إلى تعزيز حلقة مفرغة بين “الحرب والربح”.
ولا عجب أن يصرح المرشح الرئاسي الأمريكي المستقل روبرت ف. كينيدي الابن ذات يوم أن الولايات المتحدة تعطل مفاوضات السلام لأن واشنطن “أرادت الحرب”.
وباعتبارها المرشحة الأولى للولايات المتحدة في احتواء روسيا، فقد اتبعت المملكة المتحدة واشنطن عن كثب في دعمها العسكري لأوكرانيا، على أمل الحصول على المزيد من الفوائد والنفوذ من أزمة أوكرانيا مع إظهار مكانتها كقوة عظمى وقدرتها على الحفاظ على السيطرة على الأمن الأوروبي.
ومع ذلك، فإن استمرار المملكة المتحدة في تسليح أوكرانيا لم يأت دون ثمن.
ففي حين تستفيد الولايات المتحدة بشكل هائل، فإن التأثيرات الجانبية لأزمة أوكرانيا زادت من خطر الركود التضخمي في المملكة المتحدة، كما أدت المساعدات العسكرية الضخمة إلى تفاقم الصعوبات المالية في البلاد، مع استمرار السخط الاجتماعي في النمو.
وبينما تجد أوروبا نفسها منجذبة إلى دوامة الصراع الروسي – الأوكراني من قبل الولايات المتحدة وغير قادرة على تحرير نفسها، يتعين على المملكة المتحدة أن تدرس بعناية مكاسبها وخسائرها الحقيقية وهي تتبع خطى واشنطن.
ومن عجيب المفارقات أنه في حين تنشغل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتأجيج الصراع وعرقلة محادثات السلام، تواصلان اتهام الصين بلا أساس بدعم الإجراءات العسكرية الروسية.
في واقع الأمر، ليست الصين هي صانعة الأزمة الأوكرانية ولا هي طرف فيها، وهي ملتزمة بتعزيز المحادثات من أجل السلام.
وباعتبارها المحرض الحقيقي للصراع بين روسيا وأوكرانيا، فلا ينبغي للولايات المتحدة وحلفائها أن يلقوا باللوم عن المشاكل التي خلقوها على الصين. وسوف تذهب محاولاتهم لتشويه سمعة الصين ظلماً وتصوير أنفسهم باعتبارهم “مدافعين عن السلام” سدى في نهاية المطاف.
المصدر- غلوبال تايمز

التالي