رهاب الإخفاق.. كيف نتغلب عليه؟.. الاختصاصية محمود لـ «الثورة»: يعود إلى تجارب الحياة والأحداث المؤلمة
الثورة- حسين صقر:
من منا لم يطمح أن يكون رقماً صعباً في هذه الحياة، لكن الخوف والتردد يمنعانه ربما من التلفظ بكلمتين فقط في مجتمع تسوده رغبة الانتقاد وإحباط الآخرين، بدل مساعدتهم والأخذ بأيديهم إلى بر الأمان.
رهاب الإخفاق- أحد الأسباب التي «تفرمل» حركاتنا وتقيدنا وتجعلنا بمنأى عن المشاركة والتعبير، وإبداء الرأي وحتى توجيه السؤال، ولهذا غالباً ما يجد هذا الشخص أو ذاك نفسه بمنأى عن غيره، وبدل من أن يكون فاعلاً واعظاً، يتحول إلى مستمع قد يكون خجولاً أيضاً.
فرهاب الإخفاق المعروف بـ Atychiphobia هو نوع من الخوف غير الطبيعي والمستمر من الفشل، وغالباً ما يؤدي إلى اتباع أسلوب حياة في حدود ضيقة، ويدمر الذات ويقتل الطموح، وخاصة بتأثيره على رغبة الشخص في محاولة أداء بعض الأنشطة، ولهذا فالأشخاص المصابون برهاب الإخفاق يرون أن إمكانية فشلهم عالية ويفضلون عدم المجازفة، مع أن الحياة تطلب تلك المجازفة، لكن دون نسيان أن هناك أشخاصاً طموحين، ولكنهم غير مبادرين وهذا موضوع آخر.
«الثورة» التقت بعض الفعاليات والتي عبرت أن كثيراً من الناس يعانون هذا الإخفاق غير المبرر، ولكن بدرجات متفاوتة.
أفكار جديدة
المهندس حسن العلي قال: قد يدفعك نجاحك في حياتك العملية إلى التفكير في مشروع جديد أو حتى إنشاء شركة خاصة بك، فأنت تعلم أن لديك القدرات الكافية لتحقيق ذلك، لكن الخوف من الفشل يسيطر عليك، وخاصة عندما ترى أن 90% من الشركات المبتدئة فشلت وأغلقت أبوابها لتصبح بذلك جميع أفكارك وطموحاتك مجرد أحلام، ولكن مجرد التفكير بأن لديك خططاً وبرامج وأفكاراً مختلف لإدارة تلك الشركة، يدفعك للتفكير مرة أخرى بإحياء فكرة المشروع، مع أن هذا النوع من الخوف من الفشل يعتبر طبيعياً ومبرراً، ولكن إذا بقيت أسيراً لعدم المحاولة هنا يتحول إلى إخفاق مرضي، حيث الحياة مجازفة.
النظر للنسبة
سميرة محمد- مدير مدرسة- قالت: عند التفكير بالإخفاق لابد من النظر إلى نسب النجاح والفشل في المجتمع، وأن نقيس عليه تجارب الآخرين، فإذا كانت الأغلبية فاشلة، يتجب علينا العد للعشرة قبل البدء، وإذا كانت نسبة الناجحين هي الأكبر، ما علينا سوى الإقدام والمغامرة، وهذا ينطبق على أي شيء، وعندها أيضاً يدرك المتضرر أن هذا النوع من الخوف غير عقلاني ويضخم من حجم المشكلة في العقل الباطن.
الاختصاصية النفسية لمياء محمود قالت في هذا السياق: إن أسباب «رهاب الإخفاق» تعود إلى تجارب الحياة، في وقت يعتقد فيه العموم أن الرهاب ينشأ من الوراثة، وأن تصرفات الوالدين والأحداث المؤلمة والمحرجة التي تنشأ عن فشل طفيف في وقت مبكر من الحياة تسبب نشوء هذا النوع من الرهاب، ولهذا قد يُصاب أولئك الذين يعانون من رهاب الإخفاق من أعراض فسيولوجية، مثل عدم انتظام ضربات القلب وضيق في التنفس، واحمرار في الوجه والتعرق والارتعاش، وتظهر هذه الأعراض عندما يواجه المصابون إمكانية للفشل، كما هو الحال عندما يطلب منهم أداء مهمة يعتقدون أنها لا يمكن أن تكون ناجحة بنسبة مئة في المئة، وقد يعاني الشخص من انهيار، ولو ترك دون فحص فسوف تستمر هذه الأعراض وتزداد سوءاً.
التغلب عليه
في كثير من مجالات الحياة، تجد أن القليل من الأشخاص هم من ينجحون في بلوغ القمة ويسطرون إنجازات لم يسبق لأحد تحقيقها، عندما تستوضح مسيرة هؤلاء الأشخاص ستجد أن طريقهم لم يكن مفروشاً بالورود.
وقالت محمود: هناك بعض الخطوات البسيطة التي تساعد في السيطرة على الموقف والنهوض مجدداً، كتحمل المسؤولية، وهذا الأمر لن يأخذ منك الكثير من الوقت، وينبغي أن تعلم أنك الوحيد القادر على مساعدة نفسك في إيجاد الحلول وتغيير وضعك الحالي، إضافة لتحليل الموقف وضرورة ألا تستمر في تعذيب نفسك وتغرقها في إحباطات الماضي.
ونوهت بأنه يجب أن يكون الشخص إيجابياً، أي تفاؤلوا بالخير، تجدوه، بحيث تتخلص من جميع المشاعر السلبية.
وهنا تأتي مرحلة اتخاذ القرار، والأمر لن يستغرق سوى ثوانٍ معدودة، كما يجب عليك الاستفادة من خبرات الآخرين، مثل المعلمين أو المديرين أو أصحاب المشروعات الناجحة واحصل منهم على نصائح قد تفيدك في التخطيط بطريقة سليمة، ثم عليك وضع خطة جديدة بعد جمع كل المعلومات اللازمة، ثم الانغماس في العمل أو الموقف بكل جدية وثقة بالنفس، وهو ما سيجعلك تنسى الماضي وتبدأ البناء مجدداً، وأخيراً معرفة أن الفشل هو طريق النجاح، ومن لا يعمل لا يخطئ.