الثورة – رزان أحمد:
تعتبر مرحلة الطفولة من أهم فترات الحياة وأكثرها تأثيراً في مستقبل الطفل، لكونها تؤثر في بناء شخصية الطفل.. ففي هذه الفترة تتشكل عاداته وإنجازاته ومواقفه، ويكون أكثر استجابة للتغيرات لتعديل السلوك وأكثر قدرة على اكتساب المهارات التي تساعده على التكيف.. هذا ما أشارت إليه الموجهة التربوية وصال العلي في حديثها لـ”الثورة”.
وبينت أنه مع التقدم التقني والإلكتروني المتسارع تطورت أساليب اللعب والترفيه، فظهرت الأجهزة والألعاب الالكترونية وأخذت حيزاً كبيراً من أوقاتهم، وأصبحت أكثر شيوعاً بما يعرف بالألعاب الالكترونية أو ألعاب الفيديو أو ألعاب الحاسب الآلي.
فهي- حسب رأي الموجهة التربوية- تجذب الأطفال بالرسوم والألوان والخيال والمغامرة، ما جعلها تنتشر انتشاراً واسعاً بالأسواق ودخلت المنازل وصارت هوساً بالنسبة للصغار والكبار.
ولفتت العلي إلى أن اللعب، كما نعلم حاجة أساسية من حاجات الطفل ومظهر من مظاهر سلوكه وله دور كبير في تكوين ثقافة الطفل، كما برزت الألعاب الالكترونية في الثمانينات مع التطور العلمي التكنولوجي والاستخدامات المتعددة للحاسوب، فكانت نقلة نوعية ومتميزة وقد مرت بمراحل متعددة حتى وصلت إلى شكلها الحالي.
تأثيرات صحية
وعن ماهية تأثيرات الألعاب الالكترونية على الأطفال من الناحية الصّحيّة والنفسية؟ أوضحت أن للألعاب الالكترونية سلبيات تؤثر على نظر الأطفال نتيجة الأشعة الكهرومغناطيسية المنبعثة من الشاشات وتسبب احمراراً بالعينيين ونقص فيتامين دال نتيجة عدم خروجهم للتعرض لأشعة الشمس، وآلام الظهر والتهابات في المفاصل، مع قلة النوم، إلى جانب إصابتهم بالسمنة لجلوسهم فترات طويلة أمام الشاشات.
أما من ناحية التأثير النفسي والسلوكي، فإنه يولد العنف والعدوانية والكسل والخمول واكتساب سلوك وحالات مرضية تؤثر على سلوك الأطفال من خلال زرع السلوك العدائي، فيجعله بالمستقبل فرداً يميل للجريمة والقتل، وشخصاً غير متوازن وضعيف التركيز، وأحياناً يؤدي إلى حالات انطوائية غير قادرة على التواصل الاجتماعي.
التأثير الاجتماعي
الموجهة العلي أشارت أيضاً إلى أنه قد يكون ضحية للمرض النفسي بمختلف أشكاله، بحيث تصنع طفلاً غير اجتماعي منعزل، وربما يقضي ساعات طوال أمام الشاشة من دون تواصل مع الآخرين، تجعل منه طفلاً منطوياً بذاته، ويفتقد المهارات الاجتماعية في إقامة الصداقات والتفاعل مع الآخرين ما يجعله خجولاً لا يجيد الكلام والتعبير عن نفسه، ويصبح طفلاً أنانياً لا يفكر في شيء سوى إشباع حاجاته.
وحول التأثير الأكاديمي ذكرت أنه تؤثر على دراسته ونطاق تفكيره بمعنى أنهم غير قادرين على الاستيقاظ باكراً ولا على تحمل المسؤولية، ما يؤثر سلباً على التحصيل الدراسي وإهمال الواجبات والهروب من المدرسة.
الأسرة أولاً
وإذا كان السؤال كيف يتصرف الأهل حيال أبنائهم، خاصة وأن البعض منهم أصبح مدمناً؟..
أضافت العلي: الأسرة تشكل خط الدفاع الأول في الحفاظ على أطفالنا وعلى تقاليدنا وعاداتنا وقيمنا، فالأب والأم هم القدوة وصانعو حياة الأطفال، إذ تقع عليهم المسؤولية الأكبر في تربية الأبناء تربية واعية وبناء الحضانة الذاتية في نفوس أبنائهم لترفض ما هو محرم، ومساعدة الأطفال على التفريق بين الواقع والخيال وأن عالم الألعاب الخفي لا يمثل الواقع.
