الثورة – هنادة سمير:
أكثر من ١٠٠ ألف معتقل أو مفقود “قسريا” لايزال مصيرهم مجهولاً بعد سقوط النظام المجرم في عملية ردع العدوان وتحرير الآلاف من المعتقلين في سجونه سيئة السمعة.
ملف يحمل الكثير من الألم لأهالي هؤلاء الضحايا المغيبين الذين اختفوا فعلياً، بعيداً عن أحبائهم ومجتمعهم، عندما تم إلقاء القبض عليهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام وأفراد عصابته من الشوارع أو المنازل، ثم تم إنكارهم ورفض الكشف عن أماكن وجودهم ليبقى مصيرهم مجهولاً، وغالباً ما تعرضوا للتعذيب حتى الموت أو القتل أو الخوف المستمر من التعرض للقتل مع علمهم أن عائلاتهم ليس لديها أي فكرة عن أماكن وجودهم، وليس لديهم أي أمل في الحصول على المساعدة أو النجاة وهو ما يعتبر في العرف الإنساني والقانون الدولي جريمة نكراء.
فيما يتجرع أهالي هؤلاء المغيبين الأمرين ما بين آلام الفقد والخوف من المصير المجهول ومشاعر القلق والتوتر في انتظار معرفة خبر ما عن أحبتهم، وما بين قهر عمليات الابتزاز التي يتعرضون لها من قبل أزلام النظام وأفراد عصابته المقربين من الأفرع الأمنية والذين يتقاضون منهم المبالغ الطائلة المرة تلو المرة مقابل إعطائهم آمالاً كاذبة بالكشف عن أماكن وجود أبنائهم، أو معرفة مصيرهم إن كانوا أحياء أو أمواتاً.
الكاتبة والناشطة والصحفية وفا مصطفى، وهي ابنة معتقل مغيَّب منذ سنة ٢٠١٢، تؤكد أنه لا يجب التعامل مع المعتقلين المغيبين قسرياً كأرقام، فخلف ١٠٠ ألف مغيَّب عائلات مكلومة تقدر أعدادها بالملايين ينتظرون عنهم أي معلومة أو خبر وهم لديهم مطالب محقة بالحصول على معلومات وتفاصيل حول أماكن وظروف اعتقالهم ومصيرهم حتى لو كانوا أموات.
– رسائل طمئنة:
وبينت مصطفى أن أهالي المغيبين وذويهم يحتاجون إلى الشعور بأن قضيتهم ومطالبهم قيد النظر من قبل الإدارة الجديدة، وقد تجمَّع عدد منهم في ساحة الحجاز قبل فترة للتعبير عن مطالبهم والتي تتلخص في الاستماع إليهم ومخاطبتهم لبث رسائل طمأنة ورد الاعتبار إليهم تتعلق بتوضيح الخطوات التي تنوي الحكومة اتخاذها للتعامل مع هذا الملف من قبيل جمع الوثائق وتنظيمها ومنع العبث بها، كما جرى بعيد سقوط النظام، ومنع الدخول إلى المعتقلات لكونها مسارح جرائم تحمل أدلة ووثائق هامة، بالإضافة إلى التواصل المستمر معهم بهدف الوصول إلى خارطة طريق.
واعتبرت الناشطة وفا، أن كشف مصير المغيبين وتفاصيل عنهم تعزز السلم الأهلي بحيث تتولى الحكومة لا الأفراد قضية البحث والكشف عن مصائرهم عنهم ومحاسبة مرتكبي هذه النوعية من الجرائم.
– مختصون في المقابر الجماعية؛
وقالت: إنه لا يمكن إحباط بعض المطالب بحجة وجود مطالب صعبة كالكشف عن هويات ضحايا المقابر الجماعية وظروف وفاتهم أو اعتقالهم، فهناك منظمات دولية متخصصة في المقابر الجماعية، وهناك سوريون في الخارج خضعوا لدورات تدريبية لها علاقة بكيفية التعامل مع المقابر الجماعية بما في ذلك الحمض النووي للأشخاص، والأمر حالياً يمكن أن يبدأ من توفير الحماية للمقابر الجماعية ريثما يتم الوصول إلى خطة عمل جماعية.
– لجنة وطنية:
وأكدت أن لدى أبناء سوريا قدرات وخبرات متواضعة، ولكن لا يمكن العمل بتضافر الجهود بين السلطة المسؤولة عن حماية المعتقلات والأدلة والقضاء والمحاسبة والمقابر الجماعية ومنظمات المجتمع المدني والأهالي والمنظمات الدولية، واقترحت تأسيس لجنة وطنية دولية يمكن من خلالها رسم خارطة طريق للتعامل مع المقابر الجماعية، مطالبة جميع المنظمات السورية التي تعمل في الخارج في هذا المجال بالعمل من الداخل.
#صحيفة_الثورة