الثورة – يامن الجاجة:
رغم الاعتراض الكبير الذي كانت تُجابه به الأصوات التي تنادي بإلغاء الاحتراف الرياضي في كرتي القدم والسلة، وهما اللعبتان الشعبيتان الأولى والثانية في سوريا، إلا أن الواقع الجديد للبلاد بعد تحرير سوريا من النظام البائد، يفرض على الجميع التفكير بطريقة (براغماتية) تتوافق ومتطلبات المرحلة الجديدة، والواقع المتغير بطبيعة الحال، نتيجة تغير الظروف والتغير المنتظر لآليات العمل، في ظل تقبل أفكار كان مجرد طرحها من المحرمات.
مفهوم خاطئ
منذ إقرار قانون الاحتراف في رياضتنا، هناك إجماع على عدم فهم الاحتراف بكل جوانبه، وعدم وجود بيئة صالحة أساساً لتطبيقه، واقتصاره بالنسبة للاعبين على الجانب المادي، من دون أن يدرك كل طرف ماهية واجباته وحقوقه ومتى تصبح هذه الحقوق مستحقة؟
عجز مالي
ونتيجة الفهم الخاطئ لمفهوم الاحتراف، وقعت معظم الأندية، في حالة من العجز المالي، بعد أن وجدت إدارات الأندية نفسها في سباق محموم فيما بينها للحصول على خدمات هذا اللاعب أو ذاك، وفي ظل تراجع المستوى الفني لرياضتنا عموماً، وكرتي القدم والسلة على وجه الخصوص، انحصرت الجودة الفنية في عدد محدود من لاعبي اللعبتين الشعبيتين، وهو ما جعل اللاعب بموقف الطرف الأقوى القادر على فرض مطالبه المالية، بغض النظر عما إذا كان يستحق تلك المبالغ فعلاً أم لا ؟ لتصبح إدارات الأندية أمام حالة عجز مالي لتوفير الكتلة المالية الخاصة بالعقود، ولاسيما مع غياب الموارد المالية اللازمة لتغطية النفقات الكبيرة، خاصة أن معظم إدارات الأندية، وتحديداً الجماهيرية منها، كانت مضطرة في كل موسم للقيام بتعاقدات رنانة لإرضاء رغبة جماهيرها سواء كان الأمر كروياً أم سلوياً.
عجز قانوني
ولم تقتصر مشكلات تطبيق قانون الاحتراف على الشق المالي، لكنها امتدت أيضاً إلى الشق القانوني، بعد أن كشفت عدة أحداث ووقائع عن ثغرات وعيوب في تطبيق القانون المذكور، فيما يخص علاقة اللاعب مع النادي، أو علاقة النادي مع النادي، وكذلك علاقة الأندية مع اتحاد اللعبة.
غياب الكوادر
ولا يختلف اثنان على أن غياب الفهم والوعي بدور القانون، وعدم وجود مستشار قانوني في معظم الأندية، وفي ظل غياب وكلاء اللاعبين محلياً، وقعت جميع الأطراف بالمحظور على المستوى القانوني، سواء تعلق الأمر باللاعبين أم بالأندية أم حتى باتحادات الألعاب.
مَنْ يحكم؟
وما زاد الطين بلة عدم وجود محكمة رياضية في سوريا، ويتم الاحتكام في اتحاد كرة القدم إلى لجنة الانضباط، ومن ثم لجنة الاستئناف، قبل التوجه للجنة التمييز التي يشكلها الاتحاد الرياضي العام، كآخر مستوى من مستويات التحكيم في النزاعات القانونية رياضياً.
ويتشابه الحال بالنسبة لكرة السلة التي يتم فض النزاعات فيها عن طريق مكتب قانوني، أو لجنة قانونية في الاتحاد، دون وجود أي دور لمحكمة التحكيم الرياضي محلياً، نظراً لغياب هذا الكيان القانوني وعدم وجوده أساساً في رياضتنا.
آثار مضاعفة
ولم تتوقف آثار غياب المعرفة القانونية لدى الأفراد والمؤسسات عند حدود معينة، حيث جرّ هذا الجهل على أنديتنا غرامات مضاعفة، بسبب أخطاء قانونية كارثية، ولاسيما أن معظم اللاعبين والمدربين من أصحاب الشكاوى لجؤوا بشكل مباشر إلى محكمة التحكيم الرياضي في الفيفا (الكاس) لتحصيل حقوقهم من أنديتنا، فيما كان اللجوء إلى الاتحاد الدولي لكرة السلة (الفيبا) موجوداً في أكثر من شكوى، ولاسيما من اللاعبين الأجانب الذين تم التعاقد معهم للمشاركة مع أندية الدوري خلال المواسم القليلة الماضية، علماً أن كل تلك التبعات كان من الممكن تفاديها فيما لو كان نظامنا الرياضي يعترف بضرورة وجود محكمة تحكيم رياضي.
بعد فوات الأوان
وبعد أن فاحت رائحة الفساد، كنتيجة طبيعية للهدر والإهمال، وغياب الفهم القانوني لدى معظم إدارات الأندية، خرجت لجنة الاحتراف المركزية في الموسم الماضي، بقرارات كان هدفها ظاهراً التقليل من الشكاوى المقدمة على أنديتنا بعد أن تم إيقاف استقدام المحترفين من الخارج، ولكنها في الحقيقة قرارات تؤكد انفصام المسؤولين آنذاك عن الواقع، بسبب إصدار تلك القرارات بعد قيام الأندية بمعظم تعاقداتها، لتدخل معظم الأندية في حالة (حيص بيص)، لأن من أصدر القرارات المذكورة لم يكن قادراً على تبريرها وتفسيرها.
معطيات جديدة
وتكاد تكون الظروف التي تعيشها مسابقة الدوري الممتاز لكرة القدم ضبابية مصيرها سبباً جوهرياً للتفكير بتجميد قانون الاحتراف بشكله الحالي لموسمين أو أكثر، ريثما يتم إيجاد مصادر دخل مناسبة للأندية، وريثما يتم البت بالشكاوى التي يمكن أن يقدمها أكثر من لاعب، في ظل احتمال إلغاء المسابقة أو استكمالها في وقت لاحق سيطيل من عمر الموسم الرياضي الذي يحتسب من أول مباراة إلى آخر مباراة في عمر المشاركات المحلية للنادي.
#صحيفة_الثورة