إن التحدث مع الأبناء واللعب معهم بألعاب محبوبة لديهم وتخصيص الوقت لتشجيعهم واللعب معهم وتنمية عادة القراءة لديهم تؤدي إلى بناء طفل متوازن ناجح قادر على مواجهة الحياة بصعوباتها وبذلك لا يكون ضحية للألعاب الالكترونية.
وعن دور المدرسة في عملية التوجيه والتوعية والإرشاد خلال الحصص الدرسيّة، أكدت العلي أنه انطلاقاً من مقولة “المدرسة بيتنا الثاني”، فإن للمدرسة دوراً مهماً وكبيراً في تنشئة التلميذ وتنمية مهاراته وخبراته، لذلك تقتضي الحاجة أن يكون المدرّس محور العملية التربوية والإرشادية وأن يبذل جهده في تشجيع الطالب وتوجيهه إلى استعمال الانترنت بشكل إيجابي ويعود بالمتعة والفائدة عليه وذلك عن طريق إقامة حملات توعية حول الآثار السلبية والإيجابية للانترنت من خلال: نشر لوحات جدارية عليها رسومات تبيّن الآثار الإيجابية والسّلبية للانترنت، تشجيع التلاميذ على تنظيم وقتهم بين الدراسة والموهبة وتصفّح الانترنت، تشجيع التلميذ على البحث في مصادر التعلّم في الشابكة عن أفلام وثائقية تعود عليه بالمتعة والفائدة.
وعلى مستوى المدرسة، يجب توعية المجتمع المدرسي بأضرار الألعاب الالكترونية ذات المحتوى السلبي على الصعيد السلوكي والنفسي والتربوي والإكثار من الأنشطة التي تساعد على تخفيف الطاقة.
ورداً على سؤالنا هل يوجد آثار إيجابية للألعاب الالكترونية؟ وكيف يكون ذلك؟
بينت أن الألعاب الالكترونية سلاح ذو حدين فكما لها آثار سلبية أدت إلى الإدمان المفرط ما اضطر بعض الفئات إلى تحديد سن الأشخاص الذين يسمح لهم ممارسة هذه الألعاب في الأماكن العامة فإنها لا تخلو من الإيجابيات، وذلك في ظل وجود رقابة وإشراف تربوي في المنزل، فيبقى في وقت فراغه وتكون الألعاب شيّقة منها ألعاب الذكاء والذاكرة وألعاب التفكير الإبداعي وبذلك يولد عند الطفل تنشيط العقل والجسد ويصبح الطفل أكثر نشاطاً وحيوية وأكثر انخراطاً في المجتمع وبذلك يروّح عن نفسه ضمن توجيه الأهل ودون افتقاده وابتعاده عن العالم الخارجي.
وحول تصنيف الألعاب الالكترونية، أوضحت أن هناك ألعاب التدريب كألعاب كرة القدم والسلة والتنس وسباق السيارات والتدريب على قيادة الطائرات، ألعاب الحركة بحاجة إلى مهارة حركية من قبل اللاعبين، ألعاب الذكاء وألعاب التفكير (لعبة الورق/ الألغاز/ لعبة المزرعة السعيدة/ ألعاب عسكرية القدرة على الهجوم والدفاع).
نصائح مفيدة
وفي الختام قدمت الموجهة العلي نصائح تربوية لتخليص أبنائنا من إدمان الألعاب الالكترونية: من خلال التحاور مع الطفل، وإنشاء بنية وبيئة صحية، والتشجيع بممارسة الألعاب الرياضية، والتواصل الاجتماعي، والتحدّث مع الطفل حول أضرار الألعاب الالكترونية وممارستها بشكل مفرط، مع تنظيم الوقت وتحديد استخدام الحاسوب لساعة واحدة يومياً ولأغراض دراسية فقط، كما يجب عدم ترك الأجهزة الالكترونية بين يديه ودون مراقبة حتى لا يؤثر بشكل سلبي عليهم. وعدم استخدام الأجهزة بعد الساعة 6 مساءً، مع أخذ قسط من الراحة بعد الجلوس على مواقع التواصل الاجتماعي.
ونوهت بأنه لابد من حفظ الجهاز بعيداً عن متناول الأطفال وخارج غرفة نوم الأطفال، مع ضرورة التخلص من بعض التطبيقات المضرة للطفل، إضافة لتحديد جدول استخدام الجهاز وعدم تركه يأخذه في أي وقت كان.