نقاشات وطروحات المشاركين في الحوار لتعديل المرسوم رقم 8 لعام 2021 الخاص بحماية المستهلك، والناظم لعمل وزارة التجارة الداخلية في هذا المجال، شهدت العديد من التباينات والاختلافات في وجهات النظر، والتقت جميعها عند أهمية تعديل بعض البنود الواردة في المرسوم.
ومما أتى على مسامعنا أن شريحة التجار والصناعيين تضررت إلى حد كبير من تطبيق المرسوم رقم 8، ومنهم ما وصل به الأمر إلى إغلاق أعماله وشعر بالظلم في مكان، والسبب غالباً يعود إلى التفسير الخاطىء والتطبيق الضبابي لأحكام المرسوم.
فثمة بنود ومواد تحتاج إلى إعادة النظر، وخاصة لجهة المخالفات البسيطة، وهي تتسبب أحياناً بالتوقف عن العمل، ويكون الضرر على العاملين في المنشأة، أي المخالفة بسيطة والضرر كبير.
أما ما يتعلق بالمخالفات الجسيمة، وهنا القانون فيجب أن لا يقبل المواربة بل التشدد بأقصى ما لديه من وسائل رادعة، وعليه لابد من إعادة تحديد هذا النوع من المخالفات، ولا ضير في أن تلاحق حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، فثمة مروجون ومتاجرون على تلك الصفحات للمواد المدعومة من قبل الدولة، وكذلك للمواد المغشوشة والمجهولة المصدر، وهؤلاء أشد ضرراً من غيرهم لأنهم أشخاص غير مرئيين.
وأعتقد من الأهمية الكبيرة ما يطرح خلال الجلسات الحوارية عن التدرج في العقوبة، فلا يعقل أن يتساوى بالعقوبة من يتاجر بكميات محدودة، ومن يتاجر بكميات تصل الأطنان، مع الأخذ بعين الاعتبار مصدر المادة.
اليوم مطلوب أكثر من أي وقت مضى العمل على قانون لا يقبل استغلال أي فقرة منه لتمرير أي مصلحة شخصية أو ممارسة فساد في مكان، والتسبب في أذية عامة، وإنما قانون يحفظ جميع الحقوق دون أي تلاعب، وأن يتمتع بالمرونة الكافية لأن يكون رادعاً للمخالفات، وفي الوقت نفسه لايؤثر على عملية الإنتاج بل أن يكون داعماً لها.
ناهيك عن ضرورة أن يكون القانون حافظاً لسمعة المنتج السوري، ومشجعاً للإقبال على المنتجات الوطنية من قبل المستثمرين والموردين الخارجيين، فعندما يكون القانون متطوراً وجاداً في عملية ضبط الأسواق والفعاليات، لاشك سيحظى بسمعة جيدة، وسيسهم في تحسين نوعية ومواصفات المنتجات، ويكون جاذباً لهذه الأسواق، ومشجعاً على زيادة العرض والطلب، أي إنه سيكون لمصلحة الجميع بمن فيهم المنتج والتاجر.