المواطنة كما يراها القانونيون

الثورة :

لعل مصطلح المواطنة ومصطلح المجتمع المدني، واللذين يشكلان حقيقة حية، أضحيا من أكثر المصطلحات تداولاً ولاسيما في أوساط السياسيين والمثقفين ورجال الفكر ومعظم المهتمين بالشأن العام تأسيساً على أن المواطنة والمجتمع المدني هما من مكونات شبكة مفاهيم متكاملة “الشعب – الوطن – المواطن – المجتمع المدني – الديمقراطية” وعلى هذا فإني سأتناول موضوع المواطنة والمجتمع المدني بعدة محاور.
المحور الأول: التعريف بالمواطنة والمجتمع المدني “النشأة- الظهور- المدلول- التعريف”.
آ- المواطنة: إن الجذر التاريخي للمواطنة ومدلولها يدعونا ابتداءً للحديث عن نشأتها وهذا يفترض استحضاراً سريعا لتطور المجتمعات ومآل النظرة لأفرادها حيث يصار لتلمس أبعاد المواطنة في تلك المجتمعات فقد كانت المواطنة مقيده بعدد من الأسس فالعمر والجنس والوضع الاجتماعي كانت تحول من وقت لآخر دون تمتع بعض الناس بهذه الحقوق التي يتمتع بها الآخرون .
وصحيح أن تعابير (المواطن – الشعب – الأمة) وردت في كتابات بعض المفكرين اليونان مثل أفلاطون 427- 347 ق.م وأرسطو 384-322 ق.م إلا أن ظهور مفهوم المواطنة ارتبط عملياً بالفصل بين الدين والدولة ولاسيما في أوربا حيث كان الملوك والأمراء يزعمون أنهم يستمدون سلطتهم من الآلهة وكان البابا يتوج الملوك والعلاقة هي علاقة الراعي بالرعية وليست علاقة مواطن بوطن.
وإن مفهوم المواطنة ارتبط بتطور المجتمعات ديمقراطياً ومستوى الأداء الديمقراطي فيها، فالمواطنة الحقة والفاعلة لا تكون إلا في مجتمعات ديمقراطية ومستوى الأداء الديمقراطي فيها، لأن المرتكز فيها المواطن والتعبير عن إرادته والأداء الديمقراطي السليم مرهون بجملة معطيات ومعايير العامل الحاسم فيها هو الوعي بأبعاده المختلفة فضلاً عن المؤسسات والتشريعات الناظمة وممارسة الحقوق والواجبات واشتراك حقيقي في الحياة بشؤونها المختلفة ومن المعروف تاريخياً ولاسيما المجتمعات القديمة التي لم يكن الناس جميعا أحراراً وبالتالي ليسوا مواطنين وكانت النساء لا تتمتع بحقوق المواطن وكذلك العبيد وكذلك من لم يبلغ العشرين من عمره وهذا ما كان معمولاً به لدى اليونان (مدينة أثينا).
وهناك بعض المهن كانت تحول أيضاً دون التمتع بحق المواطنة، ومنذ مطلع القرن 16 ظهر تيار فكري قوي تبناه أشهر فلاسفة العصر(مونتنسيكو- فولتير- روسو) والذين ناضلوا في سبيل إلغاء الرق واحترام حقوق الإنسان وإعطائه حقوقه المدنية.
وفي ظل ظروف النظام الملكي المطلق الذي ساد أوروبا انقسم المفكرون لقسمين،  قسم يؤيد الملك والحكم المطلق- وأشهر دعاته (هوبز- في انكلترا) و(لاباجاك بوسيه في فرنسا) وقسم آخر ينادي بالثورة على الطغيان ومنهم (جون لوك – جون ستيوارت في انكلترا ومونتنسيكو في فرنسا).
وأهم فكرة ظهرت بين هؤلاء الفلاسفة هي فكرة العقد الاجتماعي التي تفسير نشأة الدولة على أساس التعاقد الاجتماعي.
أيضاً كان موضوع المرأة وتحريرها أساسياً حيث كان الفيلسوف الانكليزي (جون ستيوارت مل) أول  من دعا إلى إعطاء المرأة حقها الانتخابي عمت دعوة تحرير المرأة أمريكا، وحصلت المرأة على حقوقها السياسية بعد الحرب العالمية الأولى ففي انكلترا 1918 وفي فرنسا 1944.
وحظيت المرأة في العصر الوسيط باهتمام شديد رفع من مكانتها ونالت الكثير من حقوقها التي حرمن منها في العصر الجاهلي ويعتبر الإسلام بتعاليمه الخاصة  بالمرأة نقلة نوعية في ميدان نيلها للحقوق وتكريمها، كما المشاركة في الحياة العامة والملكية والإرث وذمة مالية مستقلة والتعليم.
وأما في العصر الحديث فقد اتجهت معظم الأحزاب السياسية ورجال الفكر إلى تبني هذا المفهوم وإدراجه في البرامج والأدبيات والخطابات والدساتير كقاعدة تتسم  بالسمو والقداسة وتم إسباغ اوصاف وأنواع عدة على المواطنة منها (المواطنة – السليمة – الفاعلة – المنفعلة – المغيبة – الغائبة – السلبية – المحيدة) وكذلك كانت تعاريف عديدة طالت فهم ومدلول هذا المصطلح نذكر

