ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم: يلتقط الإرهاب أطراف الخيوط المتورمة، ويشعل معها وبإمرتها حقائب الموت والدمار، وينقل صور الانتقام السياسي، وبفارق زمني لا يكاد يلحظ ما يشهده من تصعيد.
وفي حين تتكرر حفلات المجون السياسي على المسرح الأممي.. وبإضافات بسيطة، تعاد الديباجات والمقدمات كما هي الخلاصات على المنابر الدولية التي باتت رهينة الكذب والافتراء والتضليل والتشويه إلى إشعار آخر..
والمثير في الأمر أنّ التحضيرات المسبقة لكل حفلة مجون جديدة وما يليها،تتشابه أو تتقاطع، فتجلد الأسرة الدولية والعالم مرة جديدة بإعادة سرد الروايات المتشابهة، رغم افتضاح فبركاتها وانكشاف ساحات الكذب الهائلة التي تنطوي عليها، بما في ذلك ما تم سحبه أو النأي عنه، ليطالعنا الصباح التالي بجولة إرهاب منظمة!!
هكذا بات انعقاد مجلس الأمن أو الجمعية العامة موعداً لتصعيد إرهابي يصل إلى مستويات ارتكاب المجازر، وبسعار سياسي يصل إلى حدود الهيستيريا المركبة، ولم يعد من الصعب تخيل المشهد التالي.
في الاستعراض السياسي تحولت الجلسات إلى تواريخ تبيض جرائم الإرهابيين من جهة، وتؤكد التصعيد السياسي من جهة ثانية.
اللافت وسط هذا وذاك أن السعار الإعلامي يقف متربصاً بكل كلمة أو تفصيل حتى يبني عليها حملة استنتاجات سياسية لا علاقة لها بالأصل الذي اقتبسته، بينما تكون حملات الاجتزاء والتحوير في ذروتها، وتمارس من خلالها صناعة المواقف الافتراضية لتستدرك من خلالها ما فاتها من أكاذيب وفبركات وافتراءات على الوقائع كما هي في المواقف.
وهكذا بعد كل جلسة نجد تحميلاً لهذا الموقف وإضافة على ذاك، واستنتاجاً من آخر، وتقويلاً لرابع لم يقله، فيكون الاستدراك بإرهاب جديد وبلبوس لا يتغير..!!
جلسة أمس الأول للجمعية العامة ومن ثم القراءات في تقرير المبعوث الدولي كانت إيذاناً واضحاً لإعادة الضخ في المسميات ذاتها، بل بوابة جديدة لإشاعة موجة جديدة من الإرهاب، كي يعوض الإفلاس السياسي، فيما نعيات المهمة تتوالى تباعاً بالتوازي مع تصاعد في العمليات الإرهابية والإجرامية للمسلحين والمرتزقة الذين يجدون فيها إشارة البدء في فصل جديد وأمر عمليات جديد.
والمفجع أن التراكض السياسي والإعلامي الغربي وبعض العربي يستكمل فصول مفارقاته بحديث المندوب الإسرائيلي، وهو ينتقل في حفلة أكاذيبه المسرودة وفق أمر عمليات موحد، يأخذ التطابق في المفردات والمصطلحات صيغة التعميم الصارم وشاهده.. التزام إسرائيلي بحرفيته .
ما يفوتهم دائماً أنّ التناغم هذا يعكس تأزماً أكثر مما يترجم انفراجاً، لأن الهفوات التي تتصف عادة بأنها فردية نجدها على الأغلب جماعية، وما يكذب به الفرنسيون هو ذاته الذي يسوقه الأميركيون، وما يفتري به بعض العرب هو ذاته ما يأخذ به الغرب وما يكرره الإسرائيلي، وما يتصدر هنا نراه في رأس القائمة هناك.. وأيضاً ما يسحب من التداول يتم تعميمه.
فإذا كانت الحرب على خطة أنان بدأت بنعيات تردد صداها في عواصم الجوقة بالحرفية ذاتها وإن تعدلت بعض المفردات، فإن العمل على إجهاضها سرعان ما ينسحب على الرؤية والخطاب وتالياً على الموقف والممارسة.
حفلات المجون السياسي التي تشهدها حلبات الأمم تشكل في جوهرها عينة صغيرة مما آلت إليه الأحوال التي تحولت إلى مسرح لتسويق الإرهاب والدفاع عن الإرهابيين، فيما الرعاة والممولون والمسوقون على القائمة الأكثر شمولاً بالعناية الأممية والأكثر استحواذاً على منابرها.
ما فات الجميع أنّ ما عجزوا عنه بالإرهاب، وما فشلوا به في التوظيف السياسي لن يحققوه في حفلات المجون تلك، ولا في سعار الحملات الهيستيرية التي تعقبها، ولعل في الإفادات السياسية المتلاحقة الممهدة سيناريوهات تحمل بذور إفلاسها في داخلها، وتطوي عوامل عجزها جنباً إلى جنب مع أدواتها.
الحدث السوري المحمول في حقائب الدبلوماسيين وفي أجندات السياسيين والحاضر دائماً على أفواه المتكلمين وألسنة المتحدثين.. والتي صادرت المنابر الدولية لاحتضان حفلات المجون السياسي حوله.. يثبت أنه المفصل الجديد في تراتبية المشهد الدولي.. حضوراً وتأثيراً وفاعلية..
والأهم أنه لن يكون إلا كما يريده السوريون حدثاً سورياً مقاوماً وممانعاً، مهما اتسعت حلبات المجابهة و.. مهما ازداد الإرهاب.. ومهما كثرت القوى والأطراف حتى وهي تستقوي بالإسرائيلي.. مهما دفعت وضخت.. في استثمار وتوظيف المرتزقة والقتلة.. حدث لا تصح معه المقارنة ولا القياس مع أي حدث آخر في العالم.
a-k-67@maktoob.com