الثورة – رفاه الدروبي:
جال مركز فخري البارودي بالحضور عبر رحلة شيِّقة في عوالم المباني المنجزة في القرن السادس عشر الميلادي وإبداع القرن العشرين، للمهندسين فرناندو دي آراند وسنان، كونه المتخصِّص في تأهيل وترميم الآثار لماجستير الدراسات العليا في كلية الهندسة المعمارية بجامعة دمشق من خلال معرض موثَّق عنوانه: “إلى دي آراند من سنان” يتناول دراسة تاريخية وعرضاً للمخططات المعمارية، إضافة إلى النوافذ الخشبية والأحجار والأوتاد وكيفية التدعيم الأثري.
أهم المعماريين
مشرفة المعرض المهندسة يارا توما بيَّنت لـ”الثورة” أنَّ العرض ينقسم إلى جناحين في العام الحالي، ويركِّز على أهم معماريي السلطنة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي، إذ ضمَّ الجناح الأول أعمال المعماري سنان القادم من اسطنبول إلى الشام، وعاصر ثلاثة سلاطين أهمهم سليمان القانوني، ثم سافر معهم في حملاتهم كونه مهندساً حربياً، وترك آثاره المهمة في سوريا بمجمع الخسروي في حلب، والتكية السليمانية في دمشق، حيث أبرز المعرض طابع العمارة العثمانية المنجزة من قبله، وكيفية تأثر المباني الدمشقية به، وتأثيره بالعمارة العربية. المهندسة يارا لفتت إلى أنَّ القسم الثاني من المعرض خُصِّص للمعماري الإسباني فرناندو دي آراند القادم في نهاية السلطة العثمانية وبداية القرن العشرين أثناء حكم السلطان عبد الحميد، وكان مسؤولاً عن مبنى محطة الحجاز وقت إنجازها، وشارع العابد، قصر عطا الله الأيوبي، كلية الحقوق في جامعة دمشق، وله مبانٍ مميزة أعطت طابعاً شكَّل مزيجاً من العمارة الأوروبية وعمارة اسطنبول وعمارتنا.
دراسات توثيقية
بدوره مدير مركز فخري البارودي المهندس ياسر الجابي أشار خلال شرح مقتنيات المعرض إلى أنَّ العمل بدأ بدراسات توثيقية لطلبة ماجستير ترميم المباني الأثرية في المركز ليكون عبارة عن ملف تناول رصداً مشتركاً مع كلية العمارة لتأهيل التكية السليمانية من البداية حتى النهاية، وانطلق العمل من الدراسة التاريخية بكل تفصيلاتها المعمارية، وكيفية التدعيم بإشراف فرنسي- سوري، وكان البناء مستقراً، ولا يوجد هبوطات بالأعمدة، لكن المشكلة بدت في الهبوطات الأرضية، والأسباب تعود إلى أنَّ البناء يقع على كتف نهر بردى، حيث تستند الأعمدة على قواعد حجرية صغيرة، ولها أوتاد خشبية أسوة بفلورنسا ولندن وباريس، وكل المباني الموجودة على كتف الأنهار تكون على أوتاد خشبية للوصول إلى الطبقة القاسية للتدعيم من التربة، وأسباب انخفاض الأرضية يعود إلى ضخ المياه من مجمع يلبغا منذ أربعة عقود على مدى سبع سنوات ما ترك أثراً على الأبنية المحيطة، ومنها وزارة السياحة، البريد، التكية السليمانية فصارت المياه قليلة، وعندما تنخفض تهبط الأرض فتبدو المشكلة في البلاط وليس بالجملة الإنشائية المستقرة عبر مائة عام.
كما ذكر المهندس الجابي أنَّ القائمين على التدعيم عمدوا إلى حبس القواعد الحجرية بأساسات بيتونية وربطوا بينهما بشناجات، ما أدَّى إلى ضرر على البناء وحركة البيتون وبعد عشر سنوات حسب الدراسة المعمارية تبدو بعملية التمدد والتقلص عبر حركة الخشب والحجر وستترك أثراً على البناء، منوهاً إلى مشاركته بالعمل في بناء وزارة الداخلية عام ٢٠٠٦ إذ سبرت مؤسسة الإسكان العسكرية البناء وأُنجز الحفر بعمق ٩ أمتار، وتمَّ اكتشاف القواعد الحجرية تحت البناء والأوتاد الخشبية المطلية بالقطران المحافظ على الخشب وكأنَّه مادة بلاستيكية ولم يتحرك الخشب رغم مرور قرن من الزمن عليه، لكن المشكلة في بناء وزارة الداخلية ليست بالأوتاد وإنَّما بانخفاض التربة، كما ظهرت تشققات على الجدران.
#صحيفة_الثورة