منها:
1- المواطنة هي الحقوق والاستقرار والمشاركة في القرار.2- المواطنة مجموعة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الأفراد.
3- المواطنة حمل هوية الوطن واقتران ذلك بالحياة والمصير وليس الجنسية التي هي وحدة جغرافية سياسية ورابطة قانونية.
4- المواطن يعد جزءاً من المجتمع المدني بفئاته وقطاعاته المختلفة (عائلة – مدرسة – مهنة – نقابة – جمعية – حزب سياسي) وتتجلى المواطنة بالمشاركة من خلال هذه المنافذ.
5- المواطنة هي الجنسية وحصول المواطن عليها يمنحه حقوقاً ويترتب عليه واجبات تفترضها هذه الجنسية.
وإننا نرى أن هذه التعاريف تقترب من الصواب في حال إسقاطها على البلد الذي نشأت فيه أو ظهرت فيه بحسبان أن هناك خصوصية لبعض المجتمعات فمنها ما يتطابق فيها مفهوم الأمة والدولة (فرنسا) ومنها من لم يصل إلى ذلك ومنها ما يجعل القوميات منصهرة في الدولة ومنها تكون القومية فيها متخطية للحدود والأمثلة كثيرة.

ختاماً أعتقد أن المواطنة هي رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدولة وهي قيمة مقدسة عليا من مكوناتها الحقوق والواجبات وانضواء كافة الولاءات والانتماءات وهي فعل إيماني يفرض عيناً على أفرادها القيام بواجباتهم والمشاركة الفاعلة والمساهمة الجادة في بناء الوطن وحمايته واستقراره وازدهاره وتوحده.
المحامي ناصر حاج سليمان
#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
بعد انخفاض أجرة السرافيس إلى ألفي ليرة.. سائقون لا يلتزمون بالتسعيرة توزيع بذار البطاطا مستمر في حماة.. و5 ملايين ليرة سلفة يدفعها المزارع تفنيد للشائعات السفير عبد الهادي لـ"الثورة": ترامب واهم والشعب الفلسطيني لن يكرر مأساة 67 و48 صديق وفي التعادل يفرض كلمته في ديربي مدريد سلتنا في قطر استعداداً للنافذة الآسيوية الثالثة مساعٍ لتشكيل لجنة تطبيعية في اتحاد الكرة.. الفيفا لم يوافق على لجنة التسيير فكيف بلجنة تطبيعية؟! ليفركوزن يهدر نقطتين في سباق البوندسليغا فوز ميلان وأتلانتا في الكالتشيو ناشئات كرتنا يفتتحن مشوارهن بالخسارة! مهرجان الأطفال للجمباز نجاح وعروض شيقة كار الزراعة والمناخ معرض "لون الحرية" في طرطوس دُمى " كراسي" على خشبة قرطاج لفنون العرائس بعد ثلاثة أيام من الإبداع.. "خان الحرير" يودّع زواره بصفقات ناجحة مصدر في وزارة المالية لـ"الثورة": تأسيس شركة وساطة تأمين جديدة يدعم التسويق أستاذ جامعي لـ"الثورة": لابد من تصحيح السياسة النقدية بنتشيتش تحقق أول ألقابها في "أبو ظبي" مواجهات قوية في قرعة الأدوار النهائية لدوري أبطال أوروبا للسيدات