الثورة – جاك وهبه:
في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، تواجه سوريا تحديات كبيرة في قطاع التكنولوجيا، حيث لا تزال البنية التحتية غير مكتملة، ونظم الدفع الإلكتروني غائبة، والتشريعات بحاجة إلى تحديث لمواكبة العصر الرقمي، ومع ذلك، تبرز العديد من المبادرات الريادية التي تسعى إلى إدخال الحلول التقنية إلى مختلف القطاعات، مما يعكس إمكانيات واعدة للنمو والتطوير.ومن بين هذه المبادرات، يبرز مؤتمر “SYNC’25″، الذي يجمع نخبة من الخبراء السوريين والدوليين في مجالات التكنولوجيا وريادة الأعمال، بهدف تعزيز التواصل بين الخبرات السورية داخل البلاد وخارجها، وفتح آفاق جديدة للتعاون في المجال التقني، مما يسهم في تحفيز الاقتصاد الرقمي وخلق فرص عمل مستدامة.
صحيفة الثورة تابعت أعمال المؤتمر والتقت مؤسس شركة “Genius Tags”، عمر الحلبي، الذي تحدث عن دور التكنولوجيا في تحسين كفاءة العمل الإنساني، والتحديات التي تواجه الشركات الناشئة في سوريا.
رقمنة العمل الإنساني
وأكد الحلبي أن شركته أصبحت من الشركات الرائدة في تقديم الحلول التقنية للمؤسسات الإنسانية، حيث بدأت نشاطها في شمال سوريا وجنوب تركيا، بهدف رقمنة العمليات الميدانية وتحسين الأداء الإداري للمنظمات الإنسانية، وأوضح أن التحول من العمل الورقي إلى الأنظمة الرقمية ساهم في رفع كفاءة إدارة المشاريع وضبط العمليات اللوجستية، مما أدى إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
وأشار إلى أن الشركة توسعت خلال السنوات الماضية، فبعد أن بدأت بالتعاون مع منظمات محلية، أصبحت تعمل مع منظمات دولية، مما ساعدها على الانتشار في أكثر من 20 دولة حول العالم، من بينها العراق، لبنان، اليمن، السودان، الكونغو، ومالي، كما أكد أن “Genius Tags” أصبحت اليوم مرخصة في تركيا، دبي، بريطانيا، وأيرلندا، إلى جانب سوريا، مما يعكس حضورها القوي في السوق الدولية.
“كاشي”…خطوة جديدة
وكشف الحلبي عن إطلاق تطبيق “كاشي” عام 2023، وهو محفظة إلكترونية بدأ العمل بها في مدينة اعزاز، قبل أن يتم توسيع نطاقها لتشمل دمشق وباقي المحافظات السورية، موضحاً أن التطبيق حاليا في مرحلة الترخيص بالتنسيق مع وزارة المالية والمصرف المركزي، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي منه هو تقديم حلول مالية مبتكرة تخفف من تحديات التضخم وانخفاض قيمة العملة.
وأكد أن التطبيق يستهدف الفئات غير المشمولة بالخدمات المصرفية، مما يتيح لها الانضمام إلى النظام المالي الرقمي، وهو ما يعد خطوة أساسية نحو مستقبل اقتصادي أكثر استقراراً.
بناء الثقة
وحول أهمية المؤتمر، شدد الحلبي على أن الحدث يمثل نقطة تحول في إعادة بناء الثقة بين السوريين، خاصة بعد سنوات طويلة من التباعد، وأكد أن تعزيز التواصل بين أصحاب المشاريع والخبرات السورية داخل البلاد وخارجها يشكل خطوة ضرورية نحو إعادة إعمار الاقتصاد الوطني.
وأشار إلى أن المؤتمر أتاح فرصة حقيقية للتعرف على كفاءات سورية متميزة تعمل في مجالات مختلفة، مشيداً بالإمكانيات الكبيرة التي يمتلكها الشباب السوري، والتي تحتاج إلى دعم حقيقي لتزدهر.
تحديات القطاع التكنولوجي في سوريا
وفي حديثه عن العقبات التي تواجه الشركات الناشئة في سوريا، أكد الحلبي أن ضعف البنية التحتية يمثل إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون تطور هذا القطاع، حيث لا يزال الإنترنت غير مستقر ولا يغطي جميع المناطق، كما أشار إلى أن غياب أنظمة الدفع الإلكتروني يشكل عائقاً أمام الشركات التكنولوجية، إلى جانب أن التشريعات الحالية لا تواكب تطورات العصر الرقمي، مما يجعل تأسيس الشركات التقنية أمراً معقداً.
وأضاف أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تمنع الشركات المحلية من الوصول إلى أحدث التقنيات العالمية، مما يحد من قدرتها على المنافسة والابتكار في الأسواق الإقليمية والدولية.
فرص للنمو
ورغم هذه التحديات، أكد الحلبي أن الفرص لاتزال قائمة لتطوير القطاع الرقمي في سوريا، مشدداً على أهمية التعاون بين رواد الأعمال، الحكومة، والمنظمات الدولية لإيجاد حلول عملية تسهم في تحفيز الاقتصاد الرقمي.
وأعرب عن تفاؤله بأن هذه المبادرات، بما في ذلك هذا المؤتمر، ستساعد في رسم خارطة طريق جديدة لسوريا، قائمة على التكنولوجيا والابتكار والتعاون المشترك.
وكانت قد انطلقت فعاليات مؤتمر SYNC’25، يوم أمس في فندق الشيراتون بدمشق، تحت شعار “هيّا نناقش التكنولوجيا” (Let’s Tech It Out)، ويأتي المؤتمر الذي يقام بالتعاون مع جامعة دمشق والهيئات التعليمية الأكاديمية في سوريا، كمبادرة مدنية أطلقها رجال أعمال ومهندسون سوريون يعملون في منطقة وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا الأمريكية، بهدف تعزيز التعاون بين القطاع التكنولوجي في سوريا والخبرات العالمية، وفتح آفاق جديدة للمواهب السورية.
#صحيفة_الثورة